إنهم يسرقوننا كأنها نوبة صرع يصاب بها بالتناوب زملائي في قسم التحرير، يأثونني فرادا أو جماعة يحملون ذات الوجع، ذات المغص وذات الأنين.. فقد ضاقوا أكثر مني ذرعا بهذا الذي يحدث على مسرح جريمة إعلامية، الجناة فيها يعرفون بالإسم وبالصفة وبالجنحة أيضا ومع ذلك فهم طلقاء، أحرار، لا قانون يعاقب جنحتهم ولا وازع يردعهم ولا ضميرا مهنيا يؤنبهم. يكفي أن ننشر خبراً إنفراديا أو حصريا يهيم الزملاء على وجوههم من أجل أن يأتوا به محترمين في ذلك أدبيا السبق الإعلامي ومستثمرين ما يصلهم بمراكز القرار الرياضي من وشائج ثقة حتى نجده في اليوم الموالي، متحايلا على صيغته ومنشورا في هذه الصحفية أو تلك ما يفيد بوجود سرقة موصوفة يجب أن يعاقب عليها القانون. وأحيانا تكفي القراصنة يضع ثوان ليأخذوا خبرا منشورا على موقعنا الإلكتروني فينقلوه حرفيا بالنقطة والفاصلة إلى مواقع يقول أصحابها أنهم ما أوجدوها إلا ليحرروا الإعلام من أغلال الرقابة والرجعية والتبعية وما إلى ذلك من المصطلحات التي أفرغت للأسف من محتواها، إن لم يكن بعض الذين يصففونها مثل الأسلاك الحافظة لا يفهمون أصلا معناها.. وحاولت قدر ما أستطيع أن أعاكس التيار وأن أنقص من فداحة ما يجري لعلي أصرف زملائي عن حيطان الميكى التي يقفون عندها، برغم ما كنت أستشعره فيهم من لظى غيرة تشتعل بدواخلهم، فهم يشعرون أنهم يسرقون نهارا جهارا، يسلبون إبداعهم ويتاجر في مجهودهم هكذا بلا حسب أو رقيب.. مضى زمن شهرنا فيه بمحترفي السرقات الأدبية عندما كان البعض بلا أدنى حشكة يتطاول على حوارات صحفية منشورة، فيعيد نشرها في صحف أخرى بعد مرور وقت على نشرها بالمنتخب، ظنا منهم أن لا أحد يمكن أن ينتبه لهذه السرقات، واليوم نقف فيه جميعا لنشهر بوجه آخر لهذه السرقات، ما تتعرض له إنفرادات «المنتخب» الحوارية والإخبارية وحتى التحليلية من قرصنة موصوفة، منها ما يحجب المصدر كلية وفي ذلك تبني غير مشروع لعمل إعلامي ليس في الملكية، ومنها ما يورد المصدر ظنا منه أنه إلتزم بأدبيات الصحافة، مع أن هناك أصلا ما يمنع أخذ أخبار أو حوارات عن وسيلة إعلامية من دون الحصول على موافقتها.. بالأمس عقد السيد مصطفى الخلفي وزير الإتصال الناطق الرسمي بإسم الحكومة تنزيلا لمضامين الدستور المحين الذي يكفل حرية التعْبير بمختلف تمظهراتها وتفعيلا لمشروعنا الجديد القائم على مجتمع المعرفة والإعلام، لقاء موسعا مع القائمين على المواقع الإلكترونية والتي تدشن فعليا لانعطافة تاريخية في مسار الإعلام والمعرفة بالمغرب، كان الهدف منه هو تنظيف المناخ وتخليق الأدوات وخلق أجواء مهنية تساعد هذا الجناح الجديد للصحافة الوطنية على أن يكون في تمام عافيته وفي كامل جاهزيته للإسهام في صناعة الرأي بالمغرب. وقد كان بعض القائمين على هذه المواقع الإلكترونية سباقين إلى إظهار إنزعاجهم من شذوذ البعض عن جادة النزاهة الفكرية والثوابث الصحفية، بل هناك من إعتبرهم دعاة تخريب وتسطيح وتمييع للمشهد بهدف إبادة هذا الصرح الجديد الذي هو الصحافة الإلكترونية. وإذا كنا نطلق اليوم هذه الصرخة من «المنتخب» بعد طول صبر وتمالك للنفس فلأن السيل بلغ الزبا ولأننا لا نريد أن نكون كالشيطان الأخرس الساكت عن الحق وأيضا لأننا نتطلع في هذه الظرفية بالذات إلى أن نسهم خلقيا ومهنيا في توجيه الصحافة بكافة أجنحتها لتكون ذات مصداقية وذات عمق مهني وذات نزاهة فكرية، وهي كلها صفات لا بد وأن تتوفر لصحافة ترنو إلى إنجاح المشروع الديمقراطي.. نسمح بالتعددية كخيار في مجال الصحافة، ونقبل بوجود كل هذه الأطياف الإعلامية التي تتوحد في بناء فكر ورأي وحاضر الوطن، ولكننا لا نسمح بإسم حرية التعبير أن يكون هناك تطاول على مقدسات هذه الصحافة بالسكوت عن سرقات وجرائم إعلامية تأكل عرق الآخرين وتتاجر في إبداعهم بلا حسيب وبلا رقيب. ----------------- لا عذر ألتمسه للجامعة بكافة لجانها سواء تلك التي تصادق على نتائج المباريات وتصدر بشأنها أحكاما أو تلك التي تتصدى لاستئناف الأحكام المقدم من المتضررين، عندما تطيل عملية التصدي لبعض الحالات فتفتح أكثر من هامش للتأويل، بل وتحرض على الفتنة الكروية.. إلى اليوم لا نعرف قرارا رسميا للجامعة بشأن مباراة جرت بين النادي المكناسي والمغرب الفاسي يوم الثلاثاء 27 دجنبر 2011 عن الدورة 13 من البطولة الإحترافية، وهي المباراة التي كان الحكم بوشعيب لحرش قد أوقفها طبقا للقوانين بعد أن تعاظم الشغب فأصبح يهدد حياة اللاعبين.. كانت حجرة طائشة قد إنطلقت من المدرجات التي قيل أن جماهير النادي المكناسي كانت تتواجد بها لتصيب رأس لاعب المغرب الفاسي عبد المولى برابح فتفتح فيه ثقبا إستدعى تدخلا عاجلا لإيقاف النزيف.. كانت اللجنة التأديبية التي يلزمها دورها بإنزال العقوبات باختلاف مقاساتها على مرتكبي الجنح الموصوفة والمعرفة قانونا، قد عاقبت على الفور النادي المكناسي بأن فرضت عليه اللعب لثلاث مباريات من دون جمهور قبل أن تخفض العقوبة لمبارتين، بينما ظلت لجنة المصادقة على النتائج تنتظر أولا الآجال القانونية التي تسمح بالمصادقة على نتائج دورة بكاملها وتنتظر ثانيا ما ستكشف عنه التقارير المقدمة من مندوب وحكم المباراة، المباراة التي كان النادي المكناسي متقدما فيها بهدف واحد لحظة توقيفها.. ومن دون ترسيم لأي قرار يمكن أن تكون لجنة المصادقة على النتائج قد توصلت إليه بشأن مصير هذه المباراة، فإن أخبارا روجت لمشروع قرار، قبل أن يأتي من يقول بأن هذه اللجنة وبعد الإطلاع على المحاضر والصور والإثباثات عاقبت الفريقين معا بخصم نقطة من رصيدههما لأن جماهيرهما إشتركت في إشعال فتيل الشغب.. وكان طبيعي مع توصل الفريقين بشكل جد متأخر بالقرار الإبتدائي أن يستأنف الحكم، وهو ما أدخل هذه المباراة مجددا نفقا طويلا ومظلما، فمن قال أن لجنة الإستئناف ستؤكد قرار لجنة المصادقة على النتائج، ومن قال أن المباراة توقفت لإصابة لاعب من المغرب الفاسي، إذاً فهو من سيعلن فائزا بنقاطها الثلاث، وما كان مثيرا للإستغراب أن يقال بأن لجنة الإستئناف توصلت إلى القرار الملزم الذي لا نقض ولا إبرام بعده، وأنها مراعاة لوجود الفريقين في رحلة مشتركة للأدغال الإفريقية دفاعا عن سمعة كرة القدم المغربية ستؤجل لأيام النطق بهذا الحكم. عندما أسمع بعض أعضاء المكتب الجامعي يرفعون شعار أنه لا إجتهاد مع النص، يخيل لي أن القوانين المنظمة واضحة لهم وأن الوصول إلى قرار بشأن أي مخالفة للوائح لا يحتاج إلى كل هذا الإستنزاف للطاقة وللصبر، بينما الحقيقة أن هناك ما يحرض على الإجتهاد فيها هو مفروغ منه، وما يحرض على الإجتهاد الليونة التي تبديها الجامعة في التعاطي مع بعض القضايا، وهي بذلك تخلق سوابق ستسأل عنها ذات يوم كما كان الحال مع مباراة الموسم الماضي بين شباب الحسيمة والوداد التي كانت لها نفس الملابسات مع مباراة النادي المكناسي والمغرب الفاسي والتي تقرر إعادتها، كما أنها تعرض المشهد الكروي كله للإرتباك بخاصة وأن كل الأندية دخلت منعرجا حاسما تصبح النقطة فيه غالية جدا.. أتمنى أن تحترم الجامعة مساطرها وفصول قانونها وأن تلجأ فيما إستعصى عليها إلى أعلى هيئة التي هي الإتحاد الدولي لكرة القدم، بدل أن تجعل نفسها وأنديتها تحت رحمة السوابق التي تصبح لها مرجعية قانونية، ويصبح الإستثناء قاعدة والقاعدة إستثناءاً.