ونحن نتوجه بكل عواطفنا لعملية سحب قرعة كأس العالم الإستثنائية بدوحة الخير، كان أملنا كبير أن تكون القرعة وحيمة بنا، أن لا ترمينا في نهر التماسيح وأن تجنبنا الحيتان الكبيرة، لعل الأمل بيننا يزهر، في أن يحقق الفريق الوطني ما أنجزه قبل 34 سنة، عندما نجح في عبور الدور الأول. والحقيقة أننا نسينا أو تناسينا أمرا في غاية الأهمية، وهو أن لا توجد بين كل المنتخبات المتأهلة لمونديال قطر، منتخبات يمكن وصفها بالأسماك الصغيرة، ولا يوجد بين الفرسان الذين اقتطعوا تذكرة العبور بعد مسار إقصائي مرهق ومتعب، من سيأتي للدوحة ليبيع جلده بأبخس الأثمان، أو من سيأتي ليستمتع بمشاركة مونديالية، كان التأهل أليها بالنسبة إليه أم الغايات. وما كان أن نتوقع مجموعة سهلة أو في المتناول ونحن نوضع في القبعة الثالثة، ومحكوم علينا أن نواجه منتخبات قوية تتواجد في القبعتين الأولى والثانية.. غير هذا ما كان يمكن أن ننتظر سوى مجموعة متوازنة على غرار كل المجموعات، بالنظر إلى أن آلية توزيع المنتخبات على القبعات الأربع هي التصنيف الشهري الذي تصدره الفيفا شهريا بحسب نتائجها في مبارياتها الرسمية قبل الودية. لذلك أوقعت القرعة المنتخب المغربي في مجموعة متوازنة وقوية ولا مجال لنقول غير ذلك، صحيح أنه عند استعراض المجموعات سنجد أن هناك مجموعات أقوى من غيرها، وهذا التفييء لا يخضع للراهن الكروي، لأن المنتخبات لا تقاس جاهزيتها إلا باللحظة التي ستكون فيها قد دنت من الحدث المونديالي، ولكنه يخضع لمنطق المقارنة اعتمادا على التاريخ. سيكون الشياطين الحمر لبلجيكا ومن أسميناهم ذات وقت بمنتخب الملائكة، الكروات المجنونون، وكندا الأسد الجديد الذي يطل من قارة أمريكا الشمالية، وقد أصبح له مخالب وأنياب وضوت يزأر في بلاد الكونكاكاف. ولعل تراتبية مباريات الفريق الوطني، التي تفرض أن يبدأ موندياله بمواجهة منتخب كرواتيا بمهندسه الرائع لوكا مودريتش ومنتخب بلجيكا بشيطانه الأحمر دي بروين ودبابته القوية لوكاكو ومنتخب كندا بالجيل المبهر الذي أعاده للمونديال، ستفرض بلا أدنى شك أن لا يفرط الفريق الوطني في دخوله، بمعنى أن يحصل من مباراته الأولى أمام كرواتيا وصيفة بطل العالم، على ما يلهب حماسه ويغذي طموحه، ويجعله قادرا على تدبير التحدي الأكبر أمام البلاجكة الذين نذكر جميعا لدغتهم السامة لنا في مونديال أمريكا 94، عندما خسرنا منهم بهدف مارك فيلموتس، في مباراة نحن من تسيدناها. وقطعا لا يمكن أن نتطلع لمشاركة ترضينا وترضي إفريقيا التي تعلق آمالها علينا، وتنسج على منوال مشاركتنا في مونديال مكسيكو 1986، إلا إذا وظفنا المساحة الزمنية المتبقية لإزالة الشوائب وإقصاء الهلوسات واستجماع كل المهارات لتقديم أسود للمونديال يستطيعون كتابة صفحة جديدة في ملاحمنا الكروية.