لم يعد المركز الاجتماعي تيط مليل كما كان في السابق، بل تغير إلى الأفضل، وتوسعت بناياته وأجنحته لتستوعب نزلاء أكثر، حيث يكتشف الزائر وجود عدد من الأسرة الفارغة التي تنتظر قادمين جددا من المتسولين والمسنين والمتخلى عنهم، في حين كان النزلاء في سنوات ماضية يعانون من «الضيق» وعدم وجود العناية الكافية. وحسب تقرير أنجزته إدارة المركز الاجتماعي تيط مليل، خاص بحصيلة الأعمال المنجزة في السنة الماضية، فقد تم استقبال 3806 أشخاص موزعين بين مشردين وذوي احتياجات خاصة، أما النسبة الأكبر فهي للمتسولين الذين وصل عددهم إلى 3184. من جهة أخرى يقول مدير المركز إنه تم توظيف سبعة مساعدين اجتماعيين لتأطير عملية محاربة التسول، إضافة إلى تكوين لمدة أسبوع لفائدة 6 مستخدمين، إلا أن واقع الحال يؤكد العكس، إذ يبدو أن المسؤولين عن الأجنحة لا يتوفرون على أي تكوين، بل إن بعضهم تم اختياره من بين النزلاء نظرا لأقدميته وحسن سيرته، حيث يلجأ عادة إلى هذا الاختيار تفاديا لأداء أجور محترمة لمساعدين اجتماعيين تلقوا تكوينهم في المعهد الوطني للعمل الاجتماعي بطنجة والذي تعاني دفعات خريجيه من بطالة قاتلة. غياب التكوين وأهل الاختصاص يظهر جليا في طرق التعامل مع المرضى نفسيا والقاصرين منهم خاصة، إذ يملك المسؤول عن جناح المرضى نفسيا، على سبيل المثال حقيقة لا يخالطها الشك، ويقول إن العلاج الوحيد للأشخاص الذين يعانون من إعاقة ذهنية هو الضرب المبرح والتكبيل والأدوية، جازما بأنه لا يوجد حل آخر للحد من انفعالاتهم ومن الشغب الذي يحدثونه كلما اشتدت حالتهم النفسية، ولا يعرف أحد أين درس هذا العلم ومن أي جامعة تخرج. وعلى عكس الأولاد الذين يحلمون بالقفز من على أسوار المركز ليلا وفي غفلة من الحراس، تجمع النساء المسنات على تشبثهن بالمركز الذي يفضلنه على العيش في الشارع ويعددن أفضاله عليهن، لأنه حسب أقوال أكثر من واحدة يمنحهن سريرا للنوم ووجبات أكل منتظمة ورعاية صحية لم يكن يحلمن بها، كما أنه انتشلهن من قسوة الشارع ومن التسكع ومد اليد للآخرين. توجد في المركز الاجتماعي تيط مليل حالات إنسانية مؤثرة، بعضها لا يرغب في مغادرة هذا المكان ولا يريد أن يرى العالم الخارجي مرة أخرى، والبعض الآخر يحلم بالحرية والعيش بين أحضان أسرة كما يفعل معظم الناس، ويرى أنه في سجن، رغم أن الإدارة تحاول جاهدة إزالة هذه الصورة وجعل المركز يقوم بوظيفة الإيواء ومساعدة النزلاء على الاندماج، بدل تحسيسهم بأنهم يقبعون في مؤسسة للعقاب. التفاصيل في صفحة روبورطاج.