شنت السلطات الأمنية بفاس، في الأيام القليلة الماضية، حملة على المتسولين والمشردين، مبعدة إياهم إلى مناطق مجاورة، وذلك استعدادا للزيارة التي يرتقب أن يقوم بها الملك محمد السادس للمدينة لتدشين عدد من المشاريع الاجتماعية. وعُوين متسولون ومشردون «معروفون» بفاس في منطقة سيدي حرازم، كما شوهد آخرون بمنطقة مولاي يعقوب. أما المجلس الجماعي، فقد أعلن «حالة تأهب قصوى» لتبليط وتزيين الشوارع التي ينتظر أن يمر منها الموكب الملكي. ورفعت الأعلام في مختلف هذه الشوارع، فيما أصدر الشيوخ والمقدمون تعليماتهم للسكان الذين يطلون على هذه الشوارع بألا يلجؤوا إلى استقبال الملك عبر النوافذ والسطوح، وذلك كإجراء أمني «احترازي» تقوم به السلطات في الأحياء الشعبية التي يزورها الملك. وإلى جانب ذلك، قامت أجهزة الأمن بحملة تمشيط في كل المناطق الجبلية المجاورة لهذه المناطق المكتظة بالسكان. كما حلقت طائرات الهليكوبتر طيلة يومي الأربعاء والخميس بأجواء هذه المناطق. وعلم من مصدر جماعي بأن الملك محمد السادس سيزور مقاطعة المرينيين لتدشين مؤسسة مخصصة للأطفال المتخلى عنهم. وتعرف هذه المقاطعة بضمها لخزان من الأحياء الهامشية بفاس. ولوحظ رئيس المقاطعة رفقة الباشا يوم أول أمس الخميس وهما في حالة من «التأهب» لوضع اللمسات الأخيرة على تنميق الشارع الذي سيوصل الموكب الملكي إلى المؤسسة التي ينتظر تدشينها. ومن شأن الزيارة الملكية لهذه المقاطعة أن تظهر لمسؤولي الرباط الذين سيرافقون الملك حجم الإهمال الذي تعانيه هذه المنطقة التي تضم أكثر من 130 ألف نسمة، وتختزن أكبر نسب الإجرام والانحراف على مستوى المدينة. «المساء» زارت عددا من دروب هذه المقاطعة، ووقفت على «عمارات» شاهقة مهددة بالانهيار بسبب عدم احترام المعايير المعمول بها في مجال البناء. كما وقفت على حجم كثيف للأزبال في شوارعها وأزقتها. هذا بالرغم من كون المجلس الجماعي قد عمد إلى تكليف شركة خاصة بمهمة جمع نفايات كل أرجاء المدينة. واشتكى عدد من السكان الذين التقتهم «المساء» من انعدام الأمن بالمنطقة، كما اتهموا المجالس المنتخبة باستغلال أصواتهم من أجل الوصول إلى الكراسي وبعدها تملصوا من وعودهم والتزاماتهم. وتم الوقوف على منزل تحول سطحه إلى مطرح للنفايات بسبب وجوده في أسفل سفح بالمنطقة. ويذكر علي العسري، وهو صاحب المنزل، أنه مهدد بالموت نتيجة خطر الانهيار الذي يواجهه منزله بسبب تراكم النفايات على سطحه. أما سكان حي الأوداية، القريب من الشارع الرئيسي الذي يرتقب أن يمر منه موكب الملك، فيشكو مما سماه أحد القاطنين به بالحصار، نتيجة غياب الطريق المعبد وغياب الإنارة العمومية وقنوات الصرف الصحي. الساكنة بهذا الحي أشارت كذلك إلى أن السلطات عمدت إلى إغلاق مسجد الحي، مبررة ذلك بالتخوف من التطرف، وهو ما يدفع الساكنة إلى قطع ما يقارب كيلومترين لأداء فريضة الصلاة. وفي السياق ذاته، وقبل هذه الزيارة، عقد والي الأمن حفلا بمقر الولاية وحضره مختلف العاملين بهذه الأجهزة، وذلك إلى جانب بعض وسائل الإعلام. الوالي محمد العروسي تلا رسالة الملك التي وجهها إلى مختلف الأجهزة الأمنية بعد تفكيك ما يعرف بشبكة بلعيرج. وحرص والي الأمن العروسي، بعد انتهائه من قراءة الرسالة، على التذكير بضرورة «بذل المزيد من الجهود لضمان سلامة الوطن والمواطنين وممتلكاتهم». وقال إن الرسالة الملكية تعتبر بمثابة تحفيز لرجال الأمن على العمل أكثر «لنكون في مستوى ثقة جلالة الملك». وحضر الحفل إبراهيم أوسيرو، والي الأمن ومدير مديرية الأمن العمومي. واستغل هذا الأخير الفرصة لكي يطمئن رجال الأمن بأن مشاكلهم الاجتماعية تحظى بالاهتمام من قبل الإدارة العامة للأمن الوطني. ولم يدم الحفل إلا قليلا، حيث انفض الجمع والتحق الأمنيون بمواقعهم استعدادا لزيارة الملك.