ليلة السبت/ الأحد 05 غشت الجاري، يتوقف بنا الزمان لحظة.. حيث أقدمت القناة الثانية على إعادة حلقة فنية، من حلقات "مسار" التي قدمها الإعلامي عتيق بن الشيكر، خلال السنة الماضية، والتي كانت خاصة بتكريم الممثل عبد القادر مطاع .. وقد عمل معد البرنامج، كما جرت العادة على استضافة العديد من الوجوه الفنية المغربية للإدلاء بشهاداتهم في حق الرجل المكرم .. ومن بين الضيوف، نزل الممثل سعيد الناصري، الذي في إطار مساهمته في تنشيط حلقة التكريم، بحيث ظهر جليا أنه أبان عن تخليه عن الأخلاق الفاضلة التي يجب أن يتخلق بها الإنسان على العموم، والفنان على الخصوص، ونسي أن الله كرم بني آدم بالعقل وميزهم عن جميع خلقه.. وفضل صاحبنا عن طواعية الضرب بكل الجهود التي بذلها من قبل والتي أصبح بفضلها محط أنظار بعض محبيه والمعجبين بأدائه عرض الحائط، وتراءى له أن ينسلخ عن جنسه الإنساني الذي خصه الله به، وبدل المحافظة على فطرة الله، آثر أن ينتقل من كائن بشري إلى آخر حيواني، فقط لدفع الجمهور المتواجد باﻷستوديو، والمشاهدين أمام الشاشة الصغيرة إلى الضحك، نعم اختار تقمص شخصية "الكلب" وفي مجرى حديثه وهو في وضعه الجديد بين فئة الحيوانات، قال الكثير، ولم يقل شيئا .. لأنه فاته في ذلك احترام ذوق المتفرج .. الاحترام الذي هو أمانة في عنق الفنان. والمثير في هذا الحدث، هو أن الناصري هذا أطلق للسانه العنان، وأعلن للمﻸ بأنه غير مسؤول عن كلامه، وخلص لتشبيه بحة (كلب إسباني) ببحة صوت الفنانة القديرة مطربة الوطن الأولى"نعيمة سميح"، وهذا ما دفع أحد الظرفاء للتعليق على الموقف قائلا : ( ملي وصلنا لرحبة لكلاب صافي ما بقى لا فن ولا فنانين ) الشيء الذي جعلني أدلي بدلوي وأقول، سعيد الناصري .. ليس هكذا تورد الإبل، فإن اخترت حشر نفسك في محيط الحيوانات، والكلاب على وجه الخصوص، فهذا من حقك ولا ينازعك فيه أحد، ولكن الذي هو ممنوع عليك، بل ومحرم، هو أن تشبه فنانة مغربية أعطت الكثير للأغنية المغربية، (بكلب) .. فهذا أظنه يدخل في باب الغيبة التي تعد اعتداء على شخصية الآخرين، وتشبيه بحة كلبك ببحة الفنانة نعيمة سميح هو بمثابة التحدث عن الغير بما يسييء إليه ويشوه سمعته، وليس بخاف أن الغيبة هي من الأعمال المحرمة، وهي من كبائر الذنوب، لهذا يلزم من يقوم بها ويفعلها أن ينتظر العذاب الشديد، والله تعالى فصل في هذا الأمر بقوله عز وجل : ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه كما أن لرسول الله سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام حديث قال فيه : أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال: ذكرك أخاك بما يكره : قيل أفرايت إن كان فى أخى ما أقول ؟ قال: إن كان فيه ماتقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ماتقول فقد بهته (أي ظلمته بالباطل وأفتريت عليه الكذب ) . وعندما قررت تناول هذا الموضوع ﻷبدي رأيي في الواقعة، لم أكن أرمي من وراء ذلك، ﻻ الدفاع عن نعيمة سميح، وﻻ توجيه اللوم إلى سعيد الناصري على تهوره، إنما وجدت أن هنالك ما يجلب اﻻنتباه، ويثير التساؤﻻت، حول العﻼقات التي يجب أن تربط الفنانين مع بعضهم البعض في هذا البلد اﻷمين، ﻷن الفن والثقافة قيمة إنسانية أوﻻ وقبل كل شيء، وهما اﻹرادة الفاعلة والفعالة للمجتمع، ﻷنهما يحمﻼن ويستقطبان كل الطاقات المبدعة التي تستطيع خدمة المجتمع، ولهذا وجب التذكير بالتحلي باﻷخﻼق الحميدة، حتى يستطيع الجميع الرقي بفن بﻼدنا إلى مصاف الدول المتقدمة، ﻻ اتخاذ عباد الله وصلة للتسلية والسخرية واﻻستهزاء. وفي الختام، لا يسعني إلا قول إن هذا الهجوم على فنانة .. وفي غيابها .. وبكلام لايسرها، ﻻيمت لﻺنسانية وﻻ للمهنية بصلة، بيد أنه كان من واجب الناصري أن يلتزم باحترامها، ﻷن العﻼقات اﻹنسانية تنبني على اﻻحترام، الذي يعد قيمة معنوية حضارية يحث عليها الدين الإسلامي الحنيف، ومن ضمن هذا طبعا، احترام الإنسان لأخيه الإنسان، ولو ﻻ هذا العنصر ﻻندلعت المشاكل بين الناس، وانتشرت العداوة والبغداء في كل مكان، مما يفسد الحياة، وهذا ما يوحي لي بأن أطرح على السي سعيد السؤال التالي: " هل من حقك، أن تشوه سمعة فنانة مغربية كبيرة أحبها الجميع من خلال عطاءاتها، أمام الرأي العام من أجل الظفر بضحكات مصطنعة من طرف المشاهدين المغاربة، الذين أصبح من الصعب إضحاكهم، - في غياب فكاهيين متمكنين طبعا- وهل تدفع الوقاحة بعض الفنانين إلى اتخاذ غيرهم أداة للسخرية ..؟ وهل .. وهل.. ؟؟! وهل يقبل (السي الناصري) بان يتخذه أحد زمﻼئه وسيلة ﻹضحاك الجمهور.. ؟.