لأنهم أولاد بلادي، فهم لا يعرفون مستحيلا.. ولأنهم أبناء هذا الوطن الذي لا يهاب الصعاب ولا يتهيب صعود القمم والهضاب، فإنهم كتبوا على أرض عربية في دوحة العرب والمونديال ملحمة كروية ستخلدهم في التاريخ.. كان فريقنا الوطني يحتاج في اليوم الذي من الله علينا بأمطار الخير، إلى نقطة لا غير، ليعيد كتابة التاريخ، ويحقق الصعود للمرة الثانية لنهائيات كأس العالم، لكنه أبى إلا أن يكتب الكثير من الصفحات في وقت واحد، ويزيح كثيرا من الأرقام في مباراة واحدة ويصنع السعادة ليس للمغاربة فحسب بل لكل الأفارقة ولكل العرب. فريقنا الوطني الذي بات سفيرا وحيدا للعرب في مونديال ينظم على أرض عربية، حقق التأهل التاريخي بشكل غير مسبوق، صحيح أنه يفعل ذلك للمرة الثانية، بعد أن كانت المرة الأولى لجيل الزاكي، بودربالة والتيمومي، لكن ما فعله هذه المرة أنه حقق 7 نقاط وحقق انتصارين في نسخة واحدة، وصدق نبوءة من تنبأوا بأنه سيكون من فرسان المونديال، وخيب رجاء من توقعوا أنه سينسحب من الدور الأول وهو يجتر الهزائم. لم يتزحزح وليد الركرؤاكي في يوم كتب فيه هو الآخر مجدا للإطار التقني الوطني، عن قناعاته ولا عن استراتيجياته، فقط عدل خط الوسط بأن أدخل عبد الحميد صبيري بدلا من سليم أملاح الذي لم يكن عشفائه قد اكتمل، وعوض أن يلعب كما فعل أمام كرواتياوبلجيكا متحفظا ومتأخرا في منطقته، كان مبادرا من البداية وهو ما سيعطيه فرصة التقدم بهدفي زياش والنصيري، ليعبر بالكامل إلى منطقة الآمان، بل إن هذا التقدم هو ما أوحى للاعبين بأنهم سيكون من الأفضل العودة إلى الوعاء التكتيكمي الأول القائم علبى إقفال المنطقة بالمزلاج. وللأمانة فإن الفريق الوطني سيوقع على جولة أولى أخرى نموذجية، كاد أن ينهيها بثلاثية لهدف، لولا أن التموضع الخاطئ لنايف أكرد ساهم في عدم احتساب هدف النصيري وقد كان في طريقه لتوقيع ثنائية تاريخية في المونديال، تجعله الهداف التاريخي للأسود في كأس العالم. ولأن المنتخب الكندي الذي يتمتع بسرعة رهيبة عند التحول من الحالة الدفاعية للحالة الهجومية، لم يكن لديه ما يخسره من مباراة ثالثة لا تغير من واقع الإقصاء شيئا، إلا تحقيق نقطة واحدة على الأقل في هذا المونديال، فإنه سيحكم قبضته على المباراة في الجولة الثانية، وسيكون الأكثر استحواذا والأكثر ضغطا، ولو أن ذلك أعاد الفريق الوطني لوزضع ألفه وتمرس به وهو اللعب تحت الضغط، إلا أن ذلك كاد أن يتسبب لنا في وجع رهيب، وكرة المهاجم الكندي كمال ميللر تصطدم بالقائم وتنزل على خط مرمى الحارس بونو. وبرغم كل التغييرات التي أحدثها وليد لخنق الشريان الهجومي الكندي إلا أن ذلك لم ينفع في ترويض سعارهم، فقد احتاج الفريق الوطني إلى رباطة جأش عالية لكبح جماح الكنديين لغاية إعلان الحكم البرازيلي عن المباراة التي ستخلد كحال مباراة بلجيكا، في الذاكرة، كيف وهي تمنحنا الفوز الرابع في المونديال، كيف لا وهي تمنحنا صدارة مجموعة الموت التي باع الكثيرون جلدنا فيها قبل المونديال، كيف لا وهؤلاء الأسود يعبرون بسبع نقاط ويكتبون صفحة جديدة في ملحمة المكسيك. طوبى لكم يا أبناء بلادي، طوبى لكم أنتم من تنتمون لشعب يطلب المعالي، طوبى لكم يا أبطال، فقد أصبحتم أصحاب السعادة.