كم يوما مر على تنصيب حكومة ابن كيران ؟ طبعا تجاوزنا المائة يوم التي اعتبرها إخوان رئيس الحكومة فترة كافية لاتخاذ قرارات مهمة. وبعد المائة يوم سيأتي رئيس الحكومة للبرلمان ليقول للمغاربة أنتم انتخبتموني لخمس سنوات وليس لمائة يوم. قد يكون في كلام ابن كيران نوع من المنطق العقلاني لولا أنه لم يجد فعلا ما يتحدث عنه بخصوص إنجازات حكومته. واليوم، وقد تجاوزنا المائة يوم بكثير، ما زال المغاربة يبحثون عن القرارات الحكومية الجريئة التي جاءت في وعد الإخوان. إن المتتبع للحياة السياسية في البلاد، يرى أن الحكومة الحالية لا تزال غارقة في مرحلة دهشة البدايات. وبلغة الرياضيات فحكومة ابن كيران لم تخرج بعد من مرحلة استعمال الخشيبات. قد يلتمس البعض الأعذار للحكومة بالنظر إلى حجم المشاكل التي تواجه عملها، وبالنظر إلى تراكم هذه المشاكل على مدى أكثر من أربعين سنة خلت. لكن المغاربة يعتقدون أنهم انتخبوا حكومة قادرة على العمل بجرأة أكبر وقادرة على حل مشاكلهم بوصفة سحرية كان أصحاب ابن كيران يقولون في السابق إنهم يتوفرون عليها. كما أن الحكومة الحالية جاءت في مرحلة دستوريةمتقدمة جدا عما كانت فيه الحكومات السابقة. من الصعب الحكم على أداء الحكومة في هذه الفترة الوجيزة، إلا أن المؤشرات تفيد بأن هناك تخبطا في أدائها. والأخطر من التخبط هو نوعية التعامل الذي أصبحنا نعاينه بين الفينة والأخرى من خلال الدخول في سلوكيات قريبة من «لعب الدراري» أكثر منه تسيير حكومي. فمجموعة من الوزراء يطلقون العنان لألسنتهم في شأن محاربة الفساد قبل أن يخرسوا ويتواروا عن الأنظار. والأخطر من ذلك ما نشاهده من خرجات لمجموعة من المسؤولين أو البرلمانيين المحسوبين على التحالف الحكومي يدعون بأنهم يتوفرون على ملفات فساد سيعملون على فضحها،«إذا لم يخرس خصومهم» وذلك في تحد سافر للمغاربة ومشاعرهم. فالمفروض أن تجد ملفات الفساد،إن وجدت، طريقها إلى العدالة والفضح لا أن تستعمل كأوراق لممارسة المد والجزر السياسيوي. أما ما يحز في النفس، هو أن المعارضة نفسها لم تصل بعد إلى مرتبة تتجاوز فيها نفس سلوك الحكومة في أسلوب «شد ليا نقطع ليك». وهذا ما سيؤدي بالمغاربة في الأخير إلى لعن كل ما يحمل نفسا سياسيا، وستعمل النخبة السياسية الحالية على إنهاء ما تبقى من بصيص اعتقاد في العمل الحزبي. فهل تعي النخبة السياسية ما تفعله في البلد؟