المراهقات اللاتي يعلقن بوستيرات النجم الأمريكي توم كروز على جدران غرفهن سيغيرن لا محالة موقفهن من هذا الممثل، وسيمزقن صوره الكبيرة ليبدلنها بأخرى لبراد بيت أو جوني ديب. السبب في ذلك يعود إلى سيرة صدرت هذه الأيام للصحفي والكاتب البريطاني أندري مورتون حول صاحب «مهمة مستحيلة» بأجزائها الثلاثة، التي يكشف فيها تفاصيل الدعاوى القضائية التي أقامها الممثل ضد أشخاص وكتاب قالوا إنه مثلي جنسيا وعقيم، ولا يمكنه أن يلعب دور فارس الأحلام المشتهى للبنات اللواتي عليهن منذ الآن البحث عن بطل آخر لا يشك أحد في فحولته. لكن أهم ما ميز هذه السيرة التي تحمل عنوان «توم كروز: القصة الحقيقية» هو تطرقها لعلاقة نجم هوليود بطائفة دينية تسمى السيونتولوجيا وانتسابه إليها، فقد وصفه الكاتب بكونه شخصا مهووسا و«رسولا للسينما يعكس تخوفات وشكوك عصرنا، موظفا السلطة المطلقة للشهرة». هذا الانتماء الديني الخاص جعله يعتقد بأنه مفوض للقيام بمهمة نبيلة تتمثل في إنقاذ البشرية وتأسيس حضارة جديدة تقوم مقام هذه التي نحيا وسطها، والآيلة إلى الزوال، في القريب العاجل. تحدثت السيرة أيضا عن قصة توم كروز الرجل قصير القامة والمعروف في كل أنحاء العالم، المفتون بالسلطة والمال، والذي اختارته إرادة ما لبعث تلك الطائفة الدينية من الرماد، بعد موت زعيمها الروحي عام 1986 ، إذ يحكي أندري مورتون أن السيونتولوجيا كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة متأثرة بسلسلة فضائح، مالية بالأساس، وحملة اعتقال واسعة تعرض لها مسيروها. وفي تلك الفترة المتقلبة بالضبط برز نجم شاب لا يتجاوز السادسة والعشرين في سماء هذه الطائفة وتمكن من خلافة الزعيم الراحل، وحين علم بخبر ارتباط واحدة من أتباع كنيسة السيونتولوجيا بالممثل توم كروز، وهي بدورها نجمة صاعدة تدعى ميمي روجرز، فطن إلى أن علاقة الحب هذه هي الخيط الذي يمكن أن يتشبث به ويخرج الطائفة من غيبوبتها، فقد كان الوافد الجديد في بداية مجده الفني، والجميع يشير إليه ويخطب وده، لذلك عمل المستحيل من أجل استقطابه واستغلال شهرته، وهو ما تحقق بالفعل، حيث أخذ توم يتردد على الكنيسة ويتعلم مبادئها، أما القادة الدينيون فقد كانوا على علم بكل تفاصيل حياته الحميمية مع ابنتهم، التي سيستغلونها للضغط عليه عندما تدعو الضرورة إلى ذلك. في بداية التسعينات انتهت علاقة توم كروز بصديقته في الإيمان، لتستحوذ على قلبه نجمة أخرى تعادله في الشهرة هي الممثلة الأسترالية نيكول كيدمان، التي أبدت ترددا في الالتحاق بهذا «الدين» متذمرة من الطائفة التي تملأ كل وقت حبيبها وتنافسها مثل ضرة، إلا أن العامل الذي جعلها تقطع مع دين زوجها هو رفض نيكول تفويض أمر تربية الأبناء للسيونتولوجيين، لينتهيا إلى الطلاق، وتأتي نجمة أخرى جميلة هي الإسبانية بينيلوب كروز، المتشبعة حتى النخاع بالكاثوليكية، وسرعان ما انفصلا لرفضها «دين» توم كروز. وفي تفجيرات 11 شتنبر2001، كما تحكي السيرة، سيجد توم كروز وطائفته الدينية ضالتهم، معتبرين سقوط البرجين علامة القيامة ونهاية هذا العالم، الذي يمكنهم وحدهم دون سواهم إنقاذه، مضيفة أن الممثل الأمريكي تحول مع الوقت إلى الرجل الثاني في كنيسة السيونتولوجيا، موظفا نجوميته في خدمة معتقداته. ومن بين أهم وأغرب ما كشفه هذا الكتاب السيرة، وأثار ردود فعل غاضبة واحتجاجا من هذه الطائفة، هو تطرقه لابن توم كروز من كايتي هولمز، باعتباره امتدادا لروح رون هوبارد مؤسس كنيسة السيونتولوجيا، وأنه تم تخصيب زوجته بسائل منوي مجمد يعود إلى «القديس» الراحل. لقد جرت هذه السيرة عدة مشاكل على صاحبها، ومن المنتظر أن تقوده إلى محاكمات لا تنتهي، حيث طالبت الكنيسة بحق الرد على ادعاءاته واتهمت الكاتب باختلاق الأحداث وأن الحقيقة هي آخر انشغالاته، بينما همه الأساس هو الإثارة. من جهة أخرى حضر نجم آخر في هذه السيرة هو رئيس الجمهورية الفرنسية نيكولا ساركوزي الذي قرر أن يرتبط بعارضات الأزياء والمغنيات وأن تظهر أخباره معهم، ففي إطار جولة أوربية قام بها توم كروز، التقى بنيكولا ساركوزي حين كان وزيرا، وأخذا صورا مع بعضهما، وتحدثا طويلا عن كنيسة السيونتولوجيا، لينفي الرئيس هذه الحكاية بعد ذلك، في حين أكدها الممثل، الذي طار إلى مدريد ليؤسس فرع الطائفة بإسبانيا، ثم عاد إلى الولاياتالمتحدة ضيفا على «أوبرا وينفري»، حيث شاهده ملايين الأمريكيين يتخبط ويسقط من أريكته في البرنامج، كشخص به مس من الجن.