حل عصر النساء في إسبانيا وانتهى عصر «سي سيد» إلى غير رجعة، على الأقل على المستوى الحكومي، لقد فعلها رئيس الوزراء الإسباني خوسي لويس رودريغيث ثباتيرو ووضع ثقته في النساء اللواتي أصبحن يشكلن غالبية حكومته الجديدة التي نصبها أول أمس، بل إنهن يشغلن قطاعات حيوية، مثل وزارة الدفاع التي عادت إلى كارمي تشاكون، مما خلق مفاجأة كبيرة داخل الأوساط السياسية والرأي العام الإسباني الذي مازال لا يتصور كيف ستضع امرأة حامل في شهرها السابع خطة لتطوير الجيش الإسباني المقبل على تحديات كثيرة، وكذا كيف ستواجه الاحتجاجات التي اندلعت في سبتة ومليلية بعد قرار تخفيض عدد قوات الجيش بهما، فلم يعد أمام تشاكون غير شهرين لتضع مولودها الجديد وبعدها يجب أن تتفرغ له على الأقل لمدة شهرين، قبل أن تواجه صقور المؤسسة العسكرية القائمة أصلا على عقلية ذكورية متحجرة، خصوصا مع الرفض الذي ظهر لقانون المسار العسكري الذي يروم تطوير القوات الإسبانية، أما جنرالات المغرب فسيفرحهم هذا القرار على الأقل، فتشاكون لن تعاقر الخمر حتى الثمالة ذات يوم وتقول بعدما تلعب برأسها إنها كانت ترغب في السطو على جزيرة المعدنوس ثماني سنوات قبل «غزوة أثنار»، مثلما فعل وزير الدفاع الإسباني السابق فريدريكو تريو. وعادت وزارة المساواة إلى بيبيانا أيدو، التي تعد إحدى جميلات الحزب الاشتراكي العمالي، وأصغر وزيرة في عهد إسبانيا الديمقراطية، إذ لا يتجاوز عمرها 31 عاما، وتعتبر بدورها مفاجأة كبرى لحكومة ثباتيرو الجديدة، وسينصب عملها أساسا على محاربة الإرهاب المنزلي الذي أودى بحياة 22 امرأة منذ بداية العام الجاري، إنهن نساء قتلن كلهن على أيدي أزواجهن ذوي الأعصاب المنفلتة بطبيعة الحال، وتمتلك بيبيانا حسا رفيعا في التعامل مع هذه القضايا، بحكم أنها اشتغلت في إدارة مؤسسة للفلامنكو وتتقن الرقص على الخشبة الذي يتطلب السرعة والإبداع حتى تدخل بطريقة فنية جميع الثيران إلى إسطبل التاريخ الإسباني وتحكم إغلاق الباب. أما بياتريس كوريدو، فمهمتها ليست سهلة في وزارة الإسكان، بحكم ارتفاع أسعار العقار بشكل خيالي خلال الشهور الأخيرة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية، وبات عليها أن تتعلم الكثير من «الفهلوة» في مدرسة زميلها المغربي توفيق احجيرة، لأنه يملك خبرة كبيرة في تدبير الأزمات في هذا المجال مهما كانت الظروف، ناهيك عن خبرات أخرى في التعامل مع الوزيرات. وتكتمل الحلقة ب«الينا اسبينوزا» التي حملت حقيبة البيئة والعالم القروي، وهي حقيبة ثقيلة بحكم أن ثباتيرو سطر ضمن أهدافه الرئيسية في عمل حكومته المقبلة تحقيق نجاحات في المجال البيئي. وبالمقابل سيجد كريم غلاب، وزير التجهيز المغربي، أمامه الوزيرة ماغدالينا ألفاريس التي تشغل منصب وزيرة النقل، فربما يكون بقاؤها في الحكومة الحالية فأل خير ليكتمل مشروع الربط القاري بين ضفتي مضيق جبل طارق، خصوصا أن الوزيرين يتقاسمان ذكريات كثيرة بعدما ألغيت بينهما عدة مواعيد إلى أجل غير مسمى. النساء يمثلن الغالبية في الحكومة الإسبانية الجديدة، لذلك فتحسين العلاقات بين ضفتي مضيق جبل طارق يبقى في أحد أوجهه مرتبطا بمدى الرقة التي سيظهرها المسؤولون الحكوميون المغاربة وقدرتهم على التعامل مع الجنس اللطيف.