بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر    زينب أسامة تطلق أغنيتها الجديدة "حدك هنا"...    تعزيز جاذبية المجالات الترابية في صلب مناقشات المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة        توقعات احوال الطقس ليوم السبت.. أمطار ضعيفة بالواحهة المتوسطية    من المغرب.. زوجة الرئيس الموريتاني تؤكد أن صحتها في تحسن مستمر وتثمن التعاطف الواسع ودعوات الشفاء لها    البنك الدولي يدعم المغرب لمواجهة تغير المناخ ب 250 مليون دولار    فريق الرجاء ينفصل عن المدرب سابينتو    توافق بين النقابات التعليمية والوزارة يقر ثلاث حركات انتقالية ويقطع مع كل أشكال التقييد    رسميا : يوسري بوزوق يغادر نادي الرجاء الرياضي بعد فسخ عقده بالتراضي    تساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1800م يومي السبت والأحد    إسكوبار الصحراء.. القضاء يصدر قرارا جديدا في حق بعيوي ومن معه    الملك محمد السادس يهنئ أمير دولة الكويت بمناسبة الذكرى الأولى لتوليه مسند إمارة دولة الكويت    دفاع بعيوي ينتقد محاضر الضابطة القضائية .. ومحامي الناصري يثير تقادم التهم    الدار البيضاء: جلسة تحقيق تفصيلية في قضية اغتصاب مثيرة للجدل    أخنوش يُشرف على توقيع اتفاقية لتطوير المحطة السياحية "موكادور" بالصويرة    شفشاون.. توقيف شاب يروج لأفكار متطرفة عبر فيسبوك        قيوح يكشف عن إجراء جديد يُسهل عملية شراء تذاكر الرحلات الداخلية عبر شركة الطيران "Ryanair"    نيويورك: الجمعية العامة الأممية تتبنى القرار المغربي بشأن السياحة المستدامة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    الإعلان عن فتح باب الترشح لجائزة علال الفاسي لسنة 2024    الذهب يتجه لخسائر أسبوعية والفضة قرب أسوأ أسبوع منذ دجنبر 2023    النفط يتراجع مدفوعا بمخاوف بشأن الطلب وقوة الدولار    التامني: بعد المحروقات والأوكسجين جاء الدور على الماء ليستولي عليه أخنوش    نيويورك: توجيه لوائح اتهام ل3 تجار مخدرات دوليين اعتقلتهم الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالمغرب في أبريل الماضي    دعوات للاحتجاج بالمدن المغربية في الذكرى الرابعة لتوقيع التطبيع    تطوان: معهد سرفانتس الإسباني يُبرز تاريخه ويعزز جمالية المدينة    هَنيئاً لِمَنْ دفَّأتْهُ الحُرُوبُ بِأشْلائِنَا!    التافه حين يصير رئيسًا: ملهاة مدينة في قبضة .. !    رئيس الإئتلاف الوطني من أجل اللغة المغربية ل " رسالة 24 ": التحدي السياسي هو أكبر تحدي يواجه اللغة العربية    مجلة دار النيابة تعود إلى الأكشاك بحلة جديدة بعد 40 سنة من إطلاقها    محاضرة للجويطي تقارب الرواية والتاريخ    بعد المصادقة عليه.. صدور قانون مالية 2025 بالجريدة الرسمية    7250 سوريا عادوا إلى بلدهم عبر الحدود الأردنية منذ سقوط الأسد    ريكاردو سابينتو يلوح بالرحيل: ظروف الرجاء لا تسمح بالاستمرار    الركراكي يرافق المنتخب المغربي في نهائيات كأس إفريقيا للمحليين    العصبة تكشف عن برنامج الجولة 16 أولى جولات الإياب    الملك: لا ينبغي على الجهات إغفال المخاطر والأزمات لأنها قد تواجه جملة من التهديدات المتنامية    ما قصة نسيم خليبات الفلسطيني الحامل للجنسية الإسرائيلية الذي سلمه المغرب لإسرائيل؟    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    رابطة الدوريات ترفض تقليص عدد الأندية    السينغالي مباي نيانغ يعلن رحيله عن الوداد ويودع مكونات الفريق برسالة مؤثرة    إضرابات القطارات في سيدني تهدد احتفالات ليلة رأس السنة الجديدة    وفد دبلوماسي أمريكي يصل إلى سوريا    سوريا إلى أين؟    كأس الرابطة الانجليزية.. توتنهام يتأهل لنصف النهاية على حساب مانشستر يونايتد    السوداوية المثقفية    الحكم بالحبس ضد سائق "InDrive" بعد اعتدائه على زبونة بطنجة    تسجيل وفيات بجهة الشمال بسبب "بوحمرون"    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    أرخص بنسبة 50 بالمائة.. إطلاق أول دواء مغربي لمعالجة الصرع باستخدام القنب الطبي    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموت الثاني للتيكي تاكا
نشر في المنتخب يوم 05 - 05 - 2014

إلى الآن لا نستطيع لا نحن ولا كل الخبراء والمحللين والذين رصدوا إياب نصف النهائي الأول لعصبة أبطال أوروبا بالأليانز أرينا متعاطفين ومتعصبين أو عاشقين لكرة القدم الجميلة، أن نستوعب هذا الذي حدث في الإصطدام التاريخي بين بايرن ميونيخ وريال مدريد، قد نملك تفسيرات لهذه المحرقة الغريبة والرهيبة، ولكن ليس بيننا من منع عن نفسه الدهشة ولا الشعور بالحسرة، فما وقع مساء يوم الثلاثاء هو زلزال بدرجة عالية جدا في سلم الصدمة ببعديها، أن يفوز ريال مدريد برباعية نظيفة في ملعب توقعه كارل هاينز رومنيغي رئيس البايرن أن يكون جحيما لملوك الريال، أن يسقط البافاريون بتلك الطريقة المشينة في ليلة ظنوها ليلة حلم ونعيم، شيء لا يصدقه العقل وأتحدى أن يكون هناك من تكهن بحدوثه.
قبل سنة من الآن بالتمام والكمال كان بايرن ميونيخ يعلن نفسه فارسا جديدا لكرة القدم الفاتنة والواقعية والجالبة للألقاب عندما نصب في الأليانز أرينا بميونيخ وفي النيو كامب ببرشلونة مقصلة تكتيكية شنقت بصورة جالبة للشفقة «التيكي تاكا» الكاتالونية، فقد توصل البايرن إلى هزم برشلونة بسباعية نظيفة ذهابا وإيابا ومن تم عبر إلى نهائي أمجد الكؤوس القارية ليضع اليد أخيرا على الكأس ذي الأذنين الطويلتين ويعلن سيدا على أندية أوروبا ثم العالم عندما تجاوز دورتموند الألماني بالملعب الأسطوري ويمبلي في النهائي الأوروبي والرجاء البيضاوي في نهائي المونديال، ورأى قياصرة البايرن أن التعاقد مع بيب غوارديولا الذي فتنت فلسفته كل العالم وهي تقود برشلونة إلى صنع الإعجاز الذي نعرف، يمكن أن يمتع أسلوب لعب البايرن الذي بلغ مرحلة متقدمة من المناعة مع يوب هاينكس مزيدا من التحصن، لتصبح المنظومة التكتيكية مستعصية على كل الخصوم مهما بلغ أداؤهم الجماعي من نجاعة.
سنة إذا بعد هذا الميلاد الرائع لبايرن ميونيخ الفريق المطحنة يأتي السقوط الشنيع، فما شاهدناه في الأليانز أرينا مساء الثلاثاء الماضي كان نسخة مشابهة تقريبا لما كان يوم أسقط البافاريون برشلونة في الدور نصف النهائي، نفس الموقعة ونفس الأسلحة ونفس النهاية الحزينة، فإن كان ما شاهدناه من البايرن هو «التيكي تاكا» باللغة الجرمانية فقد كان ذلك موتا ثانيا ل «التيكي تاكا» وإن كان ما رصدناه هو تعلق بالكرة القائمة أساسا على الإستحواذ، فما شاهدناه بالأليانز أرينا كان فعلا إعلانا عن إفلاس هذا المعتقد، فلا ملك فريق الكرة ولا سحق الإحصائيات التي نعرف من حيث نسبة الإمتلاك ومن حيث التمريرات الناجحة ومن حيث الهجمات المنظمة إذا كان مرتد أو مرتدان سيعطيانه الأهداف والتفوق.
بعد مباراة البرنابيو التي شهدت سقوط البايرن أمام ريال مدريد قبل أسبوع بهدف بنزيمة، طرح القيصر فرانز بيكنباور سؤالا إستنكاريا:
بماذا تنفع النسبة العالية لامتلاك الكرة إذا كان هناك عجز عن التهديف وإذا كان هناك تأخر بهدف وإذا كان للفريق المنافس فرص واضحة للتهديف كادت تجعل الخسارة كبيرة؟
كان سؤال بيكنباور الإستنكاري الذي يبطن رفضا مطلقا للمنحى التكتيكي الذي يأخذه البايرن مع غوارديولا إمتدادا لما كان قد قاله قبل نصف نهائي عصبة الأبطال عندما لمس النحث الغريب الذي يمارسه غوارديولا على أسلوب لعب البايرن، فقال: «لا نريد أن نشبه برشلونة، لا نريد أن يجلب أسلوب لعب البايرن الملل للجماهير ولا نريد أن تضيع هويتنا».
إزاء هذا النقد الموجه علنا لفلسفة غوارديولا والذي يرجح فرضية أن بيكنباور قد تحفظ على جلب صانع أمجاد برشلونة للبايرن، كان على صانع «التيكي تاكا» أن يدافع عن فلسفته وأن يبدي مقاومة لكل ما يمكن أن ينسف بداخله ما كان على الدوام مؤمنا به، وهو أن ينطلق في بناء فلسفة اللعب من حتمية امتلاك الكرة والضغط العالي لإبقاء الخصم متكوما في منطقته، في حالة دفاع دائمة ومحاولة إرباك منظومته الدفاعية مهما كانت متمنعة بالإختراقات وبالخلق المستمر للحلول الهجومية، إلا أنه مع هذا الذي حدث بالبرنابيو في مباراة الذهاب والريال يتقدم بهدف بنزيمة برغم نسبته الضعيفة في امتلاك الكرة، وأمام النقد الرهيب الذي ووجه به غوارديولا من الصحافة الألمانية ومن كبير قياصرة البايرن، كان بيب أمام خيارين إثنين أحلاهما مر، إما أن يصمد أمام غارات النقد ويتمسك بفلسفته ولا يحيد عنها مهما كلفه ذلك من ثمن، وإما أن يعدل المنظومة بالشكل الذي يلينها ويتجاوز بها عتبة اليأس والشيخوخة والعجز، ويحرص على أن يكون التكييف مستوحى من القوة الضاربة لريال مدريد الذي أظهر مبدئيا قدرة رهيبة على أن يكيف لعبه بالطريقة التي تسمح له بتطويع ومقاومة بل والإجهاز على كل المنظومات التكتيكية حتى لو كانت «التيكي تاكا» بدليل ما فعله في نهائي كأس ملك إسبانيا مع الغريم برشلونة عندما نجح في ربح كل النزالات التكتيكية الجماعية والفردية وعندما قدم للأمانة مجسما للكرة الواقعية التي تحضر كل مرة لتجهز على الوجه الأسطوري لمنظومات تكتيكية توصف أحيانا بالمنظومات الثورية.
مؤسف أن يكون غوارديولا قد خسر الخيارين معا، وما خسرهما إلا لأنه أساء التوقع، فبينما ساد لديه الإعتقاد أن ريال مدريد سيأتي إلى ميونيخ ليفعل بالتمام والكمال ما فعله بمعقله بالبرنابيو خلال لقاء الذهاب، أن يكون مدافعا ومتكوما في منطقته، صابرا على كل نوبات الضغط الجارف وقانعا بما يناله من كرات يحولها بعد ذلك إلى قذائف من نار يوجهها كالحمم لمرمى نويير حارس الباييرن، إذا بكارلو أنشيلوتي يعود مطمئنا لا مكرها إلى منظومته 433 بإشراك ثلاثة لاعبين ذوي طابع هجومي (رونالدو، بنزيمة وغاريث بيل) وإذا به يدخل المباراة من البداية مهاجما لا مدافعا لينجح بنسبة توفيق عالية في تسجيل هدفين لراموس في أقل من 20 دقيقة لتصبح المهمة شبه مستحيلة على البايرن، فعندما يفرض الأمر تسجيل أربعة أهداف، وعندما يكون الفريق المنافس متمتعا بقدر عال من الأريحية والهدوء والوثوق بالقدرات، يصبح وصول البايرن إلى النهائي الثالث على التوالي أشبه بالمعجزة، وقد كان من المستحيل أن تحدث المعجزة، فقد سقط البايرن على أرضه برباعية قاتلة، خسر لمباراتين متتاليتين في العصبة الأوروبية من دون أن يسجل أي هدف هو من حطم هذا الموسم كل الأرقام وغادر المنافسة التي هو بطل نسختها الماضية بأفدح وأفظع صورة، ليكون الجحيم الذي توقع رومنيغي أن ينسف الريال بالأليانز أرينا قد أحرق البايرن نفسه وأحرق «التيكي تاكا» في نسختها الألمانية.
هل بعد هذا الذي شاهدناه من ريال مدريد في مباراة ميونيخ التاريخية، يمكن أن نقول بوصول الملكي فريق القرن بأوروبا إلى النجمة الأوروبية العاشرة؟
هناك في ملعب النور بلشبونة سيكون على ملوك الريال أن يبرمجوا ليلة الرابع والعشرين من ماي نظاما تكتيكيا جديدا يقودهم رأسا إلى الجلوس مجددا على عرش أوروبا وإلى القبض على النجمة العاشرة التي كانت لهم منذ أربع سنوات مصدر هوس..
هناك في ملعب النور ستكون للحكاية خاتمة مشوقة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.