هل يتهدد المغرب شبح انقطاع التيار الكهربائي خلال فصل الصيف القادم؟ سؤال يثير الكثير من الخوف في نفوس الصناعيين في الفترة الأخيرة، بحيث يتحدث أحد رجال الأعمال في المنطقة الصناعية عين السبع بالعاصمة الاقتصادية والعضو السابق في الاتحاد العام لمقاولات المغرب، عن القلق الذي ينتاب الصناعيين من احتمالات حدوث انقطاعات في التيار الكهربائي، مما سيكبدهم خسائر كبيرة. مازالت وقائع ما حدث في بداية التسعينات حية في أذهان الصناعيين بالدار البيضاء، حيث فوجئوا بانقطاعات متوالية للتيار الكهربائي، مما اضطر العديد منهم إلى تعبئة مصاريف استثنائية، قدرت ب30 مليون درهم، في سبيل شراء مولدات كهربائية، تجنبهم الأخطار التي تحدق بهم نتيجة الانقطاعات الكهربائية المفاجئة، ففي بعض الصناعات يفضي انقطاع التيار الكهربائي لمدة نصف ساعة إلى توقف العمل لمدة ثلاث ساعات، خاصة في الصناعات الحساسة، من قبيل الصناعات الكيماوية وشبه الكيماوية. الهواجس التي لمسناها لدى الصناعيين أملت سؤالا مباشرا عن احتمالات وقوع انقطاعات في الكهرباء في الصيف القادم، نقلناه إلى المكتب الوطني للكهرباء، غير أنه لم يأت بجواب يدعم أو يطرد تلك الهواجس، حيث اكتفى بالتذكير بالرسالة التي من أجلها أحدث، والتي تتمثل في «تأمين تزويد البلد بالكهرباء، من خلال الحرص على ملاءمة العرض للطلب».غير أن المكتب يوحي من خلال الجواب الذي تلقيناه منه، أن تلك عملية ليست يسيرة، حيث يؤكد أنه «في ظل احتياطي يتآكل، يجري الحفاظ على هذا التوازن، بفضل المجهودات الخارقة لفرق المكتب، سياق صعب». الصعوبة تأتي من الطلب الذي ما انفك يتعاظم في المغرب، حيث يزيد سنويا ب8 في المائة، دون أن ترتفع وتيرة الاستثمارات التي تأخرت منذ 2002، والتي يفترض أن تصل سنويا إلى 10 ملايير درهم في الإنتاج والنقل والتوزيع، وذلك على مدى 10 سنوات، وهو ما سيخول الحصول على 600 ميغاوات من أجل تجاوز التأخير الحالي، وفي حالة العجز سيفقد المغرب ثقة المستثمرين الأجانب، علما أن الطلب الإضافي يساوي ما تستهكله مدينة مثل الرباط من الكهرباء، وهو الأمر الذي يعزى إلى وجود مدن يرتفع فيها الاستهلاك بشكل غير مسبوق، مثل مراكش وطنجة، نتيجة المشاريع الاستثمارية التي تعرفها خاصة في مجال السياحة. لكن كيف يمكن أن يتعاطى المكتب الوطني للكهرباء مع ما يمكن أن يطرأ من انقطاعات في التيار الكهربائي؟ الجواب أتى عاما من المكتب، فهو يشير إلى أنه «يمكن أن يكون العرض في فترات الذروة غير كاف بسبب أحداث تقنية» يجزم بأنه « لا يمكن أن يسلم منها أي بلد، آنذاك يلجأ المكتب إلى التشاور مع الفاعلين» حيث يطلب منهم تحييد التجهيزات التي لا تحظى بالأولوية»، وهذا ما يسميه المكتب ب«التخطيط الوقائي». التخطيط الوقائي دفع المكتب، حسب مصدر صناعي مطلع من العاصمة الاقتصادية، إلى التأكيد على أنه تحسبا للمفاجآت غير السارة، وعد المكتب بعض الصناعات بتنبيهها مسبقا إلى احتمال وقوع انقطاعات في التيار الكهربائي، خلال الصيف القادم، حتى تتخذ الإجراءات التي يفرضها الوضع، وهذا هو حال صناعة الإسمنت التي تكبدها الانقطاعات خسارة كبيرة. خسارات يمكن أن تخفف منها الانقطاعات المبرمجة سلفا. التخوفات التي تطفو على السطح تدعمها التصريحات التي تواترت على لسان الخبراء في السنتين الأخيرتين، حيث دأبوا على التأكيد على أن الصعوبة قائمة على المدى القصير، داعين إلى التحرك لإنجاز الاستثمارات اللازمة لمواجهة تحديات المدى المتوسط، خاصة أن التوقعات كانت ذهبت إلى أن المكتب قد لا يتمكن ابتداء من 2008 وعلى مدى سنتين من تلبية الطلب المتنامي. يشيرالمكتب الوطني للكهرباء في موقعه الإلكتروني إلى أن معدل كهربة المغرب وصل في السنة الفارطة إلى 97 في المائة، مضيفا أن الاستهلاك ينمو ب8 في المائة، إذ مر من 16 مليار ميغاواط / ساعة في 2003 إلى 21 مليار ميغاواط ساعة في 2006.وتتجلى ذروة الاستهلاك في المغرب في فصلي الشتاء والصيف. وراهن المراقبون في ظل التأخر الحاصل في الاستثمارات، على التساقطات المطرية، على غرار سنة 2006، حيث بلغت الاحتياطات في السدود التي تساهم في توليد الكهرباء 6.3 ملايير متر مكعب، وهو مستوى استثنائي لن يحققه المغرب في هاته السنة. فهل يمكن أن يعوض ذلك بما يوفره الربط الكهربائي مع إسبانيا؟ الجواب بالإيجاب على هذا التساؤل يبقى رهينا بحاجيات وإنتاج ذلك البلد، فارتفاع درجات الحرارة في إسبانيا سيؤثر سلبا على استفادة المغرب بشكل منتظم من الربط الكهربائي. ويجري تأمين نصف إنتاج المغرب من الكهرباء من خلال ما يوفره مركب الجرف الأصفر، ويراهن المكتب الوطني للكهرباء على إنشاء مركب بجهة أكادير يستعمل الفحم بقيمة 1.5 مليار درهم، وهو المشروع الذي يواجه اعتراضات بسبب انعكاساته السلبية على البيئة، غير أن المكتب يرى أن الوضعية ستصبح مقلقة في حالة عدم نجاحه. في الوقت الذي عمدت فيه بعض القطاعات إلى ابتكار طرق لإنتاج الطاقة الكهربائية تضمن بها استقلاليتها عن الموزعين وبينما سلكت قطاعات أخرى سبيل الطاقة الريحية، يلح المكتب الوطني للكهرباء على ترشيد استهلاك الطاقة، من خلال التحكم في الطلب التدبير المسؤول والتشجيع على استعمال الطاقات المتجددة. وينصب إجراء زيادة ساعة إضافية على التوقيت الحالي ابتداء من فاتح يونيو في هذا الاتجاه، وهو إجراء يراد منه المساهمة في ترشيد استهلاك الكهرباء.