إلى مدينة أوفنباخ المجاورة لفرانكفورت العاصمة المالية لألمانيا، نزل الوزير الأول عباس الفاسي بثقله، ليس شخصيا بل من خلال وفد حكومي ترأسه مساعده نزار بركة، لدعم تظاهرة «فوروم المغرب»، وهي مبادرة محلية من فعاليات خاصة من الجالية المغربية بالتعاون مع وكالة تنمية المغرب الشرقي. وفي أوفنباخ، كانت روائح «البلاد» تفوح بالمأكولات والموسيقى والفلكلور الشعبي، وخصوصا من المغرب الشرقي الذي كان ضيف شرف التظاهرة، وبقدر ما كان الحضور الألماني متواضعا فقد كان حضور الشباب المغربي من أبناء الجالية قويا، واغتنموها مناسبة لتوجيه رسائلهم إلى من يهمه الأمر. الفاسي في «أوفنباخ» «المغرب الشرقي» ضيف شرف في ألمانيا عنوان تظاهرة تجارية وثقافية احتضنتها مدينة أوفنباخ الألمانية خلال الأسبوع الماضي، وحضرها آلاف الزوار من الألمان ولكن بالخصوص من أبناء الجالية المغربية في ألمانيا. وتضمنت التظاهرة معارض تجارية وعقارية وسياحية وفلكلورية ونماذج من المنتوجات التقليدية عن الموسيقى والمطبخ والحياة الاجتماعية للمغرب. وهيمنت على دورة التظاهرة لهذا العام العروض الاستثمارية للقطاعين العقاري والسياحي، وقد أظهر عدد من أبناء الجالية المغربية، اهتماما بالعروض التي قدمت، بينما كان اهتمام الجمهور الألماني أكثر بالعروض المتصلة بنماذج المنتوج التقليدي المغربي مثل الطبخ والملابس التقليدية وبعض العروض الثقافية السياحية. وتأتي دورة المعرض لهذا العام بعد خمس سنوات من انطلاق مبادرة «منتدى المغرب في ألمانيا» أو فوروم كما يطلق عليه، لتكرس حضورها في أوساط الجالية بشكل أساسي، ولاسيما أن منطلق المعرض هو مبادرة تدعمها فعاليات من أفراد الجالية وأبناء المغرب الشرقي بالتعاون مع وكالة تنمية الشرق، كما سجلت الحكومة المغربية اهتماما خاصا بهذه التظاهرة، وأوفد الوزير الأول عباس الفاسي مساعده نزار بركة، الوزير المنتدب للشؤون العامة والاقتصادية، ووزير الجالية محمد عامر ووزيرة الثقافة ثريا جبران، كما حضر ممثلون عن مؤسسات مختصة، مثل مؤسسة الحسن الثاني ومجلس الجالية. ولاحظ المتتبعون لتظاهرة أوفنباخ أنه بقدر ما كان الحضور الرسمي المغربي مكثفا، فقد كان الحضور الألماني ضعيفا، سواء على المستوى الرسمي أو غير الحكومي، مثل هيئات أرباب العمل والجمعيات والمؤسسات التي تهتم بالتعاون والاستثمار، باستثناء وكالة التعاون التقني الألمانية التي كان حضورها بارزا في عدد من الندوات. وبسبب هيمنة الفعاليات المغربية على تظاهرة «فوروم المغرب»، فقد كان منتوجها بالأساس موجها إلى أبناء الجالية، وربما شكلت جسرا لمستثمرين ألمان كما يعتقد منظمو التظاهرة، لكن ذلك يظل برأي المتتبعين محدودا جدا. رسالة شباب الجالية شكلت تظاهرة أوفنباخ مناسبة متميزة لآلاف المغاربة الذين جاؤوا إليها من مناطق مختلفة في ألمانيا، لإعادة اكتشاف ما يجري في المغرب، وخصوصا الشباب سواء الذين ولدوا في ألمانيا أو الذين جاؤوا إلى ألمانيا منذ سنوات بهدف الدراسة أو العمل. ورصد المتتبعون للتظاهرة أن الحوارات التي دارت خلال ندواتها وورشاتها، كانت في سياقات ثلاثة أساسية، أولها ما يحمله المخاطبون القادمون من المغرب مثل الشركات العقارية أو المصرفية والسياحية، التي قدمت عروضها عن الفرص الاستثمارية ومنتوجاتها، وقد لاحظ بعض الزوار المغاربة مثلا أن أسعار المنتوج العقاري كانت مرتفعة جدا، مقارنة بأسواق أوروبية مثل إسبانيا. أما السياق الثاني، فقد ظهر من خلال انشغالات فئات الشبان من أبناء الجالية، وتتركز في قضايا التشغيل والاندماج في السوق المغربي، إثر استكمال الدراسة في ألمانيا أو حتى بناء علاقات مع مكونات السوق المغربي بالنسبة إلى الذين يفكرون في إقامة مشاريع. وقد لاحظ بعض الطلاب والشبان أن زملاءهم الذين يعودون إلى المغرب بعد انتهاء دراستهم، ورغم أنهم يحملون شهادات عليا من جامعات ألمانية مرموقة وتخصصات متقدمة، فإنهم يصطدمون بصعوبات في التواصل مع سوق الشغل المغربي، ناهيك عن الاندماج فيه. فمثلا، قال بعض الطلاب إن عددا من الشركات والمؤسسات في المغرب لا تعترف بشهاداتهم الألمانية، وتطلب منهم معادلتها مع شهادات فرنسية، والحال أن قيمة الشهادات الألمانية، في عدد كبير من التخصصات، تفوق نظيراتها الفرنسية. كما يواجه هؤلاء الشبان متاعب في التواصل اللغوي، لأن مخاطبيهم المغاربة يشترطون عليهم اللغة الفرنسية كلغة تواصل وعمل. واقترح بعض المتحدثين استحداث آلية لتسهيل اندماج أبناء الجالية الذين يودون العودة إلى بلدهم، ولاسيما علاقتهم بسوق العمل والقطاعين الخاص والعام، وبعضهم يحمل أفكار ومشاريع في قطاعات تعتبر واعدة في التعاون بين ألمانيا والمغرب مثل قطاع الطاقات المتجددة، وهو ما يثير تساؤلات حول طبيعة دور مؤسسة «سيم» التي تعمل منذ فترة بدعم من وكالة التعاون الفني الألمانية لدعم الاندماج بين السوقين المغربي والألماني. أما السياق الثالث، فقد كان سياسيا، حيث دارت المناقشات في تظاهرة أوفنباخ بشكل صريح، وقد ساعد في ذلك الانفتاح المتبادل بين المخاطبين القادمين من المغرب وأبناء الجالية، وأظهرت المناقشات وجود انطباعات لدى أبناء الجالية بأن تطورات حدثت في السنوات الأخيرة في المغرب، في مجالات العلاقة مع الإدارة والتواصل بين الحكومة والرأي العام وحقوق الإنسان، لكنهم مازالوا يشعرون بأن هنالك مسافة تفصلهم عن الواقع المغربي وهم بحاجة إلى بناء مزيد من الجسور. روائح «المغرب الشرقي» لاحظ المتتبعون أن تظاهرة أوفنباخ والتي كان شعارها «المغرب الشرقي ضيف شرف»، بما حملته معها من روائح «البلاد» من موسيقى وطبخ وعروض فلكلورية، كانت لها أصداء خاصة لدى أبناء المغرب الشرقي والريف، الذين يشكلون نسبة هامة من الجالية المغربية في ألمانيا، وكانت منطقة فرانكفورت والمدن القريبة منها مثل أوفنباخ، وهي كلها تابعة لولاية هيسن، من أوائل المناطق الألمانية التي قصدها المهاجرون المغاربة منذ بداية الستينات. وأوفنباخ مدينة صغيرة لا يتعدى عدد سكانها مائة وعشرين ألف نسمة، وتقع على نهر ماينز بجوار مدينة فرانكفورت العاصمة المالية لألمانيا، وتعتبر أوفنباخ مدينة حديثة النشأة وشيدت تقريبا منذ نصف قرن، ويعتمد اقتصادها على الصناعة وتتواجد بها نسبة كبيرة من المهاجرين، وتتعايش بها جاليات متنوعة بثقافاتها ودياناتها المختلفة. وقد أعلن في ختام التظاهرة أن دورتها المقبلة ستعقد العام المقبل في مدينة أوفنباخ، مما يضفي عليها طابع الاستمرارية لكن في إطارها المحدد، ويمكن القول إن هذه التظاهرة نجحت في ربط صلات تواصل بين قطاعات من أبناء الجالية وبلدهم، ولا يمكن تحميلها أكثر من طاقتها، بيد أن حجم الجالية المغربية وتعدد فئاتها وتشعب مشكلاتها، يجعلها بحاجة إلى مبادرات على نطاق أوسع موجهة حسب الفئات وحسب المناطق. أوفنباخ المغربي لكرة القدم يلفت نظر المتتبعين لتظاهرة معرض المغرب في أوفنباخ حضور الفعاليات الرياضية، وهو أمر يفسر بحضور تقليدي ونشيط للجالية المغربية في هذه المنطقة، إذ سعى أفراد الجالية منذ أكثر من عشرين عاما إلى تأسيس فريق محلي لكرة القدم ويطلق عليه «أف. سي أوفنباخ المغرب»، ويوجد الفريق ثانيا في ترتيب فرق كرايس ليغا- أ المحلية في ولاية هيسن. ومن حسن طالع تظاهرة معرض المغرب تزامن تنظيمه مع فوز فريق أف سي أوفنباخ المغرب على فريق لانغين بهدف لصفر سجله نجم الفريق المغربي فاطمي، وتوجد بولاية هيسن وغيرها من الولايات الألمانية عشرات الفرق المغربية لكرة القدم، ولها نجومها المحليون وتتوفر على كفاءات رياضية ويدربها في غالب الأحيان أطر ألمان. جائزة ألمانية حول تعثر النهضة العربية أعلنت مؤسسة ابن رشد للفكر الحر، التي يوجد مقرها في برلين، أنها خصصت جائزتها للدورة العاشرة، وستمنح لباحث عربي تتناول أعماله أسباب تعثر النهضة العربية. وتبلغ قيمة الجائزة ألفين وخمسمائة يورو وهي رمزية نسبيا ولكن قيمتها المعنوية كبيرة، لأن الذين سبق لهم أن فازوا بالجائزة هم أسماء مرموقة في الفكر والثقافة العربية، كما سبق أن حازت مؤسسات إعلامية مثل قناة الجزيرة الفضائية على الجائزة، وسبق أن منحت الجائزة لأسماء ضمنها عزمي بشارة ونصر حامد أبو زيد والمخرج التونسي نوري بوزيد. وتسلم الجائزة في ديسمبر المقبل لباحث خصص عمله لأسباب فشل حركة التنوير في بلاد خرج منها مفكرون وعلماء عظام مثل ابن رشد وابن سينا وابن خلدون، وأكدت مؤسسة ابن رشد أن البحث ينبغي أن يبحث الأسباب التي أدت إلى فشل مشاريع التنوير في العالم العربي، مما جعل الهوة بينه وبين الدول المتقدمة أعمق. وتعتمد المؤسسة لمنح الجائزة على التصويت، حيث يحق لأي مثقف عربي ترشيح من يرى أن أعماله تتناسب مع عنوان الجائزة، ويستمر الترشيح حتى الثامن من يونيو المقبل. ومؤسسة ابن رشد للفكر الحر هي مؤسسة ثقافية غير حكومية أسست بمبادرة من مثقفين عرب يعيشون في ألمانيا ويساهم الأعضاء في تمويلها.