إن كانت هناك من حسرة يكثمها الجينرال دوكور دارمي حسني بنسليمان في صدره وهو ينهي مقامه داخل جامعة كرة القدم، فهي بالتأكيد الحسرة على أنه لم يتوصل طوال السنوات الخمسة عشر التي قضاها رئيسا للجامعة إلى تحقيق ما جاء يراهن عليه من أول لحظة، خلق مسير رياضي بمواصفات فكرية تتطابق مع متطلبات مرحلة بالغة الأهمية في تاريخ كرة القدم الوطنية·· أذكر، ويذكر زملائي الصحفيين ممن إلتقيت معهم السيد حسني بنسليمان غذاة تنصيبه من قبل الراحل جلالة الملك الحسن الثاني على رأس اللجنة المؤقتة لتسيير جامعة كرة القدم سنة 1994، وجرى حوار عميق حول الراهن الكروي الذي استدعى الدخول كرها زمن المؤقت، قلت أذكر أن السيد حسني بنسليمان أكثر ما ألح في طلبه، هو أن يعينه رجال الإعلام على تحديد "بروفايل" المسير الرياضي، فقد كان يعرف بالبداهة وبالمرجعية أن أساس أي نهضة كروية وقاعدة أي تحول هي الرأس مال البشري، وكانت الإستقراءات وقتها تقول أن كرة القدم الوطنية يصعب عليها أن تجد مسيرين جددا بذات مرجعية وكفاءة الجيل السابق الذي كان يمثله عبد الرزاق مكوار، محمد دومو، سعيد بلخياط، عبد الواحد معاش وغيرهم·· وكان الأمر يفرض نوعا من التعبئة، أولا لإعادة هيكلة الأندية الوطنية بمواصفات المرحلة الجديدة، ويفرض ثانيا استقطاب العنصر البشري المؤهل للعمل داخل الأندية بهدف إنتاج نخب جديدة·· وأبدا برغم ما واصل حسني بنسليمان الإلحاح عليه، ما تمكنت كرة القدم من أن تحصل على قاعدة كبيرة من المسيرين الرياضيين المشبعين بروح التدبير المقاولاتي، بل أن من تشجع منهم للإقبال على الأندية ولقطتهم الحاسة السادسة، وجدوا أنفسهم ذات لحظة مستهدفين سواء داخل الأندية بسبب تحريف قانون المنخرط أو داخل الجامعة بسبب الجدارات السميكة التي أقامها أعضاء نافذون، فآثروا الإبتعاد في صمت، وفي صدورهم حرقة هي ذاتها الحرقة التي جثمت على صدر حسني بنسليمان· والغريب أن بعض الأعضاء الجامعيين ممن نجحوا في تثبيث الأرجل داخل الفضاء الفيدرالي، أو بالأحرى داخل مراكز القرار سمحوا لأنفسهم بأن يبرمجوا بحسب الحاجة معارك متخيلة خسرت معها كرة القدم، وخسرت الجامعة بالتحديد مسيرين كان المفترض أن يمثلوا القيمة المضافة والمطلوبة في منظومة كرة القدم الوطنية· وكان غريبا أن لا يكون السيد رئيس الجامعة حازما في مواجهة التيار الذي نشأ داخل الجامعة وهدف بالأساس إلى تصفية كل الوجوه التي كان صوتها يرتفع بين الحين والآخر، مستنكرة ما كان يمارسه بعض الأعضاء من تهجين على العمل التسييري· لهذه الأسباب وغيرها رحل عن الجامعة كل من عبد الله بنحساين، كريم عالم، أحمد عمور والوالي العلمي، ولهذه الأسباب وغيرها همشت فعاليات رياضية وازنة مثل سعيد بلخياط، فكان من نتيجة ذلك أن أفقدنا هذا العداء المبطن لذوي الكفاءة والخبرة الكثير من المواقع الإستراتيجية والمهمة داخل هيئات رياضية إفريقية ودولية، وأصبح كل هم من إلتصقوا بالمقاعد هو الحضور في لجن بلا أدنى تأثير وبلا أدنى نفوذ·· لذلك كله، عندما نقتنع بضرورة طي صفحة السيد حسني بنسليمان من دون أن ننكر على الرجل كل ما قدمه للجامعة، للفريق الوطني ولكرة القدم المغربية، نكون أيضا متطلعين لأن تخلو المرحلة القادمة من كل الذين ثبت فشلهم، من كل الذين جعلوا الجينرال يرحل وفي قلبه حسرة على أنه لم يتوصل على مدى 15 سنة كاملة لإنتاج نخب مسيرة تليق بمغرب الكفاءات·