فهل هذه المعارضة فقدت كل عناصر قوتها في مواجهة الأغلبية الحكومية والبرلمانية ..؟ وأصبحت بالفعل معارضة خشيبات ..؟! وأين يصنف هذا القذف بالنسبة لمحسوبة على التيار المتربي والمتخلق، الذي يتباهى به رئيس الحكومة في معظم خرجاته الإعلامية ..؟. من حق الوزيرة أن تقول ما تشاء، مادام المشهد السياسي الوطني لا تحكمه أبسط القيم والمبادئ والأخلاق، ومادام يفتقر أيضا إلى ما يبرر الوقوع في مثل هذه الأخطاء القاتلة، التي لا تسمح بإغنائه، ولا تدبير الخلافات بين أطرافه المتصارعة، إضافة إلى أن هذا النموذج من السلوك السياسي الاستثنائي، الممارس من قبل المحسوبين على العدالة والتنمية، لا يساعد الائتلاف على تكريس شرعية النقد والقذف في الممارسة السياسية، التي ألفنا في الوطن أن نلمس ترجمتها من خلال الصراعات بين الأحزاب المدنية الليبرالية، والديمقراطية والتقدمية حتى عهد قريب، وهكذا نرى أن وزيرتنا تكرس سلوكا شاذا يفرض علينا طرح السؤال الجوهري التالي: "هل من الطبيعي أن تتصرف مسؤولة حكومية وحزبية بهذه الصيغة المفرطة في احتقار الآخرين والاستخفاف بهم ..؟ !" يقول المثل، (إذا لم تستح فافعل ما شئت)، فإن لم تشعر السيدة الوزيرة بالخجل اتجاه احتقارها لأحزاب تشاركهم هموم الوطن، فإن ما تبقى من مصداقية لهؤلاء الذين صوت المغاربة لصالحهم في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، في طريقه إلى التبخر، إلا إذا استعادت المعنية بالأمر وعيها، وتداركت الخطأ، واعتذرت عن ما قالته في البيضاء، في حق المعارضة، التي لا يمكن أن تكون محصنة من الأخطاء والقصور، الذي اختزلته الوزيرة المحترمة في أنها مجرد مجموعة من الخشيبات، التي فقدت مايؤهلها لتظل على خشبة مسرح العمل السياسي. طبعا، أصبح السيلان والهديان سلوك مألوف في ردود فعل المحسوبين على حزب رئيس الحكومة، ضد كل من ينتقد تجاوزاتهم الفردية أو الجماعية، فبالأحرى من يسيرون في الحكومة، الذين فقدوا صوابهم في التعاطي مع خصومهم، وأضحى التطرف في المواقف سلوكا عاديا بالنسبة إليهم جميعا، وهذا ما لا يصلح بالنسبة لحزب العدالة والتنمية، الذي كان يردد أثناء وجوده في المعارضة، أنه يمتلك مقومات حسن التعامل والتدبير مع باقي أطراف الأغلبية والمعارضة .. ولكن، شتان بين القول والفعل، حيث أصبح هؤلاء أكثر حساسية وانفعال ضد كل من يفتح الحوار عنهم من قريب أو من بعيد، مع أن موقعهم في المسؤولية يقتضي خضوعهم للملاحظة والنقد، وإلا وجب قراءة الفاتحة على الديمقراطية، التي تتطلب ممارسة سلوكاتها كاملة، سواء كان ممارسها في الأغلبية أو المعارضة. وهذا ربما لا تعرفه وزيرة التضامن والمرأة والأسرة والتنمية الاجتماعية، التي أطلقت العنان للسانها لاتهام المعارضة، بأنها مجموعة من الخشيبات، التي يتعلم عليها التلاميذ الرياضيات في المرحلة الابتدائية .. علما أن جميع أحزاب الإسلام السياسي لا تؤمن بالشرعية الديمقراطية، التي يقوم على التداول على السلطة، وبالتالي أن أحزاب المعارضة في النظام الديمقراطي المؤسسة على التعددية الحزبية والنقابية والمدنية، التي يقوم عليها النظام الديمقراطي، ليست مطلوبة أو مرغوبا فيها، بعد وصول هذه الأحزاب إلى الحكم، الذي تريد أن تجعله تحت تصرفها إلى الأبد، وبدون الاحتكام إلى ما تقوم عليه الديمقراطية من مبادئ وأسس لامناص من الالتزام والتقيد بشروطها. لم نجد في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أثناء نقاش هذا القذف الرخيص لمسؤولة حكومية ضد المعارضة، إلا التماس الشفقة لهؤلاء، الذين وصلوا إلى السلطة ويحاولون توظيفها لتصفية خصومهم، والنيل من كرامتهم، والطعن في مصداقية وجودهم السياسي المعارض. ترى هل بهذه الدعارة في التعبير عن رفض الآخر، يمكن الرهان على تطور المشهد الحزبي، وعلى ارتقاء سلوك الفاعلين، إذا اعتبرنا هذا النموذج الذي تمثله مثل هذه المسؤولة الحكومية، التي استباحت الاحترام والوقار، الذي يجب أن يكون لخصومها في الحياة السياسية .. وهل مفردة "الخشيبات" التي استعملتها في صياغة قذفها في موضعها ..؟ وإن كانت المعارضة قد تراجعت إلى هذا المستوى الذي أصبحت فيه مستباحة للنقد، فماذا نصف الأغلبية الحكومية، التي تنتمي إليها السيدة الوزيرة المحترمة ..؟ وهل أغلبيتها لا نجد في تشكيلها الحالي مواصفات بأغلبية الخشيبات، التي لا تربطها أي وحدة في المواقف والمرجعيات السياسية والإيديولوجية؟ وهل لا يصح اعتبارها مجموعة من الخشيبات المتناثرة فوق لوحة شطرنج الحكومة؟. الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة