فاقت هيستريا «عرابي» العقار المختصين في شراء هكتارات الأراضي بمدينة تطوان كل التوقعات، حيث بدأ بعض المسؤولين والمستشارين الجماعيين و«المنعشين» في شراء واحتكار آلاف الأمتار من تراب ولاية تطوان في سرية تامة وتكتم شديد. وعلمت «المساء» من مصادر متطابقة أن أحد المستشارين الجماعيين من مدينة الفنيدق وآخرين من الجماعة الحضرية بتطوان، بشراكة مع أحد نواب الرئيس اشتروا منذ أسبوع 8 هكتارات و200 متر في منطقة دار مورسيا، قدر ثمن المتر الواحد ب 180 درهما، ليبلغ مقدار «الصفقة» مليارا و476 مليون سنتيم. قد تبدو عملية الشراء عادية في حد ذاتها، لكن ما يستغرب له المراقبون هو كيف تمكن مستشار في جماعة تطوان وأحد نواب الرئيس أن يجمعا هذه «السيولة» المالية لشراء آلاف الهكتارات من تراب تطوان. وأضافت نفس المصادر أن الصفقة ستسجل في اسم أفراد الأسرة تجنبا لفتح تحقيقات مركزية من طرف المجلس الأعلى للحسابات حول مصدر ومشروعية هذه الأموال. وحسب محدثنا فإن تهافت المنتخبين على شراء هذه الهكتارات التي لا تبعد سوى بأمتار قليلة عن القصر الملكي ببوجراح، ربما يعود لتوصلها بمعلومات تفيد بإنجاز هيكلة عمرانية أو طرقية في المنطقة، مع العلم أن المشترين ينوون بيعها قريبا للجماعة حيث سيحصلون بعدها على أرباح تفوق خمسة ملايير سنتيم، يؤكد المصدر. وعلى صعيد آخر تفيد أنباء قوية أن صفقات كبرى تتم لشراء بعض الأراضي المسترجعة الزراعية في طريق المضيق، كانت الدولة أهدتها لبعض الشيوخ وأعوان السلطة الذين استفادوا بسخاء من هذه الأراضي المسترجعة، حيث سيقوم أحد «المنعشين» بشراء أكثر من 30 هكتارا من تلك الأراضي، قدر ثمنها ب10 ملايير سنتيم، 2 مليار منها ستخصص كعمولة لأحد المسؤولين الكبار الذي يحاول جاهدا «تمرير» عملية البيع في سرية تامة. لقد أصبحت سواحل تطوان وجهة مفضلة لمافيا العقار المتواطئة مع بعض المسؤولين. وبعد اجتياح واستيلاء شركات البناء الإسبانية على شواطئ المدينة، ومع هروب رؤوس أموال مشبوهة إلى الشمال، قرر المسؤولون والمنتخبون في تطوان العمل بمقولة «اللهم ارحمني»، بتزكية من طرف السلطات. لقد أصبح تراب تطوان مسحوقا جيدا ينفع لوبي العقار في غسل أمواله بطريقة فعالة، لا تترك «رائحة» ولا بقعا «زيتية»، مستغلا جمود قانون محاربة عمليات تبييض الأموال، وعدم وجود وحدة لمعالجة المعلومات المالية التي تلزم الأبناء والمؤسسات المالية بالإدلاء بتصريح بالاشتباه لهذه المصلحة المخصصة لمعالجة المعلومات المالية كي تقدم تقريرا للسلطات القضائية في حالة توصلها إلى معلومات تفيد وجود عمليات غسل الأموال المتحصلة من الاتجار في المخدرات، والرشوة و»استغلال النفوذ» واختلاس الأموال العامة. سكان تطوان البسطاء في حيرة من أمرهم. إنهم لا يملكون سوى ضرب كف على كف تعبيرا عن استنكارهم لما يحدث، متسائلين في ما بينهم: أين هو السيد الوالي ليعمل على تصحيح هذه الوضعيات القانونية المختلة، ويصلح ما أفسدته «مافيا» الفساد العقاري بالمدينة؟ وما يقوم به مساعدوه من بناء قصور وفيلات تنافس قصور رموز الدولة في خلسة منهم.