وداع العزيز ودنيا.. غني لبلدك هذه المرة سأقلب الحقيقة الرياضية إلى الحقيقة الفنية، إذ بكيت بغصة الوداع الأخير للفنان الشاب عبد العزيز العلوي الفكاهي المغربي الذي أظهر في وقت قياسي حلاوة أسلوبه الكوميدي وأسكن قلوب ملايين المغاربة جداول الإنجداب الفكاهي والإنسياب نحو طريق شهرة الرجل في التلفزيون والمسرح والسينما.. ولا أنسى شخصيا ما شهدته للراحل عبر مساره الفني أوراقا كوميدية في مسلسل دار الورثة، وسيكتوم «العام طويل» ومسرحيات رائعة كان أشد إثارتها الفعلية لنجمية الراحل في المسرح الوطني «هذا أنت» و«المرأة التي» وحتى في مسلسلاته التلفزيونية «عائلة السي مربوح» و«سير حتى تجي».. وما شدني في الراحل أنه كان فنانا لعائلتيه الصغرى والكبرى وحمل رسالة خلاقة وهادفة لمجتمعه المغربي في قالب كوميدي مطبوع بأحوال الواقع المعاش، لكن بابتسامة بطل أطل بسرعة ورحل عنا بسرعة الحرقة لقضاء الله وقدره، وفي هذه الفاجعة الأليمة التي هزتنا كإعلاميين مثلما هزت الأسرة الفنية والثقافية التي تقربت منه كبطل صاعد رحل عنها بصمت مفاجئ..وصمت الوفاء والأخلاق الحميدة والتواضع لله.. نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يرحم الفقيد بواسع رحمته وأن يتجاوز عن سيئاته وأن يلهم ذويه الصبر والسلوان.. إنا لله وإنا إليه راجعون. ======================= وبعد مشهد الألم، تطايرت أحلام الفنانة المغربية دنيا باطما في سماء نهائي برنامج «عرب أيدول» بالقناة إم بي سي بعد فشلها في نيل اللقب العربي الغنائي الذي آل طبعا للمصرية كارمن، مع أن التفوق الكبير في الصوت والأداء والقوة كان لدنيا أكثر بكثير من كارمن مع احترامي لكل المصريين وبروح رياضية فنية على أن المغربية باطما كانت هي شحرورة كل العرب وليس للمغاربة فقط بشهادة جميع المختصين والمحترفين في مجال الغناء والطرب العربي، وبأعلى نسبة تصويت في جميع الحلقات التي تخطتها دنيا باطما في جميع الحلقات الإقصائية بتفوق كبير وبمصطلحات تعبيرية من الفنانة أحلام «أنت سلطنتيني» ومن راغب علامة «يا دنيا يا غرامي».. و.... ... ومن الملحن المصري حسن الشافعي على غير السبق الذي حازته المصرية كارمن وهي التي كانت في أكثر من موقف أقرب إلى الإقصاء لولا بطاقة الإنقاذ التي استعملتها لجنة التحكيم للإستمرار في المسابقة. طبعا لا أريد الدخول في مشاحنات الأفضلية، لأن دنيا التي أطربتنا لم تخسر السباق الإحترافي في غياب كبار صناع اللحن والغناء في العالم العربي المفروض أن يكون هو حكم المسابقة وليس تصويت الشعوب، لأن في أرقام الساكنة فوارق كبيرة بين مصر والمغرب أولا وينضاف إليها شعوب المنطقة العربية، وتكون نتيجتها الحثمية طبعا وبلا مزايدات لمصر.. ولو كانت دولة عربية أخرى غير مصر لفازت دنيا أصلا.. ولو أن الرابح الأصلي في المسابقة هو المال والبيزنس وأشياء أخرى ربما قد يكون فيها الجمال هو الغالب على الصوت أو قد لا يكون التصويت الذي أهدر فيه الملايين إلا شكليا وربما تكون النتيجة مطبوخة لأسباب مجهولة، لأن في شهادة نجوى كرم «دنيا صوت خامة نادرة» أكثر بكثير من علامة فوز المصرية كارمن بالجائزة الكبرى، ولا أكثرت طبعا حتى ما امتدح به راغب علامة وحسن الشافعي المصري لأداء دنيا لأن المدح فيه لغز التفخيم و «الدهين» الذي يرفع المشاهدين المغاربة إلى تبجيل كبار الفنانين، بل قوة الإحترافية المدحية في مجال الغناء والطرب هي لعظماء الفن الأصيل كحكماء أي مسابقة عربية من مستوى عال وعال جدا بعيدا عن العاطفة، وليس من باب التصويت غير العاقل على الإطلاق.. وبعيدا عن هذا الفشل المفبرك، كنت أتمنى من دخول دنيا باطما للمغرب خلال الأسبوع الماضي بالتواضع المطلق وبلا بهرجة إعلامية ولا عْمَّارية ولا نْكّافة ولا استقبال حاشد ولا هم يحزنون إلا في زمنه المطلق للنجومية العالمية في أكبر الأوركيسترات العربية الأصيلة وليس في مسابقة مستهلكة، إذ ما يقوله المغاربة عادة في المثل الشعبي «نسبقوا الفرح بليلة» هو مثل قوي في الرؤية والحقيقة.. وباطما فرحت بالإحتفال الحاشد، وكان عليها فقط أن تخصص إعلانا تلفزيا بتصريح خاص وليس بطقوس زفاف ولادة نجمة رأت نفسها فائزة بالمسابقة مسبقا وهي على هودج العرائس، وهذا هو عيبنا دائما. إلى باطما.. أقول.. غنّي لبلدك، لأنك فعلا شحرورة مغربية، وأثبتت أنك أعلى بكثير من برنامج استوديو دوزيم ولا حتى «عراب أيدول» بقناة إم بي سي. غني في مغربك، واطربينا بالقوة الصاعدة لصوتك من دون أن تغتري مثل نجوم الكرة الذين يظهرون في سنة، ويأفلون بالتباهي والغرور المطلق، وإن خسرت محليا، فقد فزت بعشق المغاربة وكل العرب. وإن خسرت عربيا، فقد فزت بقلوب الملايين. واختاري أفضل ملحن، وأفضل كلام أصيل، وستكونين بالفعل قوة دافعة للغناء المغربي بحكم أن المغاربة عادة يتقنون جميع الإيقاعات العربية الكلاسيكية إلى ايقاعات العصر الحالي، ويتفوقون كثيرا حتى في مواقع أشهر الأوركيسترات العربية.. وعلى دنيا أخيرا أن تتقيد بلغة بلدها قبل أن تتكلم بالخليجية كأكبر نقد أوجهه لها ولكل الفنانين عامة.