«مها» فتاة العشرينيات لا تختلف كثيرا عن بنات جيلها وإن كانت لا تشبههن مطلقا في مهنتها. هي بائعة هوى أو «مرفهة» أو فتاة تقوم بما يحلو لها أو أي من الأسماء الأخرى، شرط ألا يطلق عليها صفة «عاهرة».. فهذه الكلمة «شتيمة» لا ترضاها لنفسها. لم تبدأ قصتها بتاريخ محدد أو نتيجة حادثة ما، وإنما نتيجة تراكمات «وعي» ما اكتسبته خلال سنواتها المراهقة وما تلاها من سنوات جامعية، وعن هذا الوعي تقول مها: «بدأت الأمور تبدو لي بشكل أوضح خلال سنواتي الدراسية الأخيرة. فكل ما ينشده الشاب هو جسد الأنثى. ومن أجل لمسه أو النظر إليه أو حتى التواجد بقربه أو الحصول عليه هو مستعد لتقديم تنازلات عديدة». انطلاقا من «خبرتها» المتواضعة فتحت حياة الليل، من سهرات في النوادي عينيها على مستوى آخر، فهناك يقوم الشاب بالتودد إلى الفتاة فيقدم لها مشروبا فتكافئه برقصة معه وينتهي الأمر، أما إذا كان طلب الشاب مشاركته السهرة فالفاتورة على حسابه لا محالة». أي فتاة تتعرض للتحرشات والعروض خلال السهرات، لكن الفرق بيني وبين «أي فتاة « أنني لم أترك الأمور للصدفة، بل كنت أسعى لتحقيقها. هو يريد صحبتي خلال السهرة وأنا أريده أن يدفع ثمن سهرتي، ثم نودع بعضنا البعض وينتهي الأمر هنا». فمها تريد المزيد وهذا ما دفعها للانطلاق إلى مستوى أعلى وهدفها «رجل ناضج يمكنه دفع ثمن أكثر من سهرة». لكنها في هذه المرحلة دخلت مستوى «الكبيرات» والشبكات التابعة لوسطاء يحددون مناطقهم وزبائنهم ويرفضون دخول أي جديد «على الخط». لكنها تمكنت من جعل نفسها موضع اهتمام الرجال فهي فتاة في مقتبل العمر جميلة وذكية، «العروض هناك كانت مغرية جدا، فبمجرد قبول دعوة أحدهم حتى يطلب أغلى وأجود أنواع المشروبات، تليها دعوة لعشاء متأخر بعد السهرة وربما نزهة لاحقا». وبين ازدواجية حياتها الأولى كطالبة جامعية والثانية كفتاة تبيع صحبتها وجسدها مقابل رفاهية تحلم بها، نسجت مجموعة من الأكاذيب تبرر غيابها المتكرر عن المنزل، وحين قام والدها بمنعها من الخروج ليلا حاولت نقل مواعيدها نهارا. «اعترف بأن هذا الأمر قلل من حظوظي بالحصول على رصيد ثمين، لكنني ما زلت أخترع حججا مقنعة بين حين وآخر كي أخرج ليلا كي أتمكن من الحصول على زبون ثم أقابله خلال النهار فقط». وفي حياة لا تلبث «صاحبتها « أن تكتسب خبرات كبيرة، تعلمت سريعا ضرورة التكتم في عملها في ظل منافسة شرسة بين العاملات لحسابهن الخاص وبين التابعات لوسطاء، «هناك الكثيرات التابعات لوسطاء لا يحبون أن يسطو أحد على زبنائهم»، فهناك الكثيرات من الفتيات اللواتي يقمن بما أقوم به مقابل الهدايا والرحلات والمال». «لست عاهرة.. جسدي هو وسيلتي حتى أحصل على ما أريده.. وما أريده هو أن أتمم دراستي». وبانتظار الحلم الذي «حل» على إحدى صديقاتها التي افتتن بها أحدهم وحولها إلى عشيقته الثابتة التي يغدق عليها ما تريده شرط ألا ترحل، تتابع هي عملها بانتظار تخرجها من الجامعة..» لا أعرف متى سأتوقف لكنني أعلم أنني سأتوقف يوما ما». وتردف: «غير أن الأمر صعب، لأنني أصبحت خاضعة لشبكات خاصة من الوسطاء النافذين». مها تقول إن الوسطاء يتربصون بالطالبات الجامعيات باستمرار، على اعتبار أن أغلبهن فرائس سهلة يمكن اصطيادها. وتضيف: «كثيرات هن الجامعيات اللواتي يتحولن إلى عاهرات تحت تضغط الوسطاء».