الوضع ما عاد يقبل السكوت عنه، هو ملف يستحق تشريحا دقيقا لمعرفة الأسباب والمسببات، كونه مشهد مخل بقيم الأخلاق والحياء، دخيل على مجتمعنا المغربي وثقافتنا الكروية مثلما رافقناها بعد بزوغ الإستقلال. ولعل تسونامي العقوبات الذي هوي منتصف ليلة الجمعة على عديد الوجوه، لاعبين ومدربين ومسؤولين وبغرامات مالية فيها نظر بين المتوسطة والثقيلة مثلما حدث مع سيء الذكر الغابوني إكسيل مايي، هو وضع يفرض مثل هذه الوقفة. عقوبات سندها، الخروج عن نص الأخلاق وبشكل تطوعي مجاني، مبررها تجازات غير مقبولة وأحيانا مكررة بحالات العودة لعناصر بعينها مثلما حدث مع محسن متولي الذي عوقب في أقل من شهرين مرتين لنفس التصرف «الإحتفال بشكل غير لائق أخلاقيا إما بالهدف أو الإنتصار» ليراكم في المجموع 4 مباريات وغرامة مالية موازية. وحين يخطئ لاعب بقيمة وقيدومية متولي وما يمثله للنشء وخاصة مريديه من محبي الرجاء، من نموذج وأحيانا نبراس كي لا نقول قدوة، فهنا تكمن درجة الخطورة والفحش، بما تجلى في منصات التواصل وقد غزت صور صغار ومراهقين اختاروا التعاطف مع «المش» بتقليد حركته الفاضحة السمجة . مسلك احتفالي شاذ كرره جلال الداودي لاعب الوداد في رد وتنافس قبيح مع متولي، بعد الفوز أمام نهضة بركان وكأن ملعب بركان صار قبلة وفضاء لكل من تسول له نفسه هذا المروق والتفسخ الخلقي، فعوقب بمباراتين وغرامة مليوني سنتيم، والفعل ذاته هو استمرار لما بدر عن بانون وإسماعيل الحداد فيما مضى، ولما كرره أشرف داري والحسوني راهنا والموسم المنصرم. ولعله وضع يبرز أن اللاعب المحلي غارق في ضحالة الهواية حتى أخمص القدمين، وإلا كيف نفسر تكرار الفعل وحالات العود والقبول بالغرامات التي تتجاوز ما يتقاضونه من منح الفوز في المباراة التي يحتفلون فيها. ولأن الشيء بالشيء يذكر، فقد عرضنا سابقا لقصة محمد نهيري والذي حاد عن السكة الصحيحة منذ فترة بغرقه في وهم وإدمان التصريحات الهاوية الخرقاء، بتسفيه منافسيه وتبخيس خصومه والنيل منهم بشكل ذميم وغير مقبول، وليرد عليه أيت منا بفضاضة أكبر، وهنا تطلع لجنة الأخلاقيات لتبرق للجميع رسالة الغرامة والإيقاف والإنتباه لما يصدر عن اللسان من لوثات ومروق لا يليق بأصحابه. وحين يظهر على الشاشة لاعب محترف إسمه إكسيل مايي بتلك الفظاعة في الصورة، وهو يلج بيوتنا بلا إستئذان ونحن في حضرة الأسرة والتجمع الأسرى، فلا نعتقد أن عقوبة الإيقاف حتى نهاية الموسم ولا حتى غرامة 17 مليون سنتيم، فالواقعة في بشاعتها ومنطوقها تفرض إجراء أكبر وأكثر جرأة بمنع اللعب من الممارسة في البطولة. وأعتقد أن إتحاد طنجة وجماهير الإتحاد المحافظة والغيورة على قيم الأخلاق من تلقاء نفسها ستقدم على المبادرة ببيع اللاعب والتخلص منه، إنه المسخ الإحتفالي الذي للأسف يعود بنا لتعريف وحيد لهؤلاء «إنهم يمارسون فعلا رياضة أخرى».