يبدو أن الذين أقدموا على الهروب بملف الإعلام، يحاولون عبثا إعطاء الشرعية لمغامرتهم المفضوحة بأي وسيلة، حتى ولو كانت مرفوضة من طرف عامة المهنيين، وحتى لا يتخيل هؤلاء أنهم على صواب، نخبرهم أن مخلوقهم "الكتاب الأبيض" النكرة، لايمكنه أن ينال رضى القاعدة العريضة من الفاعلين الإعلاميين، لأنه أتى من علاقة نسب مشكوك في أهليتها، وبالتالي، أن عموم المهنيين لن يعترفوا به، لأنهم لم يشاركوا إطلاقا في الحوار حوله عبر القنوات المتعارف عليها، ولم يساهموا باقتراحاتهم وتصوراتهم وانتقاداتهم التي تهم كل جوانب الممارسة المهنية، وهذا ما ينبغي على المنسق (الشاطر) الانتباه إليه في سلوكه البهلواني الجديد اتجاه المسألة الجوهرية المطروحة في الإشكالية الإعلامية الوطنية، التي يحاول التعتيم عليها بما يسميه "الكتاب الأبيض" وليعلم أن أبسط الإعلاميين يعرفون خلاصات تعاويده وشطحاته الاقتراحية والنقدية في المجال الإعلامي، وأن السذاجة التي يحاول التظاهر بها، لم ولن تخفي حقيقة المؤامرة التي يشترك فيها مع أولياء نعمته المعروفين من قبل الجميع، وحتى لا يعتقد أننا نملك موقفا معاديا له، نقول للسيد الناجي بوضوح صارم، أن اختياره للمبادرة بمناقشة الواقع الإعلامي دون حضور أهله، لن يؤهله للحصول على الشرعية، التي لن ينالها بهذه المحاولة اليائسة، التي لاتخرج عن محاولات من سبقوه إلى ذلك، وان كانت لدى هذا (المنسق الوطني) الجرأة في الإجابة على هذه الملاحظات .. فأبسطها أن يترك النقاش في الورش الإعلامي لأهله من أمة الصحافيين، الذين يحترقون صباحا ومساء، ولايرضون أن يكونوا ضمن الذين ساهموا معه في إنتاج وإخراج هذه المهزلة، التي ستلاحقه طيلة المدة المتبقية من حياته، ولن تنفع الذين نصحوه بإعدادها في غياب عموم الإعلاميين، الذين ارتفع سقف مطالبهم إلى ما لايتخيله أستاذنا في الإعلام، الذي كان عليه أن يحصر دوره في الموضوع، في تعبئة طلبته وتأهيلهم، لا أن يتحول إلى سلطة (منصبة) على رقاب الفاعلين، دون أن يكون له الحق في ذلك، ولا أن يسهر شخصيا على عقد الاجتماعات الصالونية، التي لم يشارك فيها أحد على امتداد عواصم الجهات، من أجل صياغة "كتابه الأبيض" الذي يظل مضمونه مرتبط بأصحابه فقط، ولايعبر عن وجهات نظر بقية الحاملين للهم الصحفي، فمجرد تسميته ب."الكتاب الأبيض" تتضح أهدافه، التي لاتخرج عن إطار وخلفيات من لايزالون يتعاملون مع الصحافيين بالعقلية البيروقراطية والسلطوية التي عفى عنها الزمن، مع أن الحرية والاستقلالية هي أهم شروط وجود الصحفي في ممارسته المهنية، سواء تعلق الأمر بالإخبار .. التنوير .. المساءلة .. المتابعة أو التحليل، وهي الصفات التي لاشك أن "الكتاب الأبيض" لم يتطرق إليها بفعل التغييب المقصود لبقية مكونات الصف النقابي والجمعوي في العمل الصحفي، ولعل المنسق الوطني أو (الصدر الأعظم) المعين من قبل الجهات التي لازالت متمسكة بمنظورها القمعي والسلطوي اتجاه أمة الصحافيين .. لعله يدرك أن المغامرة بأي تصور نقدي أو تقييمي أو مستقبلي يتطلب الإنصات إلى المعنيين به في المهن الإعلامية بكل تعقيداتها وتفاصيلها، وهذا ما لانصادفه في "مولوده الأبيض" الذي عكف على إخراجه للوجود مع حوارييه من ممثلي النقابة الوطنية للصحافة المغربية، وهيئة الناشرين، مع أن هؤلاء لايمثلون جميع المهنيين المتواجدين في المشهد الإعلامي الوطني، ولايحترقون بمخاض المهنة في كل مراحلها قبل أن تتحول إلى مشروع صالح للاستهلاك. بكل تأكيد، فحمولة عنوان الكتاب كبيرة، ولكنها في الواقع مجرد تعاويد وبهارات، أراد من جمعوها أن تكون مسودة لطقوس القرابين، التي يجب على أمة الصحافيين التقيد بها أثناء الممارسة المهنية، حتى لا تطاردهم الأرواح الشريرة ومومياء فراعنة المعيش اليومي، الذين يتحكمون في البلاد والعباد، وكأننا (بالحاخام) الذي يتحمل مسؤولية المنسق الوطني، يحاول أن يبعث للصحافيين بما يراه من اختاروه لهذه المهمة الدعوية من شروط الولاء والطاعة، التي يجب على كل متعبد صحفي أن يحترمها أثناء ممارسته لطقوس مهنة المتاعب، وهذا في اعتقادنا هو المضمون الذي يريد صاحب "الكتاب الأبيض" أن يبعثه بالواضح والمرموز إلى عقول من ساندوه منذ البداية في هذه المهمة (الجليلة) التي لا نختلف معه إذا كانت نواياه تلتقي مع نوايا القاعدة العريضة من رجال ونساء الإعلام، وهذا ما يجب أن يدركه قبل غيره في تقديمه لهذه البضاعة الفاسدة، التي تحمل عنوان "الكتاب الأبيض" ولينتظر (الحاخام) الأكبر ما سيثيره من قبل شغيلة الإعلام الوطني، لأن الكتاب (المعلوم) لايختلف تماما عن كتاب الموتى الذي كان كهنة الفراعنة يصوغونه عن حياة موتاهم، وكذلك الأمر بالنسبة (للكتاب الأخضر) الذي صاغه العقيد القذافي عن نظريته الثالثة في الحكم والتنمية والتطور. سوف لن نتعمق في إثارة النقاش حول مضمون "الكتاب الأبيض" الذي لاشك أن صاحبه ما يزال تحت سيطرة الأضواء والكلام الذي قيل عنه، وسيعرف غدا أن جوقة المحتفين به، كانت تنافقه في المواقف التي عبرت عنها اتجاه مخلوقه، وستكون مختلفة معه شكلا ومضمونا، وفي هذا الإطار، نقول للأستاذ الجليل .. باسم النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أننا مع أي مبادرة محركة للخلايا في الجسم الصحفي، حتى وان كانت من الذين يعادون نقابتنا، ويعتبرونها من رجس العهد البصراوي البائد، مع أنها بريئة من ذلك، وتناضل من أجل صالح أمة الصحافيين، رغم كل العوائق المفتعلة ضدها، سواء من خصومها، أو من الذين يشاركونها هموم مهنة المتاعب. خلاصة رحلة (حاخام) مهنة المتاعب المحترم، أن الشرعية التي يتطلع إليها مفقودة، ولن يكون بإمكانه مهما حاول عبثا، نيل حظوظ النجاح في هذا المخطط الذي تقاضى أجره مسبقا من أولياء النعمة، وفي هذا الصدد، يمكن أن نسائل المنسق الوطني المفروض على الصحافيين المغاربة: "هل يعي حقيقة هذه الشطحات المفضوحة التي يتمظهر بها، نيابة عن أولياء النعمة، الذين لايناقشونه اليوم في حجم وسقف العلاوات والمنح والأتعاب، إذا تمكن من تحقيق الأهداف التي رصدوها لمهمته الجليلة في التشفي واستعراض العضلات على أمة الصحافيين، التي لازالت أوضاعها دون الحد الأدنى من تطلعاتها المشروعة..؟" ولنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، التي لاتريد أن تكون النقابة الأم والوحيدة في المشهد الإعلامي الوطني، بقدر ما تريد أن تعبرعن هموم الصحافيين، والدفاع عن مصالحهم والذوذ عن حقوقهم، مهما كانت مواقعهم المهنية، وأن تكرس التداول الديموقراطي في المشهد الصحفي المقاولاتي والنقابي، وليتأكد المنسق الوطني المنصب، أننا لاتهمنا مبادراته السلطوية التي سنقاومها بضراوة، في أفق تمكين عامة الصحافيين من الحق في التعبير عن آرائهم وتصوراتهم، حول المشهد الإعلامي، دون قيود أو توجيهات مفبركة مسبقا من قبل هذه المافيات الانتهازية المتعددة الأهداف والمصالح. إذن .. وحتى لانتهم بتخوين أحد، نقول لمنسقنا المفروض علينا جميعا، أننا لانبارك أي خطوة منه حتى وان اعتقد أنها تخدم أمة الصحافيين، لأنه يفتقر للروح النضالية، التي لن تكون لديه مهما حاول أن يدعي إمكانية وجودها، وعليه أن يدرك في الختام، أن أمة الصحافيين تعرفه عن قرب، ولن يكون ضمن أحلامها لا اليوم ولا غدا ..! الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة