هكذا صفع العميد المغاربة ملتحقا بأسود الخليج شكل المهدي بنعطية مادة دسمة يومية لمختلف المنابر والمواقع الرياضية الأوروبية والعالمية، حيث تصدرت صوره وأخباره عناوين الميركاطو الشتوي، وتنوعت الأنباء بين الرحيل عن جوفنتوس والإستمرار إلى غاية نهاية الموسم، مع تسجيل إنتشار رهيب للعديد من الشائعات التي ربطته مع أكثر من فريق أوروبي وخليجي، قبل أن ينتهي المخاض الطويل بالحلقة الأخيرة وإعلان إتفاق نهائي ينضم بموجبه مدافع جوفنتوس إلى الدحيل القطري. موسم كارثي حكاية رحيل بنعطية عن جوفنتوس بدأت قبل عامين وتحديدا منتصف موسم 2016-2017، حينما هدد اللاعب بالمغادرة لقلة تنافسيته وعدم إستقراره على مستوى الرسمية بحضور الثنائي كيليني وبونوتشي، قبل أن يطمئنه المدرب ماسيميليانو أليغري بأن ليوناردو سيغادر إلى ميلان وأن القادم أفضل، ويفلح في إقناع إدارة اليوفي بالتجديد له إلى غاية يونيو 2020. وجاء الموسم الثاني تواليا بحضور لا بأس به عموما بعدما شارك كأساسي في 19 مباراة بالكالشيو و7 بعصبة الأبطال الأوروبية، مسجلا عددا من الأهداف ومتألقا في أكثر من مواجهة، لكن الموسم الثالث حمل له أسوء خبر برجوع بونوتشي إلى بيت السيدة العجوز، وبالتالي عودة المدافع المغربي إلى دكة الإحتياط مجددا وتوقيعه على موسم كارثي، والدليل مشاركته في 5 لقاءات فقط وتفرجه على الأغلبية الساحقة من المباريات، وعدم خوضه ولا دقيقة ل 12 أسبوعا متتاليا. غضب وبداية السجال لم يفهم المهدي كيف سحب منه أليغري الثقة والرسمية فجأة وهو الذي لم يخطئ أبدا في المواجهات التي خاضها، وكيف هدأه في البداية بنهج أسلوب المداورة بين المدافعين الخمسة (كيليني، بونوتشي، بنعطية، روغاني، بارزاغلي)، قبل أن يقرر منذ بداية شهر نونبر الماضي تزكية قلب دفاع المنتخب الإيطالي في جميع اللقاءات المحلية والقارية. ونظرا لكونه مندفع إعلاميا وقليل الصبر فلم يتردد القيصر في الخروج بتصريح غاضب إنتقذ فيه بالمباشر وضعيته وتهميشه من أليغري، وضجره من الجلوس في كرسي الإحتياط لأسابيع متتالية، ليخرج ربان اليوفي بعدها برد حازم، طالبا من المهدي تقبل الوضع لأنه يلعب مع فريق عالمي يتوفر على العديد من الأسماء والنجوم والمدافعين الكبار، ويأمره بالصبر وإنتظار فرصته المؤكدة في ظل الأجندة المكثفة للفريق على جميع الواجهات، لكن سجال وصراع خفي إنطلق وراء الستار بين المدافع ومدربه بعد هذا الأخذ والرد الإعلامي بينهما. وكيل أعمال ماكر يملك بنعطية عدة وكلاء أعمال من بينهم وكيل نشيط وذكي إسمه موسى سيسوكو، يعرف كيف يصب النار على الزيت في الأوقات الحرجة، وله سوابق كثيرة خصوصا أثناء خلاف موكله مع روما وبايرن ميونيخ، حيث لا يتأخر في فتح هاتفه للإتصال مع مجموعة من الصحفيين ووكلاء الأندية والمدراء، للترويج لإسم بنعطية وإيجاد فريق جديد له، وممارسة الضغط الرهيب على الإدارة التي تملك عقده. ما فعله سيسوكو مع الطاليان والألمان عاد ليكرره منذ شهور مع مسؤولي اليوفي، بعدما جالسهم في إجتماعين وأخبرهم برغبة موكله في الرحيل وعدم تقبله للوضع الذي يعيشه، خاصة وأنه قبل بمواصلة المغامرة في طورينو للموسم الثالث تواليا بعد قدوم النجم رونالدو، وطمعا في حيازة لقب عصبة الأبطال الأوروبية التي تنقص خزانته. عروض بين الوهم والحقيقة كثيرة هي الأخبار التي إنتشرت بكثافة في عدة مواقع عالمية في الآونة الأخيرة، والتي جعلت من بنعطية مادة دسمة نظرا لثقله كمدافع من بين الكبار في أوروبا، وإنقطاع حبل الود بينه وبين أليغري وإدارة جوفنتوس. شالك، دورتموند، مارسيليا، أرسنال، فولهام، ميلان فرق كبيرة أبدى بعضها إهتماما حقيقيا بضم صاحب 32 سنة ولو على سبيل الإعارة، بينما كذب آخرون ما تم تداوله وأشاروا أنهم لم يفاوضوا يوما اللاعب أو وكيل أعماله، قبل أن يدخل العرب على الخط وتحديدا الإتحاد السعودي والدحيل القطري، حيث ذكرت شبكة "سكاي سبور" و"كوريير ديلو سبور" أن المهدي يملك فعلا عرضين مغريين وضخمين، أفضلهما من الدوحة براتب سنوي صافٍ لا يقل عن 5 مليون أورو. "فيطو" اليوفي وإصرار المهدي أشهر أليغري الفيطو ورفض رفضا قاطعا فكرة رحيل بنعطية، وهدد الإدارة بتحمل مسؤوليتها إن رحل اللاعب هذا الشتاء، كونه لا يملك البدلاء في حال إصابة أحد الثوابت الدفاعية، لكن إصرار المهدي كان شديدا إلى درجة إجباره المدير الرياضي لجوفنتوس للتحرك بصورة عاجلة بحثا عن مدافع مخضرم ومجرب، فوقع الإختيار على إبن الدار والمدافع السابق الأوروغوياني كاسيريس الذي تم إسترجاعه من لازيو، فشكل الأمر المنعرج الحاسم والضوء الأخضر في وجه الدولي المغربي ليرحل. وأكد مدرب الفريق في ندوة صحفية أن بنعطية ألح على المغادرة وسئم من وضعه، وأن الإستسلام لرغبته وتسريحه جاء لتفادي زعزعة إستقرار الفريق والتأثير على مناخ مستودع الملابس، كاشفا عن وجهته المستقبلية بالقول أنه ذاهب إلى قطر. أموال الدحيل تنهي الحكاية في قرار غريب ومفاجئ هز الرأي العام الكروي الأوروبي والمغربي، أعلن الطاليان ومعهم أليغري أن بنعطية سيغادر رسميا جوفنتوس لينضم إلى الدحيل القطري، بعقد يمتد لثلاث سنوات وبراتب سنوي لا يقل عن 5 ملايين أورو، مع ضخ مبلغ 10 ملايين أورو في خزينة اليوفي لقيمة شراء عقده. بنعطية وقبل أيام قليلة من نهاية الميركاطو الشتوي، كان بين إختيارين الأول الإنضمام إلى مانشستير يونايتد مقابل 8 ملايين أورو وأجر سنوي محدد في 3,5 مليون أورو، أو الإستسلام لأموال وإغراءات بطل قطر، فجاء القرار النهائي بالتحليق للدوحة، بمساندة وإستشارة وتوجيه من وكلاء أعماله. عميد الأسود إستهل الأسبوع بالفحص الطبي وتوقيع العقد ثم بداية التداريب مع الدحيل، مع تدوينة يطلب فيها بإحترام قراره الذي وصفه بالعائلي، لكن المغاربة لم يتقبلوا ما قام به القيصر وكيف إختار قيادة أسود الخليج قبل أشهر قليلة من إنطلاق كأس أمم إفريقيا بمصر، مع تخوفات كبيرة من هبوط لياقته وتراجع مستواه وبالتالي التأثير على الفريق الوطني الذي سيكون أكبر ضحية.