من بلمحجوب إلى بلهندة لم يكن يوم الأحد الماضي يوما عاديا لمونبوليي الفرنسي ولنا كمغاربة، برغم ما قد يطرحه الأمر من أسئلة الإستغراب، فإن كانت مدينة مونبوليي قد إحتفلت بفريقها وهو يتوج لأول مرة في تاريخه بطلا لفرنسا، وقد حسم موقعة كروية غاية في الإثارة مع نادي عاصمة الأنوار باريس سان جيرمان، فإن المغاربة تعلقوا بهذا الفريق، بل وجعلوه عشقا يسكن صدورهم لأنه يضم بين صفوفه ثلاثة لاعبين مغاربة يونس بلهندة، عبد الحميد الكوثري وكريم أيت فانا. ولأن حسم المتوج بلقب الليغ 1 بفرنسا ترك كما هو الحال عندنا في بطولتنا الإحترافية لآخر دورة، فإن المغاربة سارعوا بأعداد كبيرة إلى التسمر خلف شاشات التلفزة ليشهدوا ما كانت قد لاحت تباشيره، عيد التتويج لفريق يجلب العطف ليس فقط لأنه يضم ثلاثة لاعبين مغاربة ولاعبا تونسيا هو جمال السايحي، ولكن أيضا لأنه فريق أنجح مشروعه الرياضي بالإعتماد بشكل مثير للإعجاب على إستراتيجية تكوين كان قد تبناها منذ عودته إلى القسم الأول بفرنسا. وكان عنصر الإبهار في بلوغ مونبوليي إلى هذا التتويج الذي يستحق أن يلقب بالتتويج الأسطوري، هو أن هذا الفريق لا تتعدى موازنته السنوية 36 مليون أورو أي أنها تقل بستة ملايين أورو عن أكبر صفقات نادي باريس سان جيرمان المتنافس الأكبر على لقب الليغ 1 والذي كلفه جلب الأرجنتيني خافيير باستوري 42 مليون أورو، كما أن موازنته المالية تضعه في المركز الخامس عشر فرنسيا عندما ترتب الأندية بحسب نفقاتها السنوية. ولعلكم كنتم مثلي في غاية الإنجذاب إلى موقعة الحسم ليوم الأحد، حيث رحل مونبوليي من دون المايسترو بلهندة الذي سقط في المحظور وعرضه طرده لعقوبة التوقيف لثلاث مباريات، لمواجهة أوكسير إحدى قلاع التكوين الأكاديمي بفرنسا والذي أشهر للأسف إفلاسه الكروي منذ رحيل الأب الروحي غي رو، في وقت توجه فيه باريس سان جيرمان لمقابلة لوريون. ولأن المباراتين معا بما شابهما من أحداث، بخاصة تلك التي جرت بأوكسير وعرفت توقفات كثيرة، إنتهتا بفوز مونبوليي وفوز باريس سان جيرمان، فإن رفاق بلهندة والكوثري إنتصروا للكرة الجميلة، للكرة المؤسسة على عمق أكاديمي وللكرة التي تتقوى بما يوجد أصلا من لحم فنية ومن وثاقات تكتيكية من دون الخضوع كرها لمنطق الأرقام الفلكية. وقد وجدت أن فريق مونبوليي قد ربط تاريخيا بسنة 1974، وهي السنة التي تقدم فيها الرئيس الحالي لويس نيكولان لشرائه، علما بأنه لعب تحت مسميات أخرى منذ بداية القرن العشرين، ومثلما أنه يفخر اليوم بوجود المايسترو يونس بلهندة كأحد صانعي ملحمة التتويج التاريخية، فإنه يفخر أن أزمنته القديمة والتي تقترن كما قلت بمسميات مختلفة إقترنت بنجم مغربي تمثل هو الآخر صفات الأسطورية، هو المبدع والفنان، أمير حديقة الأمراء عبد الرحمن بلمحجوب الذي غادرنا إلى دار البقاء قبل نحو سنة من الآن.. عبد الرحمن بلمحجوب الذي أطلق شهابه ونيزكه الساحر من عاصمة الأضواء باريس وهو يبدأ مشوارا إحترافيا رائعا بنادي راسينغ باريس كانت له ثلاث سنوات رائعة قضاها بمونبوليي الذي كان يحمل وقتداك إسم الإتحاد الرياضي الأولمبي لمونبوليي، ثلاث سنوات ما بين 1960 و1963 لعب خلالها أمير حديقة الأمراء 106 مباراة وسجل 41 هدفا. وبرغم اختلاف الأزمنة واختلاف الأسماء والمسميات، فإن الإبداع المغربي يفخر بأن تكون له بصمته في تاريخ مونبوليي القديم والحديث على حد سواء، فبعد أن كتب عبد الرحمن بلمحجوب إليادات فنية بإسمه قبل نصف قرن، ها هو الحفيد المعتمد يونس بلهندة يوقع على فتوحات كروية جديدة بالأحمر والأخضر.. فكيف لا تريدون أن نكون منبوليونيين بالقلب وبالجوارح؟ أتمنى ومعي كل المغاربة أن يأتي يونس بلهندة بعد موسمه الخرافي والتاريخي إلى الفريق الوطني سعيدا بما تحقق له، متحفزا بدفقه الوطني ومتسلحا بما يملكه من ملكات فنية رائعة، ليرسم لأسود الأطلس زمنهم الجديد، الزمن الحالم بالوصول إلى كأس العالم بالبرازيل سنة 2014.