انطلقت الاثنين الماضي بتونس العاصمة أشغال ورشة لخبراء إعلاميين قصد دراسة سبل توظيف وسائل الإعلام وتكنولوجيا المعلومات والاتصال لتصحيح المعلومات حول صورة الإسلام. ويشارك في هذا الاجتماع، المنظم بمبادرة من المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) بتعاون مع جمعية الدعوة الإسلامية العالمية وبتنسيق مع معهد الصحافة وعلوم الأخبار بتونس، باحثون في مجال الإعلام ومسؤولون عن معاهد التكوين الإعلامي بعدد من البلدان العربية، من بينها المغرب، الذي يمثله عبد الرحيم السامي، مدير الدراسات بالمعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط. ويهدف الاجتماع إلى تبادل الخبرات حول تقنيات العلاقات العامة وصناعة الصور الإعلامية البديلة، واقتراح مشروع برنامج تدريبي للإعلاميين حول صناعة الصور البديلة وتصحيح المعلومات حول الإسلام في وسائل الإعلام، إضافة إلى التعريف بمضامين برنامج الرد على حملات التشويه الإعلامي للإسلام والحضارة الإسلامية، ودراسة آليات تفعيله في الجانب المتعلق بالبحث والتدريب الإعلامي. وأشار محجوب بنسعيد، الخبير بمديرية الثقافة والاتصال بمنظمة (إيسيسكو)، في كلمة المنظمة، إلى أن هذه الأخيرة تسعى من خلال هذا الاجتماع إلى التوعية بأهمية تفعيل آليات الرد على حملات التشويه الإعلامي للإسلام والمسلمين باعتماد مقاربة علمية تطبيقية تزاوج بين البحث الأكاديمي في مجال رصد الصور النمطية حول الإسلام والمسلمين، وبين دعم تأهيل الإعلاميين المتخصصين للرد على هذا التشويه الإعلامي وتصحيح المعلومات المغلوطة. كما ذكر أن هذا الاجتماع يأتي في إطار السعي إلى مواكبة المستجدات المتلاحقة التي يشهدها قطاع الاتصال الجماهيري وتكنولوجيا المعلومات والاتصال وتدريب طلبة معاهد ومؤسسات التكوين الإعلامي في الوطن العربي على توظيفها في الرد على حملات التشويه الإعلامي للإسلام والحضارة الإسلامية. ولاحظ أن بعض وسائل الإعلام الغربية تحاول، من خلال توظيف أرقى ما وصلت إليه تكنولوجيا المعلومات والاتصال، أن تروج صورا نمطية سلبية عن الإسلام والمسلمين وتجعلها أكثر شيوعا وذيوعا. بيد أن المتحدث سجل في المقابل تنامي الوعي منذ أحداث11 شتنبر2001 لدى المسؤولين في العالم الإسلامي بضرورة التصدي بكل حزم لتصحيح الصورة المشوهة للإسلام في الإعلام الغربي. وقال إن هذا الاهتمام تبلور على صعيد المنظمات الإقليمية والدولية، ومن بينها المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة التي بادرت إلى تنظيم العديد من الندوات وإصدار العديد من الدراسات لتسليط الضوء على خصائص ظاهرة التشويه الإعلامي الغربي للإسلام والمسلمين، والبحث عن سبل مواجهتها والحد من تأثيراتها السلبية على العقل الغربي، وسلوك المواطنين في المجتمعات الغربية وكذا على الأمن والسلم والتعايش بين الشعوب. ويتضمن برنامج الاجتماع مناقشة عرض حول موضوع «الصور النمطية حول الإسلام في الإعلام: من التحقير إلى التخويف»، للخبير الإعلامي التونسي مصطفى المصمودي، فضلا عن عروض أخرى حول متطلبات تقنيات العلاقات العامة وصناعة الصور البديلة. إلى ذلك، اعتبر الخبير الإعلامي المغربي عبد الرحيم السامي أن العرب والمسلمين لا ينبغي أن يكتفوا بالرد على الحملات المسيئة للإسلام والمسلمين، بل هم مطالبون بالمبادرة واستباق الأحداث لتنوير الرأي العام الغربي بلغاته «حتى يمارسوا حقهم داخل المجتمعات الديمقراطية الغربية في التمتع بالاحترام والأمن والحرية«. وعبر السامي، في مداخلة له عن اعتقاده بأن كتاب «صراع الحضارات» لصماويل هتينغتون، قد شكل بداية تبلور الأفكار والرؤى والصور الخاطئة والنمطية عن الإسلام والمسلمين، نظرا للرواج الذي لقيه في أوساط الرأي العام، وما آثاره من تعاليق وردود أفعال في الأوساط الإعلامية الغربية. وسجل أن الاهتمام بالإسلام والمسلمين في وسائل الإعلام الغربية غالبا ما تطبعه سمات لا تخدم قضاياهم بقدر ما تسيء إلى قيمهم ومعتقداتهم، لكون المقاربات الإسلامية تنم عن جهل كبير بالعالم الإسلامي وبتاريخه الزاخر بالعطاء للإنسانية جمعاء، ومساهمته لما يزيد عن ثمانية قرون في إثراء العلم والمعرفة وإشاعة روح الانفتاح والتضامن والتسامح. وللحد من انتشار المعلومات والأفكار المغلوطة والتقليل من أثرها على الرأي العام الغربي، طرح المتحدث جملة من الاقتراحات، منها إشراك المثقفين الغربيين في حملات التعريف بالإسلام وقيمه السمحة، أو في التعبير عن رفضهم الإساءة والاستفزاز لمشاعر المسلمين ولرموز الديانة الإسلامية. ودعا السامي المثقفين المسلمين، من بين الجاليات الإسلامية القاطنة بالبلدان الغربية، إلى التحرك للدفاع عن حقائق الإسلام ومشاعر المسلمين على غرار ما تفعل أقليات أخرى، بلغة قادرة على النفاذ إلى عقول صانعي الرأي العام والشرائح العريضة من المجتمعات الغربية. كما دعا إلى تنظيم ندوات ولقاءات إعلامية من طرف نوادي الصحافة العربية والاسلامية المتواجدة في البلدان الغربية حول مواضيع الساعة التي تهم الإسلام والمسلمين، حاثا على تنشيط دور الملحقين الثقافيين والإعلاميين بسفارات البلدان العربية والإسلامية، قصد التعريف بمزايا وفضائل الإسلام وتصحيح الأخطاء والصور النمطية التي يتم ترويجها عنه. واقترح السامي تنظيم ملتقى لطلبة وصحافيي بلدان البحر الأبيض المتوسط في موضوع صورة الإسلام والمسلمين في وسائل الإعلام الغربية، وتفعيل دور جمعيات الصداقة العربية الأوروبية والإسلامية الأوروبية في الدفاع عن صورة الإسلام والتعريف بقيمه في المجتمعات الغربية.