تقود لينا كريدية مديرة دار النهضة العربية للنشر مغامرة محفوفة بالكثير من الإثارة، من خلال إقدامها على نشر الكتاب الشعري العربي في زمن الرواية وتراجع المقروئية وانحسار تداول الكتاب الشعري. وتنشر في القريب لكوكبة من الشعراء العرب في إطار الدفعة الرابعة، وقد أصدرت إلى حد الآن للعديد من الشعراء العرب ومنهم المغاربة على وجه التحديد، تقول لينا كريدية ل«المساء» إن إقدامها على نشر الشعر المغربي يدخل في إطار التعريف بهذا العالم الشعري في خريطة الشعر العربي، والذي لا تعرف عنه بقية الخرائط الشعرية العربية شيئا، وأضافت بأنها نشرت في مرحلة أولى لمحمد نيس ومحمود عبد الغني وتنشر اليوم لكل من مبارك وساط وعبد الله زريقة كما تنشر في القريب لكل من محمد بنطلحة ورشيد المومني ونبيل منصر وعدد آخر من الشعراء المغاربة. منذ اللحظة الأولى يبرز واضحاً شغف هذه المرأة بالمشروع الذي تتعامل معه كأنه مسألة شخصية وحتى وطنية وقومية، تقول: «إنه طموح شخصي، حتى وإن لم تكن له عائدات مادية مهمة. وهذا من أجل أن تكون بيروت عاصمة ثقافية ومن أجل الانتصار للشعر». الدار المتخصصة في المراجع والكتب الأكاديمية والتربوية، تخطو خطوات كبيرة صوب الشعر للمرة الأولى. لكنها خطوة عملاقة تريد كريدية إظهار عدم شعورها بالرهبة حيالها وتقول: «نحن دار نشر عمرها نحو خمسين سنة، لنا حضورنا لدى طلاب الجامعات وأساتذتها وأردت أن يمتد هذا الحضور ليطاول أوساط المثقفين العرب. أفكر في المستقبل، وهذا المشروع ليس إلا خطوة أولى من بين خطوات لاحقة مؤجلة، من بينها الانفتاح على قصيدة ما بعد الحداثة العربية». وعن حصر المبادرة في الشعراء المكرّسين وعدم أخذها إلى أبعد مع أسماء أقل شهرة أو حتى نشر محاولات أولى لأصحابها، تشرح كريدية أنها في هذه التجربة الأولى للدار مع الشعر، آثرت تثبيت مستوى معين من المنجز الشعري العربي، وفي ما بعد «من يستطيع وضع رأسه بين هذه الرؤوس ولديه شعر جيد فأهلاً وسهلاً». وتضيف: «حددت الآن المستوى وطريقة التعامل. فأنا لا أتقاضى مالاً من الشعراء، أُبرم معهم عقوداً تحترمهم وتحترم كراماتهم وتحترم الدار. لا تنازلات، لا دواوين مدفوعة». ناشرة مغامرة، تلك هي سيرة هذه الفتاة الجميلة الأرستراقرطية بالمعنى النبيل، والتي تبحث عن المعنى وسط قبيلة الشعراء، في الوقت الذي تتحدث فيه عن الشعر مثل خبزها اليومي، تاركة للناشرين الجشعين فرصة حصد المزيد من المال على حساب كتاب مساكين وبحقوق مهضومة.