خلف التواصل والترفيه ومسابقات الأغاني والفلكيات التي تعلن عنها شركات مراكز الاتصال توجد خدمة أخرى غير معلن عنها هي ممارسة الجنس الصوتي عبر الهاتف مقابل حوالي سبعة دراهم للدقيقة، فتيات كثيرات على الخط ليحققن لك كل ما تشتهي، فقط اتصل واطلب ما تريد، من كلمات داعرة ونزع للملابس ونوم في سرير من أحلام، هنا تفاصيل حوار ساخن وماجن بمجرد تركيب أرقام هاتف وردي. احذروا فالمكالمات تساوي الكثير. حملت سماعة الهاتف وركبت الرقم الذي عثرت عليه في إحدى الجرائد المغربية على شكل إعلان، قلت للفتاة التي كلمتني في الجانب الآخر من الخط إني ضجران وأبحث عمن يسليني. كانت الفتاة لطيفة معي ورقيقة وصوتها دافئ يجعلك تتمنى أن يستمر حديثكما أطول مدة ممكنة لكن ما هي التكلفة. عندنا كل ما تشتهي، هذا ما أكدته لي، هناك مسابقة أغان وأبراج، يمكننا أن نقرأ طالعك وأشياء أخرى... لكني لم أقنع، وقلت لها إني أريد أكثر، وبدت أنها على استعداد للاستجابة لطلبي، وخفضت من صوتها، كما لو كانت تهمس في أذني أو تسر لي بشيء تحب أن لا يسمعنا ونحن نتكلم عنه شخص ثالث أو أي فضولي. الذكية، لقد فطنت للوهلة الأولى ماذا تعني «أريد أكثر» هذه، ووعدتني بالصبر قليلا وطلباتي كلها مستجابة. هناك مشكلة بسيطة وستحل بعد دقائق، هذا ما قالته لي بالضبط، الخطوط التي تطلبها كلها مشغولة، لأن البنات عندهن مكالمات مع زبائن آخرين، وستفرغ بعد قليل، وستكلمك أجمل واحدة عندنا. قلت مع نفسي إن في الأمر حيلة، ويريدونني أن أنتظر لأستهلك الهاتف أكبر وقت ممكن، لا ضير قلت فأنا ألعب لعبة مسلية وعلي أن أكملها وأصل إلى النهاية. وبالفعل بعد دقيقة أخذت الخط فتاة اسمها إيمان، إنه الاسم الحركي للصبية التي ستزيل كربتي، فقد أخبرتها أني أعيش محنة وأحتاج إلى امرأة بأي شكل، وهي الوحيدة التي ستنقذني من الانتحار. أعرف أن إيمان لا تحبني وتتحدث معي كي يكافئها مشغلها، وكلما جعلتني أطيل المكالمة كلما حصلت على مقابل مالي أكبر، اللعبة واضحة جدا، ومع ذلك فهي جميلة، وسأخوضها إلى آخر رمق. لكن مسألة صعبة ستعترض طريقي، إذ علي أن أصرح برغباتي الغريبة والماجنة، علي أيضا أن أتغلب على خجلي وأفصح عما أريد، أن أتقن التمثيلية كأي ممثل بارع. إيمان طيبة جدا وتعمل جاهدة على مساعدتي كي أغالب خجلي بصوتها المهيج جنسيا، إلا أني مازلت وإلى حد هذه اللحظة عاجزا عن تخيل ممارسة جنسية عبر الهاتف، ماذا أفعل؟ سأغامر بكل ما أعرفه من معجم الحب الداعر، فلم تعد هناك إمكانية للتراجع، وإن فعلتها سأخسر كل شيء، وعلي أن أبدأ مرة أخرى من الصفر. ليكن قلبك جامدا، قلت مع نفسي، ولأبسط أمامها كل مشاعري الجياشة وكل رغباتي المكبوتة، فهي موجودة على الخط لتحقق كل استيهاماتي، وأنا أؤدي مقابلا عن ذلك، بدقائق الحديث التي تمر سريعة والتي تساوي كل واحدة منها سبعة دراهم كما هو مكتوب بخط صغير لا يرى بالعين المجردة في الإعلان الموجود في الجريدة. لا تبدو إيمان متمنعة، أما الخجل فهو مشكلة أعاني منها وحدي، أما هي فمستعدة من الوهلة الأولى لمنحي جسدها، عبر الهاتف طبعا، دون حاجة أو طلب منها كي أغنجها وأدللها وأقول في حقها كلمات جميلة. كنت في حل من بذل هذا المجهود. تحاول إيمان أن تساعدني وأن تفك عقدة لساني، وتلح علي أن أطلب ما أشتهيه، «آش بغيتي ألحبيب ديالي»، ورغم هذا الدعم أنا في ورطة، قلت بعد تردد: أحب أن أعرف ماذا ترتدين، وأحسست أني مقدم على خطوة غبية، إلا أنها كانت ضرورية لنصل إلى مستوى أعلى وأدق وأكثر جرأة. بضحكة متهتكة تعرت إيمان لأرى جسدها، لا لم تفعل، بل تعرت لأسمعها تتعرى، فأنت في خدمات الخطوط الوردية لا ترى بل تسمع، عليك أن تكتفي بحاسة السمع، وربما هناك من يستمتع بذلك، وإلا لما فكر هؤلاء في الإعلان عن سلعتهم في الجرائد، بل إنه من الأكيد أن هناك زبائن كثرا، يدفعون المال لتعرية البنات عبر الهاتف وصوتيا. لم تكن إيمان بخيلة ووصفت لي كل ملابسها بدءا من تنورتها السوداء القصيرة و«البودي» السيكسي، والعهدة على حبيبتي إيمان، لكني قلت إني أريد أكثر، لذلك كان لعابي يسيل من السماعة وأنا أتحدث، وألح عليها كي تواصل، وتخلع كل ملابسها، آه قالت إيمان، تحت التنورة... وعدت إيمان أننا حين نلتقي سأهدي لها ملابس كثيرة، وتظاهرت بالفرح والسعادة، وحددت لي الألوان التي تفضلها، من أحمر ووردي وفستقي وأبيض... وأكدت لها أن رغباتها مستجابة وسأمنحها كل ما لا يخطر على بال، حتى المال سأعطيه لك يا إيمان. الهاتف صار ساخنا، وأذني اشتعلت فيها النيران، لقد تعرت إيمان بالكامل، رغم أنها قد تكون في تلك اللحظة بكامل ملابسها، لكني صدقت وحاولت أن أتجاوز التصديق إمعانا في اللعبة. إنها مهنتها، وكفاءتها أنها تعمل على جعلك تصدق أنك تمارس الجنس عبر الهاتف، أن تتحدث معك أطول وقت ممكن وأن تدخلك إلى السجن بعد أن تصلك فاتورة الهاتف. السجن للعشاق، وعلي ألا أبالي، فالهاتف يزداد التهابا، وإيمان الذكية والماهرة تضحك على جاهل ومهووس جنسيا مثلي، لأنها في نهاية المطاف لن تفتح لي قلبها، بل أذنها فحسب، حاسة سمعها التي تبيع الجنس للراغبين في ذلك، في إعلانات بالجرائد عن هواتف للتواصل والترفيه وتبادل النغمات. وما أجملها من نغمات، إنها تذيب الحجر، وتحيي المشاعر الميتة. لقد عريتها وعلي الآن أن أبدأ الخطوة التالية، الخطوة الأخطر، أن أداري خجلي وأتقدم في الهاتف إلى أن أصل مرادي، في حرب ضد الساعة وضد الدقائق التي تمر سريعة وتملأ فاتورة الهاتف. أف، لقد انقطع الخط، وأظن هناك مؤامرة ضدي كي لا أصل إلى مبتغاي، وكي لا أنام مع إيمان في الهاتف عبر الأسلاك التي تنقل نبضات قلبي. أحاول أن أركب الرقم من جديد، لقد حفظته ولم أعد في حاجة إلى الاستعانة بالإعلان في الجريدة، لكن لا حرارة لسوء حظي، أتلفن مرة تلو أخرى، دون أن أيأس، أنا في ورطة، وعلي أن أكمل الفيلم الذي بدأت. لقد انفرجت غمتي وسمعت صوت الفتاة الأولى، وطلبت منها أن تعطيني إيمان، فوافقت دون تردد، إلا أنها ستجرجرني قبل أن تستجيب لرغبتي، علي أن أنتظر وأن أتكلم مع سعاد ونادية وابتسام قبل أن أجد ضالتي. هذه هي الطريقة لتمر الدقائق دون أن أدري، ولتأتي إيمان في النهاية وهي تضحك في السماعة. قالت لي إنهم في الشركة يقطعون الخط بعد مرور19 دقيقة من الحديث، وأكدت أنها بريئة وغير مسؤولة عما حصل. الأوغاد فرقوا بيننا. إيمان تحبني وغيرمسؤولة، الشركة التي تشغلها وحدها مذنبة، وهي التي عملت على التفريق بيننا. لا يهم، لقد عدنا وليذهب العذال إلى الجحيم. حبيبتي إيمان أنت الآن هنا من أجلي وأنا أصدقك، أنت على الهاتف تحلفين أنك بلا ملابس، لكني أريد أكثر، واتصلت بكم عبر الهاتف وضيعت المال الكثير، لأني أنوي أن أقنع. نعم «ألغزال ديالي» إفعل بي ما تريد، أنا مستلقية من أجلك. بعد ذلك أخذت إيمان تشخر وتشهق وتنخر وترهز ويغمى عليها من شدة اللذة المفتعلة، وأنا أحاول أن أصدقها وأتمادى في اللعبة، وأطلب منها ألا تتوقف كي أصل إلى الذروة المفترضة في الهاتف. لا يكفينا هذا إيمان وأريد أن نلتقي، أن أعرف شكلك ولونك. ردت علي أنها من القنيطرة وتسكن ب«الفيلاج» قرب الواد وأن «ولفي صعيب» وأنها ليست بطويلة ولا قصيرة، وبيضاء، ولما تصبغ شعرها وتصبح شقراء تضع عدسات ملونة. سألتني عن سني، قلت إني تجاوزت الثلاثين، بينما هي عمرها 18 سنة، فتحدثت عن حكمة خطيرة لا تعرفها إلا الضالعات في علم الباه، مفادها أن الأشخاص الذين في سني وهم أفضل من «البراهش». أزعجني الأمر كثيرا، فقبل لحظات فقط، كنت أعتقد أني مازلت شابا، لكن لا بأس، وسأخوض اللعبة إلى نهايتها. ما زاد الإثارة قوة أنها هيجتني بوعد اللقاء في القنيطرة وأننا يمكن أن نحدد موعدا في محطة القنيطرة، «إلا شتيني غادي نجعرك وغادي....» قالت إيمان، ثم سألتني أي مدينة أسكن. قلت الدارالبيضاء وردت علي بأن «بابا هو أيضا يسكن في الدارالبيضاء وفي عين الدياب بالضبط يمارس النصب والاحتيال في الشيكات». قالت ذلك دون أن يرف لها جفن، المجرمة حبيبتي تفتخر بالمجرم والدها وتلتهم نقودي بالحديث في هاتفها الوردي. كانت إيمان تكذب علي، ولهذا السبب حاولت التفوق عليها ومجاراتها في كذبها، فكلانا ليس عار، وكلانا يضحك من الآخر، لذلك وعندما أكدت لي أنها تدخن المارلبورو عندما تكون ميسورة الحال وفورتونا عندما تضيق بها الأزمة، وعدتها بأني سأحضر معي «كارتوش» مارلبورو بالكامل كهدية مني، ولأنها ذكية وتحبني ردت الهدية بأجمل منها سأدهنك حبيبي بالشوكلاطة وسآكلك. لم أكن أظن أني لذيذ إلى هذا الحد، قبل أن ينقطع خط الهاتف وتصبح إيمان مجرد حلم، وقبل أن أستوعب عدد الدقائق التي ضاعت والأموال المهدورة في ساعة شبق صوتية ساخنة ومؤدى عنها.