على عكس المواسم السابقة، اندلعت الاحتجاجات على الحكام و التحكيم منذ الدورات الأولى من البطولة الاحترافية في نسختها الرابعة و التي تزامنت مع الموسم الأول، الذي أسندت فيه رئاسة المديرية الوطنية للتحكيم إلى الحكم الدولي السابق و المحاضر بالكاف، يحيى حدقة. وارتفعت وثيرة الاحتجاج، ومعها مسلسل إصدار و إشهار العقوبات في حق الحكام، بشكل فرض على رئيس الجامعة التدخل، بعد انتهاء الشطر الأول من البطولة، وسحب صلاحية التعيينات من يحيى حدقة وإسناد المصادقة عليها إلى رجل الجمارك عبدالمجيد بورة والحكم الدولي السابق مصطفى الزهر. وفي عهد المديرية الحالية، وإن صح التعبير في عهد اللجنة المركزية للتحكيم الحالية، صدرت بعض القرارات الغريبة، التي أضرت بمصالح بعض الفرق ونالت من مصداقية بعض الحكام، ولنا في البطاقة الصفراء الثانية التي نالها حارس الفتح الرباطي عادل المسكيني خير مثال على ذلك. ويعزو البعض ظهور مشاكل في التحكيم، في وقت مبكر، إلى الاختيارات الغير الموفقة لمدير المديرية الوطنية للتحكيم، يحيى حدقة، من تقليص عدد الأعضاء إلى أربعة، وقيامه بأغلب المهمات من تعيينات و تكوين ومحاضرات. ولتنوير الرأي المغربي، حاولت «المساء»، الاتصال بيحيى حدقة غير أن هاتفه كان يرن دون إجابة وهي المحاولات، التي تكررت في أكثر من مناسبة وسبقها اتصال بالناطق الرسمي للجامعة والمكلف بالاتصال، محمد مقروف، الذي لم يمانع في إجراء حوار مع مدير المديرية الوطنية للتحكيم، لكن حدقة فضل عدم الرد على الاتصالات. هيكلة المديرية وضع يحيى حدقة، مدير المديرية الوطنية للتحكيم، نفسه في الزاوية الضيقة حين قلص من عدد أعضاء المديرية واكتفى بأربعة أعضاء فقط، في الوقت الذي اشتغلت فيه المديرية السابقة، تحث رئاسة محمد الكزاز، بتسعة أعضاء. حافظ حدقة على الحكم السابق، عبد الله العاشيري، ثم استعان بخدمات كل من مصطفى ليدر، وسعيد الطاهري، وخديجة رزاك. تقليص عدد الأعضاء انعكس سلبا على أداء المديرية، التي وجدت نفسها أمام مجموعة من الملفات لم تقو على تدبيرها بل تفاقم الوضع ببروز مشاكل تهم بالأساس التعيينات وكثرة الاحتجاجات من طرف الفرق الوطنية، وهو ما جعل رئيس الجامعة، ورئيس اللجنة المركزية للتحكيم، فوزي لقجع، إلى الاستعانة بخدمات عبدالمجيد بورة، موظف بإدارة الجمارك، الذي استعان بدوره بالحكم السابق مصطفى الزهر قصد الإشراف على المصادقة على التعيينات بداية من الدورة 15 من البطولة الاحترافية. تشخيص متأخر صمت يحي حدقة، الذي عُين على رأس المديرية المركزية للتحكيم، خلفا لمحمد الكزاز، طويلا قبل أن تُجبره أخطاء الحكام في البطولة الاحترافية إلى الخروج إلى وسائل الإعلام، ليتحدث عن مرور التحكيم المغربي بأزمة كبيرة، قبل أن يعترف بارتكاب بعض الحكام لأخطاء أثرت على نتيجة بعض المباريات. حاول الرجل في بداية مهمته جبر الخواطر والتغاضي عن سلبيات المديرية السابقة ، قبل أن يشير أن من أبرز معالم الأزمة الراهنة وجود 19 ثلاثي لقيادة مباريات البطولة الاحترافية و القسم الوطني الثاني، فضلا على التوزيع الغير المتوازن بين العصب، في الوقت الذي بدأت فيه المديرية السابقة بعدد مهم من الثلاثيات، التي أحيل الكثير منها إلى التقاعد دون التفكير في الخلف، وإن كان العرض الأخير، الذي قدمته مديرية الكزاز، يحمل أرقاما توحي بأن التركة كانت إيجابية. ارتباك في التعيينات شكلت التعيينات واحدة من النقط السلبية للمديرية الحالية، وزاد عدم التوازن بين العصب من حيث عدد الثلاثيات من متاعب أعضاء المديرية، الذين كانوا، في غياب تحديد المهمات، يقومون بكل شيء، في الوقت الذي أسندت فيه المديرية السابقة مهمة التعيينات للحكم الدولي عبدالرحيم العرجون، الذي نجح بشكل كبير في مهمته بفضل قراءته المسبقة لبرنامج المباريات. تواجد 22 ثلاثي تحكيمي، من بينهم 7 ينتمون إلى عصبة الدارالبيضاء الكبرى و 3 بعصبة الغرب، غالبا ما يجعل هامش الاختيار جد ضئيل في المواجهات، التي تجمع فرق الدار البيضاء و الرباط. قلة العدد من حيث الكم و الكيف جعلت الحكم رشيد بولحواجب و رضوان جيد و عبدالرحيم اليعقوبي الأكثر تعيينا لمباريات الوداد الرياضي و الرجاء الرياضي، وجعلت الحكم عبدالعالي الزداني يقود مبارتين في دورة واحدة، حيث أدار مباراة الاتحاد الزموري للخميسات و الجيش الملكي برسم الجولة 19، ثم المباراة المؤجلة بين المغرب التطواني و أولمبيك آسفي. توقيفات بالجملة شكل نشر العقوبات الصادرة في حق حكام كرة القدم الوطنية واحدة من أبرز الخطوات التي ميزت المديرية الحالية. الإعلان على العقوبات أثر بشكل سلبي على مردود الحكام وجعلهم يعيشون ضغطا إضافيا ما جعل قرار النشر يلقى معارضة داخل المديرية، نتج عنه خلاف بين من وافق على الخطوة تنفيذا لقرار صدر من طرف رئيس اللجنة المركزية فوزي لقجع، ومن عارضه بدعوى أن الإشهار سيزيد من حجم الضغط الممارس على الحكام فضلا عن فقدانهم التركيز خلال قيادتهم للمباريات بعد العودة من العقوبة، في الوقت الذي أكد فيه رئيس المديرية أن مهمة الجامعة مساندة الحكام شريطة ظهورهم بمستوى يرقى إلى انتظارات وتطلعات كل المتداخلين في لعبة كرة القدم، مع التأكيد على أن الشفافية في قيادة منافسات كرة القدم أولوية الجميع. 6 رقم يخيف الحكام يلعب المراقب دورا أساسيا في تحديد مدة العقوبة وتظل النقطة التي يحملها تقرير المراقب هاجس كل الحكام، على اعتبار أن النقطة 6، وهي عتبة الغياب عن لائحة تعيينات الأسبوع القادم، تُخيف جميع الحكام. ويرى اختصاصيون في الميدان أن ضرورة الحصول على النقطة 7، معيار فيه نوع من الحيف، إذ يجب الأخذ بعين الاعتبار صعوبة المباراة و الظروف المحيطة بها، حيث أن الحصول على النقطة 6 في لقاء الديربي مثلا أو في مباراة تهم مقدمة أو أسفل الترتيب ربما تكون أفضل من الحصول على النقطة 9 في مباراة عادية لفرق تتوسط سبورة الترتيب، ويبقى التساؤل المطروح، هل يتوصل حكام البطولة بجميع أقسامها بتقارير المراقبين؟ التعويم لغة القرارات حملت أغلب بلاغات عقوبات التوقيف الصادرة في حق الحكام عبارة « نقص تقني»، وهو ما يعتبره البعض تعويما إذ يستوجب تحديد نوعية الأخطاء المرتكبة وبالتالي إصدار مدة التوقيف حسب مدى تأثير الخطأ على نتيجة المباراة. فضلا عن ذلك تجاهلت المديرية، في أكثر من مناسبة، رفع العقوبة في حالة العود، وهو ما حدث مع بعض الحكام، الذين غالبا ما كان توقيفهم تحث تأثير ضغط واحتجاجات الفرق، وكمثال على ذلك توقيف الحكم رشيد بولحواجب، الذي لم يرتكب أخطاء مؤثرة في نتيجة مباراة المغرب الفاسي و شباب الريف الحسيمي، كما أن صدور العقوبة جاء في وقت متأخر. بالإضافة إلى كل ما سبق، لا تأخذ العقوبات، في بعض الحالات، بعين الاعتبار رتبة الحكم، إذ في حال ارتكاب نفس الخطأ فإن العقوبة الصادرة في حق حكم وطني يجب أن تكون أخف من العقوبة الصادرة في حق حكم دولي. كرونولوجيا مديرية التحكيم ابتداء من التعيينات وانتهاء بالتوقيف تماشيا مع توجيهات «الفيفا»، أنشأت جامعة كرة القدم، في آخر موسم من ولاية حسني بنسليمان، المديرية الوطنية للتحكيم، وكان ساعتها محمد الشهبي رئيسا للجنة المركزية للتحكيم. أُسندت للمديرية المهام التقنية وتم اختيار الحكم الدولي يحيى حدقة على رأسها ومحمد الكزاز نائبا له. لم تتمكن المديرية من الاشتغال وظلت حبرا على ورق إلى حين انتخاب علي الفاسي الفهري رئيسا للجامعة في مارس من سنة 2009 وتعيين أحمد غيبي رئيسا للجنة المركزية للتحكيم. اختار أحمد غيبي أعضاء المديرية الجديدة، كما يخول له القانون ذلك، دون أن يُعين مديرا لها، وظل الحال على ما هو عليه لمدة سنتين، قبل أن يُعين محمد الكزاز على رأسها مع منحه كافة الصلاحيات سنة 2011، وهي السنة التي صدر في بدايتها (4 يناير) القانون التنظيمي الخاص بالحكام والتحكيم بالجامعة الملكية لكرة القدم. نجحت مديرية الكزاز، التي كانت تتشكل من 9 أعضاء، في مجموعة من الملفات، أبرزها ملف تعيينات الحكام، الذي كان يشرف عليه الحكم الدولي السابق عبدالرحيم العرجون، ومنح الفرصة لسبعة حكام من فئة الشباب سرعان ما نال ثلاثة منهم الشارة الدولية ويتعلق الأمر بيوسف هرواي، عادل زوراق ونورالدين الجعفري. قوة المديرية السابقة كانت تكمن في تقسيم المهام على الأعضاء التسعة، وهي المهام المنصوص عليها في في القانون التنظيمي الخاص بالحكام والتحكيم بالجامعة، غير أن ذلك لم يمنع من حدوث بعض الانزلاقات و اتهام أعضائها باستغلال النفوذ والشطط في استعمال السلطة. في 14 غشت 2014، عين رئيس الجامعة و رئيس اللجنة المركزية للتحكيم، فوزي لقجع، الحكم الدولي السابق، يحيى حدقة على رأس المديرية خلفا لمحمد الكزاز، وهو واحد من الكفاءات المغربية في مجال التحكيم إذ يحمل صفة مكون لدى الفيفا و الكاف، وإن كان لم ينل فرصته الكاملة في مجال التحكيم على الصعيد الدولي. بمجرد تعيينه، اقتصر حدقة على اختيار أربعة أعضاء فقط، حيث ضم فريق عمله كل من عبدالله العشيري، الوحيد الذي اشتغل مع محمد الكزاز، ومصطفى ليدر وسعيد الطاهري، وخديجة رزاك، وهو ما شكل نقطة ضعف بالنسبة للمديرية الجديدة، على اعتبار أن عدد الأعضاء لا يوازي عدد المهام الموكلة إليها. بعض المصادر أفادت ل»المساء» أن اختيارات يحي حدقة لم تكن صائبة، ما دفعه إلى الإشراف المباشر على جميع المهام، حيث كان يسهر على التعيينات، فيما يكتفي الأعضاء بإخبار الحكام، ثم إلقاء المحاضرات خلال الدورات التكوينية مستعينا بالمكونين الجهويين وليس بأعضاء فريق عمله. وشكلت التعيينات، وما تلاها من عملية توقيف في حق حكام البطولة، أبرز إخفاقات مديرية حدقة، ما استدعى رئيس الجامعة، فوزي لقجع، مباشرة بعد انتهاء الشطر الأول من البطولة الاحترافية وبطولة القسم الثاني، إلى التدخل و سحب القرارات النهائية للتعيينات، حيث استعان بموظف الجمارك، عبد المجيد بورة، الذي استعان بدوره بخدمات الحكم الدولي السابق مصطفى الزهر، وأوكل إليه مهمة المصادقة على التعيينات، فيما اقتصرت مهمة المديرية على الاقتراح فقط.