قتيلان في إطلاق نار بجامعة أميركية    كرة القدم.. إستوديانتس يتوج بلقب المرحلة الختامية للدوري الأرجنتيني    مباراة المغرب-البرازيل بمونديال 2026 الثانية من حيث الإقبال على طلب التذاكر    طلبة المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بأكادير يعلنون تصعيد الإضراب والمقاطعة احتجاجاً على اختلالات بيداغوجية وتنظيمية    زلزال بقوة 5,1 درجات يضرب غرب إندونيسيا    ألمانيا: توقيف خمسة رجال للاشتباه بتخطيطهم لهجوم بسوق عيد الميلاد    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    الولايات المتحدة.. قتيلان و8 مصابين إثر إطلاق نار داخل حرم جامعي    أخنوش من الناظور: أوفينا بالتزاماتنا التي قدمناها في 2021    جهة الشرق.. أخنوش: نعمل على جلب شركات في قطاعات مختلفة للاستثمار وخلق فرص الشغل    تعاون البرلمان يجمع العلمي وسوليمان    مسؤول ينفي "تهجير" كتب بتطوان    افتتاح وكالة اسفار ltiné Rêve إضافة نوعية لتنشيط السياحة بالجديدة        ثلوج المغرب تتفوّق على أوروبا...    إطلاق قطب الجودة الغذائية باللوكوس... لبنة جديدة لتعزيز التنمية الفلاحية والصناعية بإقليم العرائش        البنك الإفريقي للتنمية يدعم مشروع توسعة مطار طنجة    مونديال 2026 | 5 ملايين طلب تذكرة في 24 ساعة.. ومباراة المغرب-البرازيل الثانية من حيث الإقبال    تساقطات غزيرة بولاية تطوان تتسبب في خسائر مادية وتعطل حركة السير و الجولان    تفكيك شبكة إجرامية تُهرّب الحشيش من المغرب إلى إسبانيا عبر "الهيليكوبتر"    إسرائيل تعلن قتل قيادي عسكري في حماس بضربة في غزة        إنذار كاذب حول قنبلة بمسجد فرنسي ذي عمارة مغربية    نشرة إنذارية.. تساقطات ثلجية وأمطار قوية أحيانا رعدية مرتقبة اليوم السبت وغدا الأحد بعدد من مناطق المملكة    تدخلات تزيح الثلج عن طرقات مغلقة    الرجاء يعود من السعودية ويواصل تحضيراته بمعسكر مغلق بالمغرب    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    رسالة سياسية حادة من السعدي لبنكيران: لا تراجع عن الأمازيغية ولا مساومة على الثوابت    بورصة البيضاء .. ملخص الأداء الأسبوعي    محمد رمضان يحل بمراكش لتصوير الأغنية الرسمية لكأس إفريقيا 2025    ميسي في الهند.. جولة تاريخية تتحول إلى كارثة وطنية    تعاون غير مسبوق بين لارتيست ونج وبيني آدم وخديجة تاعيالت في "هداك الزين"    مجلس السلام خطر على الدوام /1من2            من الناظور... أخنوش: الأرقام تتكلم والتحسن الاقتصادي ينعكس مباشرة على معيشة المغاربة        مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    نقابات الصحة تصعّد وتعلن إضرابًا وطنيًا باستثناء المستعجلات    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    كأس أمم إفريقيا 2025.. "الكاف" ولجنة التنظيم المحلية يؤكدان التزامهما بتوفير ظروف عمل عالمية المستوى للإعلاميين المعتمدين    الممثل بيتر غرين يفارق الحياة بمدينة نيويورك    حبس الرئيس البوليفي السابق لويس آرسي احتياطيا بتهم فساد    السغروشني تعلن تعبئة 1,3 مليار درهم لدعم المقاولات الناشئة    تشيوانتشو: إرث ابن بطوطة في صلب التبادلات الثقافية الصينية-المغربية    بنونة يطالب ب «فتح تحقيق فوري وحازم لكشف لغز تهجير الكتب والوثائق النفيسة من المكتبة العامة لتطوان»    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    يونيسكو.. انتخاب المغرب عضوا في الهيئة التقييمية للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    تناول الأفوكادو بانتظام يخفض الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية    تيميتار 2025.. عشرون سنة من الاحتفاء بالموسيقى الأمازيغية وروح الانفتاح    منظمة الصحة العالمية .. لا أدلة علمية تربط اللقاحات باضطرابات طيف التوحد    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قرأت لك...الجزء الثالث


لحسن كجديحي
المعرفة إذن هي عدة الإنسان، وحدوده هي حدودها، كان أرنست رينان هو الذي قال في أواخر القرن الماضى: " سقراط أعطى الفلسفة للبشرية، وأرسطو أعطاها العلم، كان هناك فلسفة قبل سقراط، وعلم قبل أرسطو، ولكن كل شئ قد انبنى على الأسس التي وضعاها. قبل أرسطو كان العلم جنينا، وقد ولد على يديه ".
إذا كان القرن الثامن عشر هو عصر التنوير، فإن القرنين التاسع عشر والعشرين يحق أن يسميهما المؤرخون عصر الاكتشاف الأعظم. ولا شك أن العلم التجريبي قد انتزع ريادة المعرفة من الفلسفة خلال هذين القرنين، وحقق كشوفا لا بد لها أن تحدث تحولا عظيما في أفكار الفلاسفة ،وهذا هو ما يجعل واحد من كبار علماء وفلاسفة هذا العصر- مهندس الطيران لودفيج فتجنشاتاين- يقول إن مهمة الفلسفة من الآن فصاعدا سوف تقتصر على تحليل اللغة. هذه لأن اللغات التي نتكلمها ونكتب بها لم تعد تصلح إلا للتعبير عن نفسها وعن قيمها الجمالية والأخلاقية، وعن فروع المعرفة التي لا تدخل- عند أمثاله من أصحاب الوضعية المنطقية- في نطاق الفلسفة كما يعرفونها أو يعرفونها. قد يكون هذا الرأي مشوبا بشئ من التطرف وهو- أي فتجنشاتين- كان شخصا متطرفا ومهووسا وكان دائما يعد اللغة أكبر مشكلة في طريق الفكر الإنساني.
و ليس معنى هذا أن العلم التجريبي هو الحقيقة. بل إن الحقيقة قد لا تكون متاحة لبني الإنسان فى كوكب الأرض إلا على هيئة فكرة وراء فكرة. قوانين نيوتن كانت تبدو صحيحة حتى ظهور النظرية العامة للنسبية سنة 1915، بل ومازالت حتى الآن أساسا لجميع الحسابات الهندسية والتكنولوجية. نحن نعرف الآن ما يلي مما يخالفها تماما ومما لا بد أن يكون له أكبر الأثر على أفكار الفلاسفة، وإن كان التمادي في الكشوف العلمية مازال يؤدي بالعلماء إلى الغوص في أعماق الفلسفة: " الكتلة " عند نيوتن هي كمية المادة، وهي ثابتة، نحن نعرف الآن أن سرعة الحركة تزيد من الكتلة. يقول أحدهم إن الفضاء ليس فراغا مطلقا يشبه حوض أسماك الزينة، الذي تعلوه ساعة حائط تدق بانتظام مطلق لا شأن له بأي شئ آخر ! الفضاء بدأ مع الزمن وينتهي معه، والكون له بداية وله نهاية، هذا الكون الذى نعرفه والذي قد يكون واحدا من عدد لا نهائي من الأكوان !
الفضاء آخذ في التمدد، وحجمه يزيد خلال كل ألف مليون سنة. وهو ليس مطلقا وليس لا نهائي: كل شئ فيه يتحرك ولا توجد نقطة أصل لقياس إحداثيات أي موقع فيه، وهذه الإحداثيات نفسها آخذة في التغير، وهي أربعة، رابعها الزمن وهو مستمر في التغير بالطبع. ولا يمكننا أن نرجع إلى أي مكان كنا فيه بأكثر مما يمكننا أن نرجع إلى لحظة عشناها. والأجرام السماوية ليست أجساما سابحة فى هذا النسيج من الفضاء زمن، بل هي وثيقة الارتباط به، مجرد وجودها يؤدي إلى التواء هذا النسيج. ولما كان كل شئ يتحرك فإنه عندما يقترب جسم من آخر فإن التواء الفضاء يجعله يغير مساره متجها نحوه، وهذا هو ما كنا نظن أنه قوي الجاذبية. نيوتن أسماها الجاذبية وجعل لها قانونا معروفا وصحيحا تماما من الوجهة العملية، ولكن أينشتاين رأى أنه لو كان هناك تأثير متبادل بين الأجسام هو الذي يحدث الجاذبية وهي تتغير لحظيا مع استمرار الحركة، فمعنى هذا أن التبادل يمضي بسرعة لا نهائية، ولكن لا شئ في هذه الدنيا بسرعة لا نهائية. أقصى سرعة هو سرعة الضوء، وأي جسم يتحرك لسرعة تفوق سرعة الضوء سوف يتوقف الزمن بالنسبة له، ثم يرجع إلى الماضى. هذه الأمور ليس مسموحا بها إطلاقا !
يتصف الكون المحيط بنا بأرقام أساسية، منها مثلا حجم الشحنة الكهربائية للألكترون، والنسبة بين كتلتي البروتون والألكترون، وغير ذلك، أرقام ثابتة وحقائق كلها تأتي بالملاحظة والقياس فقط، لو أنها كانت شيئا مختلفا عن ذلك، لما كان يمكن للنجوم أن تنفجر مؤدية إلى خلق الكواكب التي يمكنها إيواء الحياة كما نعرفها الآن، يقول هوكنج " إن أرقاما أخرى لهذه المكونات كان يمكن أن تؤدي إلى نشوء أكوان قد تكون رائعة الجمال دون أن يوجد من يمكنه أن يحس بالعجب لجمالها ! إما أن هذا هو الدليل على وجود إرادة إلهية في خلق الكون وصياغة قوانينه، وإما أنه هو الأساس لما يسمى: المبدأ الانثروبى، أي المبدأ القائل بأن الكون وجد من أجل الحياة، وأن الحياة وجدت لكي يظهر الإنسان ".
نستخلص من كل هذا أنه لكي نتناول هذه الأمور، يجب أن يكون واضحا لنا ما هو المقصود بعبارة: نظرية علمية: إنها مجرد نمط للكون يقوم على عدة قواعد تربط الكميات الورادة فيه بنتائج ما تدل عليه الملاحظات والتجارب. وهي توجد في عقولنا فقط، ولا يمكننا إثباتها " وقد أجريت فعلا تجارب عديدة على النسبية ، ولم يحدث أنهاجاءت بما يثبت خطأ هذا . فهل يكفي هذا لإثبات صحتها ؟ كانت قوانين الجاذبية عند نيوت هي تفسيره أو ترجمته لظواهر الحركة والسكون في هذا الجانب منها، وكانت النظرية العامة للنسبية هي تفسير أينشتاين لنفس هذه الظواهر، فقط لا حيلة لنا إلا.. كما يقول راسل: " لقد دأب الفلاسفة على الاعتقاد بأن قواعد المنطق التي تقوم عليها الماتيماطيقا هي التي تحكم تفاعلاتنا الذهنية، مثل هذا الاعتقاد خليق بأن يحط من قيمة الفكر ويسلبه روعه وكرامته، لأنه- لابد من أن يجعله بحثا عن الجوهر الخالص لكل الأشياء، حقيقة كانت أو ممكنة- يؤدي به إلى أن يصبح تحقيقا فى أمور بشرية بدرجة أو أخرى، وبالتالي فهي محدودة بحدودنا خاضعة لقدراتنا. إن الرياضيات تمتد بنا إلى ما وراء البشرية، إلى نطاق الضرورة المطلقة التي تنتمي إليها لا مجرد الدنيا الفعلية، بل كل دنيا أخرى قابلة لأن توجد. إن الرياضيات ليست فقط مستقلة عنا وعن أفكارنا، بل إننا- من وجهة نظر أخرى- نحن والكون كله، مستقلين عنها. إنه فقط عندما ندرك هذا جيدا سوف يمكننا أن نحس بما لديها من جمال وروعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.