عرشان يكتسح وجدة في سيارات الشرطة في 7 ماي من سنة 1970 شهد ملعب الحسن الثاني بفاس والملعب البلدي بوجدة ضمن آخر مباريات القسم الثاني شطر الشمال مسرحية رياضية كان رجل الأمن محمود عرشان أحد نجومها، فالمباراتان كانتا تجريان بين الوداد الفاسي والبريد الرباطي من جهة أخرى، وبين اتحاد الخميسات وموظفي وجدة من جهة ثانية، علما أن الفريقين الضيفين يحتلان الصف الأول مع ميل النسبة العامة للفريق الزموري، وشاءت الظروف أو دواعي العناد أن يتصرف الفريقان من منطق قناعة ملموسة، أي ضعف الجهاز الجامعي مما جعلهما يذهبان بعيدا في حساباتهما. انطلق أولمبياد تسجيل الأهداف وتمكن البريد من الفوز بفاس على الوداد المحلي ب17 هدفا للاشيء، وفاز الاتحاد الزموري للخميسات بوجدة على الموظفين ب24 هدفا للاشيء وكان اللقاء منقولا على أثير الإذاعة الوطنية، ومن غرائب هذه المباراة أن المسؤول الأمني عرشان نقل الفريق الزموري في سيارات لاندروفير، كما أن الاتصال بين ملعبي وجدة وفاس كان يتم عبر «الطالكي والكي». فرس رغم أنف مارداريسكو يروي اللاعب الدولي السابق أحمد فرس في كتابه سيرة حياة حكاية طريفة تؤكد امتلاك العساكر سلطة القرار التقني أيضا حتى ولو تعلق الأمر بمباراة ودية، وكان المسؤولون عن المنتخب ينظمون بين الفينة والأخرى مباريات حبية ضد الفرق الوطنية القوية، كالوداد والجيش والمغرب الفاسي والرجاء وشباب المحمدية، يقول فرس وهو يستحضر الواقعة إن المباراة كانت تدور بين المنتخب وشباب المحمدية بملعب البشير، حين فضل مدرب المنتخب مارداريسكو الاحتفاظ بعسيلة وفرس على كرسي الاحتياط تجنبا لإحراجهما مع جمهور المحمدية الذي لا يتقبل خوضهما مباراة ضد فريقهما الأم، «لكن سيطرة شباب المحمدية على مجريات اللقاء وغياب الفعالية الهجومية عند المنتخب المغربي، وظهور أعراض القلق على محيا مسؤولي الفريق الوطني على الرغم من مرور نصف ساعة فقط من زمن المباراة الودية، جعل الكولونيل بلمحجوب ينزل إلى أرضية الملعب وشظايا الغضب تتطاير من تقاسيم وجهه، والتحق مباشرة بدكة الاحتياطيين ليلاحظ أننا نجلس مع البدلاء وحين استفسر عن السر قال له ماردريسكو إنها مسألة إحراج فأرغد وأزبد وثار في وجه المدرب الروماني وأعطاه أمرا يقضي بإدخالنا عاجلا وإخراج عنصرين آخرين كانا يشاركان كأساسيين، وهو ما استجاب له المدرب فورا حيث ظل الكولونيل يردد بصوت مسموع الفريق الوطني بدون فرس وعسيلة فريق بدون روح». والد الدليمي يقضي على أمن طنجة في الموسم الرياضي 1974/1975 كلف البرنوصي الذي كان عاملا على إقليم طنجة، المختار الرقيوق برئاسة النهضة الرياضية لشرطة طنجة، الذي كان يمثل المدينة بالقسم الوطني الثاني، ولقد استطاع هذا المكتب الذي أشرف على تدبير شؤون الفريق لموسمين تأهيل الفريق لاحتلال المركز المؤهل للصعود إلى قسم الصفوة، إلا أن تدخل الجامعة لفائدة اتحاد سيدي قاسم الذي كان يرأسه آنذاك الحسين الدليمي والد الجنرال أحمد الدليمي بخر آمال النهضة في معانقة القسم الأول، مما دفع المكتب المسير إلى تقديم الاستقالة احتجاجا على التحيز السافر للجامعة نحو العساكر ضد الشرطة، وفي الموسم الكروي الموالي عين عامل إقليم طنجة عزوز بومغيت عضو المجلس البلدي لطنجة رئيسا للفريق في محاولة لإفراغه من حمولته الأمنية. للإشارة فإن رئيس اتحاد سيدي قاسم الحسين الدليمي ظل يشكل قوة خارقة داخل الفعل الكروي من خلال غاراته العديدة على الفرق الزائرة، بل إن مجموعة من الحكام طالبوا الجامعة بعدم تعيينهم لمباريات يخوضها الفريق القاسمي. الجامعة وقيادة الدرك جيران هل هي الصدفة التي جعلت مقر الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على بعد خطوات من مقر القيادة العامة للدرك الملكي، أم أن الأمر مدروس ويندرج في سياق سياسة القرب؟ في شارع ابن سينا بحي أكدال بالرباط يوجد مقر الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم وبالتحديد بالطابق الأول من مقر الجامعات، وفي الجانب المقابل تجثم بناية القيادة العليا للدرك الملكي، من الصعب أن تتوقف بسيارتك أمام بناية الجامعة لأن دركيا مداوما سرعان ما ينبهك للمنع ويطلب منك تغيير المكان، ليس من باب الاحتياط والحرص على الجامعة ولكن تحسبا لأي خطر قد يقترب من القيادة. في الاجتماعات التي يعقدها المكتب الجامعي على ندرتها يجد رئيس الجامعة الجنرال دو كور دارمي حسني بنسليمان سهولة في التنقل من القيادة إلى الجامعة، بضع دقائق تكفي للوصول إلى مقر الاجتماع مشيا على الأقدام بعد أن يستنفر الدرك لحفظ الأمن ووقف المواصلات. لكن بالقدر الذي يسهل فيه العبور من وإلى الجامعة فإن وجود مقر القيادة بالقرب من الجهاز الكروي، يجعل بعض اللاعبين القدامى الذين يرفعون شكواهم للجنرال يفكرون جديا في طرق باب مكتب الجنرال أو أحد مساعديه بمقر عمله بالقيادة، خاصة أولئك الذين يعتمدون على ما تبقى من علاقات قديمة مع الحارس السابق للجيش. الحارس أسمار نجح في الاختبار تلقى المكتب المسير للدفاع الجديدي في منتصف التسعينات إشارة من الجيش الملكي تدعوه لوضع حارسه الناشئ إدريس أسمار رهن إشارة الفريق العسكري الذي كان يستعد لخوض مباريات في البرتغال برسم البطولة العسكرية، كان إدريس شابا يملك كل مقومات الحراس الواعدين، قامة طويلة ورشاقة نادرة ورد فعل سريع وأخلاق عالية أيضا، حزم الفتى حقائبه وتوجه نحو العاصمة والتحق بالمركز العسكري وقبل الرحيل توصل بجواز سفر أنجز بسرعة فائقة، تألق الحارس في مرمى الجيش وتمكن من حجز مكان في عقول ووجدان المسيرين العسكريين، وعلى الفور التمس منه المدرب الانضمام للفريق بعد العودة إلى المغرب، لكن بعض المقربين من أسمار نصحوه بالانضمام للفرق المدنية خوفا من صرامة الضوابط العسكرية، بل إن محاولات رئيس الدفاع الجديدي سرعان ما اصطدمت برفض المعني. وفي أحد أيام الصيف الحارة كان أسمار كعادته يتمدد على رمال شاطئ سيدي بوزيد قبل أن يفاجأ بدركيين يدعوانه لمرافقتهما إلى أقرب مركز، هناك تم تبليغه بدعوة من الجيش الملكي تحثه على الالتحاق فورا بتداريب الفريق، وعلى وجه السرعة ركب إدريس سيارة «لاندروفير» حملته إلى منزله بدرب البركاوي، حيث جمع حقيبته ونقل فورا إلى الرباط وعلى امتداد الطريق كانت الهواتف تؤكد أن المهمة أنجزت، حين سأل إدريس مرافقيه عن سر العملية التي حولته إلى لاعب عسكري رغم أنفه رد «لاجودان» على الفور «إنك اجتزت اختبارا قبل عامين لولوج سلك الدرك الآن نخبرك بأنك من الناجحين». الندوة الصحفية لميشيل مباشرة على الهواء حين كان مدرب المنتخب الوطني هنري ميشيل يجيب عن أسئلة الصحافيين في الندوة الصحفية التي دعا إليها مباشرة بعد عودته من أكرا، ويقدم مبررات الخروج المبكر من الدور الأول من منافسات كأس إفريقيا للأمم غانا 2008، لوحظ أن أحد الدركيين في زي مدني قد اختار مكانا آمنا بين الإعلاميين، وهو في حالة استنفار قصوى، بل إنه أمام حالة التشنج التي عرفتها الندوة في فترات فورة الغضب، اضطر المخبر إلى تغيير موقعه والاقتراب من البوابة المفضية إلى القاعة المختنقة، وبالتحديد بالقرب من مكبرات الصوت، حينها تبين أن الرجل في مهمة خاصة جدا حيث ضبط في حالة تلبس وهو يضع هاتفا محمولا مشغلا ينقل على الهواء مباشرة أدق تفاصيل الندوة لأحد المسؤولين بالجامعة يحمل بدوره صفة دركي رفيع المستوى. ليس من شاهد كمن سمع لكن حين يتعلق الأمر بنقل حي للندوة الصحفية بكل تفاصيلها الصغيرة، فإن الأمر يؤكد سيادة المنطق المخزني الذي يجعل الدرك في خدمة الكرة والعكس صحيح. ليست هذه هي المرة الأولى التي يقوم فيها أفراد من الدرك بمهام استخباراتية فالعديد من الاجتماعات نقلت عبر الهواتف النقالة إلى من يهمه الأمر.