ما هو ثمن ضياع الثقة؟ ما إن صدقنا جميعًا بأن مؤسسة الإتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) باتت تتمتع بحصانة ضد كل الأزمات المالية من الصنف الذي ضرب بعنق كبريات التجمعات الإقتصادية العالمية بخاصة خلال السنة الماضية، حتى ساقت انتخابات رئيس جديد للفيفا غيوما كثيرة أشاعت أجواء من القلق في محيط هذه المنظمة الكونية. وما بين لغة الأرقام المتفائلة التي قالت بوجود أرباح قياسية حققتها الفيفا في آخر ثلاث سنوات (20082009 و2010) وما بين إشتعال حرب باردة في الهوامش، بخاصة مع إشتداد المنافسة على رئاسة الفيفا بين جوزيف بلاتير الذي كان يطمح لولاية رابعة وأخيرة ولا يبدي أي إستعداد للتنازل عن هذا الطموح الرياضي كما وصفه هو وبين العربي والقطري محمد بن همام الذي حرضته جهات كثيرة على سحب البساط من تحت قدمي بلاتير، أمكن للعالم أن يكتشف الوجه الآخر للفيفا، الوجه الذي لا يعتد بلغة الأرقام ولا بفلكية الأرباح ولا بالهوس العالمي بكرة القدم، لأنه يقدم ملامح تحقيقه ما يحدث في الغرف السرية لصناعة القرار.. وإذا كانت الحرب الطاحنة من أجل نيل كرسي الزعامة والرئاسة قد أباحث ليس فقط الضرب من تحت الحزام لحماية المصالح، بل وأيضا التشهير بوجود حالات من الفساد وتمت التضحية في ذلك بأبرز عنصرين داخل اللجنة التنفيذية للفيفا التيرندادي جاك وارنير والقطري محمد بن همام، فإن الشركات والمؤسسات العالمية التي تتسابق في العادة لتكون المحتضن الأول للفيفا والمستشهر الذهبي للمونديال لم تقف مكتوفة الأيدي حيال هذا الوضع الشاذ والقضائي، وصاغ بعضها بيانات غضب وتنديد وعدم رضا بما يحصل في محيط الإتحاد الدولي لكرة القدم. وقال أغلبها أنه ينتظر باهتمام بالغ إلى ما ستفضي إليه التحقيقات بشأن ما راج عن وجود فساد ورشاوي، والواقع أن هذه الشركات الكبرى التي لها عمق في إقتصاديات العالم تجد في ما يشهد به من فساد في الفيفا مسا بمصداقيتها وخدشا لصورتها، وإن كنا جميعا نعرف ما يطرح من مبالغ مالية تحت الطاولة لربح المناقصات الإشهارية. وذهبت بعض الجهات المتخصصة في المال والأعمال إلى القول بأن النقط السوداء التي لطخت علنا ثوب الفيفا خلال السباق نحو رئاسة الفيفا من شأنها أن تنال من عنصر الثقة بين الفيفا ومستشهريها، بل إن الفيفا التي حققت 1.2 مليار دولار كفائض في ميزانيتها خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة باتت مهددة بخسائر مالية قد تناهز مليار جنيه إسترليني (الدولار يساوي 1.6جنيه).. وفي إنتظار أن يقوى بلاتير على رأب الصدع الخطير داخل الجهاز العالمي الذي يقوده بحكم ولاية رابعة إلى غاية 2015، فإن الشركات المتعددة الجنسية المرتبطة بعقود إستشهار مع الفيفا والتي تضخ في حسابها مليار و150 مليون جنيه استرليني ترى نفسها مجبرة اليوم على أن تضع ضوابط جديدة في إرتباطها بالفيفا، بخاصة منها الشركات التي ينتهي عقدها سنة 2014 مثل «طيران الإمارات»، «أديداس»، «سوني» و«فيزا» أو شركة «كوكاكولا» التي ينتهي عقدها سنة 2012.