اصطف عشرات من تلامذة مدرسة أهرمومو العسكرية، الذين كانوا ينتظرون التعيينات لبدء مشوارهم المهني عام 1971 قبيل وقوع المحاولة الانقلابية ضد الحسن الثاني، أمام مقر المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بالرباط عشية يوم الجمعة الماضي، وقد بدت عليهم آثار التقدم في السن والشيخوخة، للمطالبة بتسوية أوضاعهم والاستفادة من التعويضات التي استفاد منها زملاؤهم الذين كانوا أعلى منهم رتبة، والذين قضوا أعواما رهن الاعتقال في سجن تازمامارت السري. وقال الحسن العدوي، الذي قضى عاما من الاعتقال إثر المحاولة الانقلابية بعد محاكمته أمام المحكمة العسكرية قبل تبرئته رفقة زملائه الآخرين: «نريد الاستفادة من التعويضات المادية مثلنا مثل باقي الزملاء الآخرين، بعد أن ضاعت حياتنا كلها». العدوي كان يمسك مع رفاقه الآخرين لافتة كتب عليها «مجموعة أهرمومو: نطالب بالكشف عن مصير القتلى والمفقودين من رفاقنا والتعويض عن الأضرار والانتهاكات التي ألحقتها بنا القوات المسلحة الملكية». ويقدر عدد طلبة مدرسة أهرمومو، الذين ينتظرون صرف التعويضات لهم بعد تقديم ملفاتهم أمام المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان قبل سنوات، بنحو 800 فرد، شارك عدد منهم في الوقفة الاحتجاجية ليوم الجمعة الماضي، التي دعا إليها المنتدى المغري للحقيقة والإنصاف، جاؤوا من مكناس وفاس والقنيطرة وسوق أربعاء الغرب وتازة. وشارك في الوقفة أيضا معتقلون سابقون في معتقل تاكونيت السري وأعضاء في المنتدى رفعوا شعار الاعتذار إلى الضحايا، حسب ما تؤكده توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، ودعوا إلى «محاكمة الطغاة وتسليم الرفات». وتزامنت تلك الوقفة مع تصريحات صادرة عن مسؤولين في المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان تفيد بأن جلسات الاستماع العمومية إلى الضحايا التي نظمتها الهيئة بعدد من المدن المغربية تقوم مقام الاعتذار الرسمي للدولة. وقال محمد الصبار، رئيس المنتدى المغربي من أجل الحقيقة والإنصاف، في تصريح ل«المساء»، إن الوقفة مناسبة لتوجيه رسالة متعددة إلى عدد من الجهات «بدءا من المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان والحكومة، وعلى رأسها الوزير الأول وأعلى سلطة في البلاد، من أجل طي هذا الملف على أسس معيارية سليمة. نحن الآن على بعد أزيد من سنتين وهذا الملف لازال يراوح مكانه وكأن المسؤولين بهذا البلد أرادوا أن يضعوا هذا الملف في قاعة الانتظار. الضحايا نفد صبرهم، وعدد منهم مستاء من عدم التعرف على مصير ذويهم، وعدد منهم مستاء من حجم التعويضات، وعدد منهم تم إقصاؤهم من التعويض بدعوى عدم الاختصاص، وجبر الضرر الجماعي ينفذ بطريقة غير مرضية حيث تم تغييب المنتدى والحركة الحقوقية في التنسيقيات التي أنشئت لهذا الغرض، ناهيك عن التعويضات المتعلقة بالإصلاحات السياسية والدستورية والمؤسساتية، حيث لم يتم الشروع فيها إلى حد الآن». ويرى المنتدى، في بيان حصلت «المساء» على نسخة منه، أن التوصيات المتضمنة في التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة، الذي تم تبنيه بصفة رسمية، لم تكن في مستوى آمال وتطلعات ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وأن ملف الماضي مازال يراوح مكانه بعد عامين من صدور تلك التوصيات، خاصة في ما يتعلق بالكشف عن الحقيقة وإرساء الضمانات الكفيلة بالوقوف حائلا دون تكرار ما حصل وبحفظ الذاكرة وجبر الضرر الفردي والجماعي. وطالب المنتدى بالإسراع بإعطاء نتائج الخبرة العلمية لتحديد هوية المتوفين، سواء بالمقابر الفردية أو الجماعية المكتشفة والتي تم أخذ 172 عينة بشأنها، وإطلاق سراح ما تبقى من المعتقلين السياسيين، وتعميم التغطية الصحية الأساسية لتشمل جميع الضحايا بدل الاقتصار على من قدموا ملفاتهم داخل الآجال القانونية، والإدماج اجتماعي لضحايا الانتهاكات.