أخيرا قررت وزارة التعليم العالي، بتنسيق مع وزارة التربية الوطنية، إلغاء نقط المراقبة المستمرة والاكتفاء بمعدل نقطة الامتحان الوطني لشهادة الباكالوريا والتي سترتفع لتشكل نسبة 75 في المائة، على أن تشكل نقطة الامتحان الجهوي النسبة المتبقية وهي 25 في المائة. وذلك للراغبين في ولوج المعاهد والمدارس ذات الاستقطاب المحدود. وهي خطوة تأتي امتدادا لقرار كانت الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي قد أعلنت عنه، والمتعلق بإمكانية إلغاء مباريات ولوج هذه المعاهد والمدارس العليا. لأنها تشكل عبئا ثقيلا على الأسر وعلى الوزارة، حسب ما أكدت عليه وزارة التعليم العالي. وصنع هذا القرار شبه إجماع حوله، خصوصا لدى التلاميذ وأسرهم الذين ظلوا يكتوون بنيران نقط المراقبة المستمرة، والتي كان البعض يؤدي من أجل الحصول عليها مقابلا ماديا مغلفا في ثوب الساعات الإضافية. وقد كان وزير التربية الوطنية والتكوين المهني قد فتح سيرة هذه الساعات الإضافية، حينما دعا إلى وضع إجراءات جديدة للحد منها من خلال التفكير في إضافة ساعات عمل جديدة، ستكون عبارة عن ساعات للدعم المجاني والتقوية يقوم بها الأساتذة داخل مؤسساتهم وأقسامهم، وستدرج في استعمالات الزمن لكل منهم. غير أن هذه الساعات الإضافية، ستكون إجبارية، ولن يعوض عنها الأساتذة ماديا بعد أن سماها الوزير ب»ساعات التضحية والمواطنة». كما وعد بتوفير خدمة للتبليغ لدى مصالح الوزارة عن الأساتذة «المتهمين» بفرض الساعات الإضافية على تلامذتهم، خصوصا أن بلمختار كان يفكر في إحداث لجنة للأخلاقيات على مستوى الأكاديميات تناط بها أساسا دراسة واستقبال شكايات أمهات وآباء التلاميذ، ومأسسة الدعم المدرسي المجاني بالإبتدائي والإعدادي والتأهيلي وذلك بإدراجه في استعمالات الزمن الأسبوعية للمدرسين. خطوة الوزير، كانت قد أماطت اللثام عن واحد من أعقد الملفات التي ظل يعانيها التلاميذ وأولياء أمورهم على امتداد الموسم الدراسي. لقد كانت منظومة «مسار» قد أعادت إلى الواجهة قضية التقييم والتقويم التي لا تزال تشكل واحدة من الإكراهات التي تعاني منها المدرسة المغربية. فحينما قررت وزارة التربية الوطنية أن تدخل تعديلا على أنظمة الامتحانات ومنها امتحانات شهادة الباكالوريا، اعتبر المتتبعون أن الوزارة اختارت الطريق الصحيح وهي تلغي النظام السابق، الذي كان يعتمد على الامتحان الوحيد للشهادة. وأصبح تحصيل نقطة الباكالوريا ينطلق من السنة الأولى باكالوريا، والتي تمثل خمسا وعشرين في المائة والتي تتحصل من امتحان يجريه التلميذ على المستوى الجهوي. أما الخمس والعشرين الثانية، فكانت تتحصل من نقط المراقبة المستمرة للسنة الثانية من الباكالوريا، قبل أن يتم إلغاؤها اليوم.إضافة إلى نقطة الامتحان الوطني، التي كانت تشكل خمسين في المائة، قبل أن تنتقل اليوم إلى خمس وسبعين في المائة. وبالنظر إلى التقسيم السابق، والذي وضع بخلفية أن تمنح للتلميذ أكثر من فرصة لجمع النقط التي تؤهله للحصول على شهادة الباكالوريا، فقد أصبحت لنقطة الأستاذ، فيما يسمى بالمراقبة المستمرة، قيمتها الكبرى. أي أنها كانت تتوفر على مفعول عال لم يحترم قيمته الكثير من المدرسين، الذين وجدوا في هذا التعديل لنقط الامتحان ضالتهم. أما لإعطاء هذه العملية الحماية اللازمة، فقد طور بعض المدرسين ما يعرف بالساعات الإضافية التي انتشرت كالفطر وشملت جملة من المواد الدراسية خصوصا المواد العلمية كالرياضيات والعلوم الفيزيائية والطبيعية. بالإضافة إلى اللغات كالفرنسية والإنجليزية على الخصوص. وهكذا أصبح التلميذ ملزما بأخذ دروس إضافية خارج أوقات الدرس، بعد أن أعد بعض المدرسين غرفا خاصة داخل مقرات سكناهم لاستقبال التلاميذ. وهي صيغة ذكية لأداء واجب النقط التي يحتاجها التلميذ لتحصيل معدل جيد في المراقبة المستمرة. وكثيرا ما وجد تلاميذ غير قادرين على أداء هذه « الرشوة المقننة» أنفسهم يحصدون نقطا ضعيفة، لأنهم لا يؤدون واجبات ساعات إضافية أصبحت شكلية. ولم يكن سرا كذلك أن نجد مدرسا يقدم في اليوم الواحد دروسا في المدرسة العمومية صباحا، ومثلها في مدرسة خصوصية بعد الزوال، ليكمل الرحلة في المساء بداخل غرف بيته، على الرغم من أن المذكرات الوزارية تفرض على أن إعطاء دروس خصوصية لا يجب أن يتم إلا بإذن مكتوب من المصالح النيابية، المديريات الإقليمية في التسمية الجديدة. كما يفترض أن يتم بداخل مدرسة خصوصية معترف بها. زد على ذلك أن المذكرة التي تنظم هذه العملية تؤكد على أن الترخيص للمدرس لإعطاء دروس خصوصية لا يجب أن يتعارض، ولا أن يعيق عمله في المدرسة العمومية التي يشتغل بها. أما إحداث «حجرات درس» أو مدارس الغرف، كما يسميها التلاميذ، فلا تعترف بها وزارة التربية الوطنية. غير أن الواقع الذي ظلت تعرفه المدرسة المغربية هو غير ما كانت تدعو إليه المذكرات. ولذلك كان الحديث عن الجودة والمردودية مجرد أحلام حملتها مشاريع الإصلاح مع الميثاق الوطني والمخطط الاستعجالي دون أن تتحقق. لذلك لا يخفي المتتبعون أن من بين الآفات التي ضربت المدرسة المغربية، آفة الساعات الإضافية التي تحولت إلى صيغة لبيع نقط المراقبة المستمرة للتلاميذ. يقول الميثاق الوطني للتربية والتكوين في بعض فقراته، وهو يتناول موضوع التقييم، إن المدرسين مطالبون بداخل المدرسة العمومية بتقيدم ساعات الدعم لكل التلاميذ الذين هم في حاجة لذلك. غير أن حكاية هذا الدعم أصبحت شيئا آخر. ولا يخفي البعض ممن احترفوا هذه الوصفة، بعد أن اغتنوا بواسطتها، أن أثمنة هذه الدروس الإضافية التي تعني واجبا شهريا من أجل أن يحصل التلميذ على نقطة مميزة في إطار المراقبة المستمرة، أكثر منها فرصة يجدد فيها التلميذ معارفه ويطورها، تختلف من مادة لأخرى. فتدريس مادة الرياضيات يساوي 200 درهم للحصة الواحدة، والتي لا تزيد عن الساعة، يمكن أن ترتفع إلى 300 درهم. وقد تصل إلى سقف 500 درهم وما فوق، إذا كان التلميذ يتابع دراسته في شعبة علمية. ويصل ثمن الساعة الواحدة من العلوم الفيزيائية إلى 200 درهم. أما ثمن ساعة من مادة العلوم الطبيعية، فلا يتجاوز 150 درهما فقط. وتصل أثمنة ساعة واحدة من اللغة الفرنسية أو الإنجليزية أو الإسبانية ما بين 200 و300 درهم حسب المستويات. لكنها تزيد إذا كان التلميذ في حاجة لنقط مراقبة أحسن. والحصيلة هي أن الآباء والأولياء، الذين اعتقدوا أنهم يدرسون أبناءهم في المدارس العمومية لا تزال تعتبر حقا وبدون مقابل، كانوا يجدون أنفسهم يؤدون واجبات شهرية لبعض المدرسين الذين تركوا ضميرهم المهني جانبا. لقد سجل التقرير الشهير للمجلس الأعلى للتعليم في 2008 جملة من الهفوات التي لم تساعد الميثاق الوطني للتربية والتكوين على النجاح. وقد وقف التقرير عند محطة أساسية هي المتعلقة بالمدرس، الذي قال إنه فقد دوره الجوهري داخل المدرسة على الوجه الأكمل، خصوصا مع تنامي ظواهر الغياب، وعدم تحقيق المردودية اللازمة من قبل المدرس الذي يظل هو المحور الأساسي في العملية التعليمية. قد تكون هذه الخطوة الجديدة التي أقدمت عليها وزارة التعليم العالي بالقطع مع نقط المراقبة المستمرة بالنسبة للراغبين في ولوج المعاهد والمدارس العليا ذات الاستقطاب المحدود، بداية للقطع مع هذه الممارسات التي رافقت العملية، والتي حولت هذه النقط إلى سلعة تباع وتشترى. الناظور تحتضن الملتقى التلاميذي حول التربية على حقوق الإنسان والتسامح استفاد منه أساتذة وتلاميذ الأندية الحقوقية نظمت المديرية الإقليمية للتربية والتكوين بالناظور، بشراكة مع مركز حقوق الناس، الملتقى التلاميذي التاسع حول (التربية على حقوق الإنسان والتسامح ونبذ العنف) لفائدة الأساتذة المنشطين والتلاميذ المنخرطين في الأندية الحقوقية والتربية على المواطنة بالمؤسسات التعليمية التأهيلية، يومي 21 و22 مارس 2016 بالمركب التربوي التابع للمديرية. وأشار علي بلجراف، رئيس مصلحة الشؤون التربوية، في كلمته الافتتاحية لهذا اللقاء، إلى أن المغرب يعد رائدا في المنطقة، ببلورته وإعماله منهاجا دراسيا مندمجا للتربية على حقوق الإنسان منذ حوالي عشرين سنة، يتم تصريف المنهاج من خلال بعض المواد المقررة في التعليم الثانوي كالمواد اللغوية والفلسفة والتربية الإسلامية. وأكد على أن مسألة التربية على المواطنة وحقوق الإنسان والتصدي للعنف أصبحت اليوم قضايا أساسية مندمجة بالحياة المدرسية بالمؤسسات التعليمية، كما أن المشروع 18 ضمن التدابير ذات الأولوية يؤكد على تعزيز قيم المواطنة والديمقراطية والمساواة بين الجنسين في المنظومة التربوية. لافتا النظر إلى أن أجرأة التدابير ذات الأولوية في مجال التربية على حقوق الإنسان تتم على مستويين إقليمي ومحلي، من خلال إحداث المرصد الإقليمي للقيم والمنسقية الإقليمية لمحاربة العنف والخلايا المحلية لهما في المؤسسات. كما أوضح سياق تنظيم هذا الملتقى والموضوعات المبرمجة للورشات والقضايا المطروح للنقاش، الذي يصب في نفس الاتجاه ويخدم نفس التوجهات التي لم تغفلها الرؤية الاستراتيجية لإصلاح المنظومة التربوية، خاتما كلمته بالتأكيد على أهمية الرهان على الأندية التربوية داخل المؤسسات التعليمية كآلية لاشتغال وتشغيل التلاميذ من أجل ترسيخ ثقافة حقوق الإنسان في المدرسة ومن خلالها المجتمع الحاضن لها وسائر الناس. وتميز اليوم الأول بتقديم البرنامج والعرض النظري الأول حول محاربة العنف ضد الأطفال، قبل أن يتوزع المشاركون إلى مجموعتين، لتشكيل ورشتين، ورشة مناهضة العنف وحل النزاعات بالطرق السلمية، وورشة اتفاقية حقوق الطفل. أما حسان الناصري، المكلف بتدبير المديرية الإقليميةبالناظور، فقد أبرز في كلمة، خلال تفقد اللقاء، قيمة العروض المقدمة وأهمية الأوراش المقامة، مشيرا إلى أن الرهان على التربية الحقوقية ضامن لبلوغ أهداف شعار مدرسة النزاهة الذي أقرته الوزارة لهذه السنة، مؤكدا أن قيم التسامح ونبذ العنف وغيرها من القيم النبيلة ضمن قيم المواطنة، والتربية على حقوق الإنسان تسهم في ترسيخها، لذلك أولت الرؤية الاستراتيجية للإصلاح التربوي في بلادنا أهمية خاصة لها ضمن خطط الإصلاح والتدابير ذات الأولوية. واصل الملتقى أشغاله بتقديم عرض حول مقاربة النوع الاجتماعي في الوسط المدرسي، إلى جانب ورشتي التربية على المواطنة والديمقراطية وقيم حقوق الإنسان، ودعم الإبداع في تعزيز قيم حقوق الإنسان. شارك في تأطير الورشات وتقديم العروض أطر مركز حقوق الناس/المغرب، الأساتذة أمينة مجدوب، العربي المنصوري، جمال الشاهدي، محمد حدادي، خالد بلمقدم وفخري جمال. واختتم اللقاء بتوزيع شهادات المشاركة على الحاضرين، بعد الاستماع إلى المقررين الذين تلوا على الحاضرين خلاصات الورشات والتوصيات التي اقترحها المشاركون، وتتعلق بقضايا محاربة العنف في كل مظاهر الحياة الاجتماعية، وترسيخ حقوق الإنسان، وقيمة السلم والحوار في إرساء أسس المجتمع الديمقراطي، الذي تسوده الحريات السياسية والثقافية وروح المسؤولية. مستور : مؤسسات الدولة تنتج برامج وسياسات تعيق وظائف المدرسة يعرض عبد العالي مستور، رئيس منتدى المواطنة، في هذا الاستجواب الذي خص به «المساء»، لوجهة نظر المنتدى في عدد من القضايا التعليمية والتربوية. ويتحدث مستور عن التصور الذي سيشتغل به المنتدى مع وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني بعد التوقيع على عقد الشراكة الذي جمع الطرفين في بحر الأسبوع ما قبل الماضي. – وقعتم كمنتدى للمواطنة مع وزارة التربية الوطينة والتكوين المهني اتفاقية إطار للشراكة للنهوض بثقافة المواطنة وحقوق الانسان. ما هي أهم الإجرءات التي سيتخذها المنتدى لتنزيل هذه الشراكة؟ أولا نشكر وزارة التربية الوطنية والوزير والكاتب العام والأطر التربوية والإدارية وهيئات التدريس على ثقتهم وتفاعلهم ودعمهم، الذي تترجمه هذه الاتفاقية، والتي تأتي في إطار تعزيز مساهمة المجتمع المدني في دعم مسار إصلاح المنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي، وخاصة النهوض بالتعبئة المجتمعية من أجل تمكين قيم وقدرات المدرسة المغربية وأدوارها من تنمية المواطنة المغربية وسيعمل منتدى المواطنة بتعاون وتنسيق مع وزارة التربية الوطنية والأكاديميات الجهوية والمديريات الإقليمية والمؤسسات التعليمية على المساهمة في تعزيز وتطوير أندية التربية على المواطنة من خلال تكوين وتدريب 1800 مؤطر للتربية على المواطنة، من المدرسين والأطر التربوية ومواكبتهم في تعميم وتطوير أندية التربية على المواطنة والنزاهة والعيش المشترك، وإنجاز برامج تمكين المواطنة المدرسية وترسيخ المدني ومواكبة التلاميذ والوساطة التربوية، وتعبئة وتأهيل المنظمات والفعاليات الثقافية والإبداعية والإعلامية للمساهمة في تنمية القيم المدرسية وتطوير القدرات والأدوار الثقافية والفنية والإعلامية للحياة المدرسية ودعم مواهب المدرسين والتلاميذ وإبداعاتهم ومواكبتهم في إنجاز مشاريع ومبادرات في فضاء المؤسسات التعليمية ومحيطها. بالإضافة إلى تعبئة وتأطير جمعيات المجتمع المدني المحلية وتأهيلها للمساهمة في تنمية التمدرس والنهوض بقيم المدرسة المغربية وتمكين أدوار الحياة المدرسية، وتنظيم حملات للتعبئة والتوعية والتثقيف من أحل تنمية ثقافة المواطنة والنزاهة. – مدرسة المواطنة المغربية هي واحدة من مشاريع الرؤية الاستراتيجية للإصلاح التربوي 2015، 2030. كيف تقيمون اليوم وضعية المدرسة المغربية على مستوى ثقافة المواطنة بين التلاميذ والمدرسين والإداريين وكل المنخرطين في الشأن التعليمي؟ للتقييم الموضوعي لقيم المدرسة المغربية وأدوارها في تنمية ثقافة المواطنة والنزاهة والعيش المشترك، يجب التنويه بالعديد من الجهود والمبادرات والإنجازات والنجاحات التي تحققها يوميا المدرسة المغربية والعديد من مدرساتها ومدرسيها وتلاميذتها وأطرها التربوية والإدارية وأسرها وشركائها، ولكن للأسف لا نعرف بها ولا نثمنها ولا نحفزها، فقط الاختلالات والمتهاونون والغشاشون من نهتم بهم. كما يجب التأكيد على أن المدرسة المغربية اليوم مضطرة إلى تحمل ومعالجة آثار واختلالات هشاشة محيطها السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي والإعلامي وضعف أداء مؤسسات التنشئة والتأطير الاجتماعي والثقافي والتربوي والسياسي والإعلامي، ومؤسسات التنمية المحلية، فمثلا العنف ونزعات التطرف والتعصب يجتاح اليوم العالم، ويملأ صفحات الجرائد، ويفيض من القنوات التلفزيونية وشاشات السينما والألعاب الإلكترونية وخطابات ومواقف السياسيين ومشاريع الاقتصاديين. فمن يحاسب الآخر، المدرسة أم محيطها؟ والعديد من مؤسسات الدولة والقطاعات الحكومية والمجالس المنتخبة والمقاولات الاقتصادية ووسائل الإعلام ومنظمات المجتمع المدني الحزبية والنقابية والجمعوية، عِوَض أن تدعم قيم وقدرات وأدوار المدرسة المغربية ومحيطها، نجدها تنتج برامج وسياسات وثقافة وسلوكات تعيق وظائف وقدرات المدرسة وتشوش على قيمها وتضعف تعلمات ومهارات وقيم الأطفال واليافعين والشباب، من القطاعات الحكومية أو السلطات المحلية أو المجالس المنتخبة والقنوات الإعلامية العمومية. تعتبر المدرسة المغربية سلطة تربوية مرجعية يجب استشارتها والتفاعل معها في كل ما يتعلق بتربية أبنائنا وتكوينهم وتأطيرهم وحقوقهم ومصالحهم. لكن للأسف أن أكبر مشاكل المدرسة المغربية وأعطابها في رأيي هو ضعف وتشوش قدراتها وأدوارها القيمية والثقافية والمدنية، وأخطر من ذلك تفشي السلوكات اللامدنية في الحياة المدرسية ومحيطها مثل التهاون والغش واختزال المدرسة وقيمها وتربيتها ومعارفها ومهارتها في الامتحان والنقط والمعدلات والترقيات. وهذا نتحمل مسؤوليته جميعا: المدرسون والأطر التربوية والأسر والوزارة والأكاديميات والنيابات والدولة والحكومة والمجالس المنتخبة والأحزاب والنقابات والمجتمع، كل من موقعه، وحسب مسؤولياته وصلاحياته وإمكاناته. فالدولة المغربية لا يشكل تمكين المواطنة المغربية وتأهيل المواطنين والمواطنات المغاربة اليوم محور طلبها للمدرسة المغربية. بل هي تدعي بهتانا أن المدرسة هي المسؤولة عن العطالة وتحاصرها وتختزل قيمتها ووظيفتها في التكوين على المهن التي يتطلبها سوق الشغل. – ماذا ستقدمون كمنتدى للمواطنة للمدرسة المغربية لكي تلعب أدوارها الحقيقية التربوية والثقافية والاجتماعية والمدنية على الخصوص؟ هذا سؤال لكل المجتمع المغربي وكل الدولة المغربية وكل الحكومة المغربية وكل المجالس المنتخبة المغربية وكل مكونات المدرسة المغربية. ونحن في منتدى المواطنة كجمعية من المجتمع المدني المغربي، وبتعاون وشراكة مع وزارة التربية الوطنية ومكوناتها وأجهزتها ومختلف الفعاليات التربوية والثقافية والإعلامية ، وعلى أساس مرتكزات الدستور المغربي وتفاعلا مع الميثاق الوطني للتربية والتكوين وفي إطار الرؤية الاستراتيجية لإصلاح المدرسة المغربية، سنحرص على تكريس كل إرادتنا وخبرتنا وإمكاناتنا للتعاون مع الجميع من أجل المساهمة في احتضان المجتمع المغربي لمؤسسته التربوية والمعرفية، والترافع من أجل رد الاعتبار للمدرسة المغربية كمرافعة محورية للمشروع المجتمعي المغربي التنموي الديموقراطي، وكمؤسسة مجتمعية لتحصين وتمكين المواطنة المغربية ومقومات عيشنا الإنساني والوطني المشترك، المجتمع المغربي الأساس ومسؤولية الدولة المغربية الأساس، ومهمة الحكومة المغربية اليومية في تثمين وتحفيز جهود ومبادرات مكونات الحياة المدرسية التربوية والثقافية والمدنية خاصة في مجالات المواطنة الديموقراطية وحقوق الإنسان والنزاهة ودعمها وتعميمها عبر جوائز تقديرية والاحتفاء بالمبادرات الرائدة والتجارب الناجحة والممارسات الفضلى، وتشجيع المؤسسات التعليمية وخريجيها على الاحتفاء بذاكرتها وتلاميذها ونماذجها وروادها، وتقوية قدرات وأدوار الحياة المدرسية وكفاءات مكوناتها التربوية والثقافية والمدنية. وتطوير موقع وأدوار الأندية التربوية. – تعيش المدرسة اليوم شبه عزلة عن محيطها الاجتماعي والثقافي بعد أن بدأ ينظر إليها كفضاء غير منتج. كيف ستساهمون كمنتدى للمواطنة في تصحيح هذه الصورة وعودة المدرسة لكي تقوم بأدوارها الحقيقية. أعتقد أن ذلك من أهم معضلات وعوائق المدرسة المغربية التي تشوش على هويتها وقيمها ووظائفها كمؤسسة مجتمعية تربوية وثقافية لتنمية المواطنة المغربية وتمكين قيم ومعارف وكفاءات ومهارات مشروعنا المجتمعي ونموذجنا التنموي وتمكين حريات ومسؤوليات ومواهب أطفالنا وشبابنا واندماجهم ومشاركتهم، وطنيا وجهويا ومحليا، فعزوف الفاعلين في محيط المؤسسات التعليمية عن التواصل معها والمشاركة في تقوية قدراتها يعيق قيمها وأدوارها وجهودها التربوية والتعلمية، وتقصير مسؤولي ومكونات المدرسة في استقطاب وإدماج مكونات محيطها يفقدها الدعامة الأساسية والحليف المهم لتنمية التمدرس وترسيخ السلوكات المدنية ودعم جهود هيئات التدريس والنهوض بتعلمات ومواهب التلاميذ وإبداعاتهم وسنحرص، وبتعاون ومشاركة فعاليات المجتمع المدني والفعاليات الأكاديمية والإعلامية والمبدعين، وفي إطار اتفاقية الشراكة مع وزارة التربية الوطنية، على المساهمة في التعبئة والترافع بتنسيق مع وزارة التربية الوطنية من أجل تمكين موقع وأدوار المدرسة المغربية كمحور للمشروع المجتمعي الوطني التنموي الديموقراطي للسياسات العمومية، وكقضية ومسؤولية للمجتمع المغربي، كل المجتمع المغربي، وللدولة المغربية، كل الدولة المغربية، وكمهمة يومية للحكومة بكافة قطاعاتها ومصالحها ومؤسساتها ومرافقها، وتنظيم حملات للترافع والتشاور بمشاركة مكونات المدرسة لدى مختلف الفاعلين الترابيين، وخاصة المجالس المنتخبة والسلطات العمومية والمرافق والقطاع لخاص، والمجتمع المدني لإبراز الأدوار والمسؤوليات الترابية للمدرسة. ولتطوير ومأسسة تعاونها وشراكتها مع المؤسسات التعليمية عبر بلورة مواثيق وبرامج ترابية مندمجة في فضاءاتها ومحيطها، وتكوين وتأهيل الأطر الإدارية والتربوية والمدرسين على مبادئ وقواعد آليات الشراكة. إن المسؤولية الوطنية ووجبات المواطنة والتزاماتنا مع المدرسة المغربية تحتم علينا أن نقف في وجه أي انزلاق من الدولة للتغطية على أعطاب في نموذجنا التنموي واختلالات في خيارتنا القيمية والاجتماعية والثقافية واللغوية، وأخطاء ونواقص في سياستنا العمومية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية، وتحميل أوزارها لمدرستنا لوحدها، وأي نزوع لدى القوى الاجتماعية لمحاولة تسخير المدرسة المغربية لتمرير وفرض خياراتها ومواقفها الأيديولوجية أو الدينية أو اللغوية أو الثقافية أو السياسية أو الاقتصادية الخاصة أو الفئوية بدل عرضها على المجتمع وتداولها في فضاءات ومؤسسات النقاش المجتمعي والحوار، حتى تصبح قناعات مشتركة وخيارات توافقية للمجتمع المغربي وتعاقدا وطنيا ملزما. الحملة التضامنية الثالثة لفائدة تلاميذ المناطق الجبلية تحت شعار «ليعم الدفء الجميع»، أعطيت أخيرا انطلاقة القافلة التضامنية الثالثة لفائدة التلميذات والتلاميذ المتمدرسين بالمناطق الجبلية التابعة لإقليميبني ملالوأزيلال، تحت إشراف مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة بني ملالخنيفرة رفقة المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية ببني ملال، وبحضور رئيس جماعة «ناوور» وممثلي السلطة المحلية. وكانت مركزية مجموعة مدارس «بن شرو» بجماعة ناوور دائرة القصيبة إقليمبني ملال المحطة الأولى لانطلاق القافلة التضامنية للموسم الدراسي الجاري، حيث وزعت على مجموع التلاميذ والتلميذات البالغ عددهم 400 تلميذة وتلميذ مساعدات عبارة عن محافظ ولوازم مدرسية وأغطية وألبسة وأحذية جديدة ومواد غذائية. وبالموازاة مع ذلك، تم تنظيم حملة طبية للكشف عن داء السكري، وأنشطة رياضية وثقافية وترفيهية، ووزعت جوائز على الفائزين بمختلف المسابقات. وبالمناسبة، نوه عبد المومن طالب، مدير الأكاديمية، بأهمية هذه الالتفاتة الإنسانية وما ترسخه من قيم تربوية وإنسانية نبيلة والمتمثلة في مبادئ التضامن والتكافل والإحساس بالآخر لدى الناشئة، باعتبار أن المدرسة مشتل للتربية وتعزيز حس المواطنة لدى المتعلمين والمتعلمات بغية تحفيزهم على المشاركة الفاعلة والإيجابية في بناء المجتمع . كما ذكر بالنجاح اللافت للحملات التضامنية السابقة، مشيدا بالتنسيق المكثف للمديريات الإقليمية ومجموعة من الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين وفعاليات المجتمع المدني لجمع التبرعات والمساعدات، مقدما الشكر لكل من ساهم من قريب أو بعيد في تنظيم هذا الحفل الإنساني النبيل الذي لقي استحسانا كبيرا في صفوف سكان المنطقة. من جانبه، شدد امحمد الخلفي، المدير الإقليمي لوزارة التربية والتكوين ببني ملال في تصريح للجريدة، على نبل هذه القافلة التضامنية، التي تشهد سنويا انخراط المؤسسات التعليمية وجمعيات المجتمع المدني، وهو انخراط يجسد قيم المواطنة والتضامن، مشيرا إلى أن القافلة التضامنية ستواصل برنامج مبادراتها بالعديد من المناطق الجبلية بإقليميبني ملالوأزيلال المكسوة حاليا بالثلوج، حيث ستحتضن منطقة «أغبالو نكركور» بجماعة «تيزي نيسلي» خلال أبريل المقبل نشاطا تضامنيا، ستليه مبادرات أخرى بمناطق جبلية بإقليمأزيلال، يضيف المدير الإقليمي. ويذكر أن هذه المحطة التضامنية شهدت مساهمة جمعية مجموعة الأفق لبناء القدرات، وجمعية تنمية التعاون المدرسي (فرع بني ملا) ومجموعة مدارس فيكتور هيكو للتعليم المدرسي الخصوصي، والهلال الأحمر المغربي. النقابات التعليمية تقاطع انتخابات المجالس الإدارية للأكاديميات وجهت ست نقابات الأكثر تمثيلية والممثلة في اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء، وهي النقابة الوطنية للتعليم (ك.د.ش) والجامعة الوطنية لموظفي التعليم، (إ.و.ش.م)، والجامعة الحرة للتعليم (إ.ع.ش.م)، والجامعة الوطنية للتعليم (إ .م .ش)، والنقابة الوطنية للتعليم (ف.د.ش)، والجامعة الوطنية للتعليم، لوزير التربية الوطنية والتكوين المهني رسالة في شأن انتخاب ممثلي الأطر الإدارية والثقافية في مجلس الأكاديمية لتبلغه احتجاجها على التأخير غير المبرر لانتخاب أعضاء المجالس الإدارية للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، بعد نتائج انتخابات اللجان الإدارية متساوية الأعضاء ل 3 يونيو 2015، التي تم الإعلان عنها منذ أواسط السنة الماضية، المباغتة بإصدار مذكرة مجحفة في حق الأطر المنتخبة. إقصاء مجموعة من الأطر المنتخبة من حق الترشح أو التصويت فقط لمهمتها النقابية أو لصفتها التمثيلية المركزية وهذا ما نعتبره تراجعا خطيرا يمس في العمق مبدأ الشراكة الذي ينص عليه دستور المملكة 2011. وأضافت الرسالة الموجهة للوزير يوم 25 مارس الجاري: «لا يخفى عليكم السيد الوزير أنكم ترأستم دورتين عاديتين لهذه المجالس دون حضور الأعضاء الممثلين المنتخبين، وهو ما يتعارض مبدئيا وقانونيا مع القوانين الجاري بها العمل في تدبير المؤسسة العمومية، إذ لم يسبق منذ تأسيس الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، أن تم عقد اجتماع لمجالسها الإدارية دون حضور الأعضاء المنتخبين، وهو ما يمثل في نظرنا خرقا قانونيا وإقصاء لممثلي الموظفين في دراسة ومتابعة القضايا المعروضة في اجتماعات هذه المجالس». وأوضحت النقابات الست في رسالتها أنه لهذه الأسباب مجتمعة «فإننا نعلن مقاطعتنا للعملية الانتخابية المتعلقة بانتخاب المجالس الإدارية للأكاديميات، رفضنا للمذكرة المنظمة لها والتي تحدد 4 أبريل 2016 كآخر أجل لإجرائها ومطالبتنا بتأجيل موعدها إلى حين معاودة مناقشتها، بما يضمن تمثيلية حقيقية وفعالية لما يخدم المنظومة التربوية». بين الثقافة والفكر واللغة اللغة مرآة المجتمع، تعكس مدى تطور ثقافته، وهي أداة لإخراج الأفكار من الدماغ وتحريرها، فالأفكار تأتي للذهن وتسجن إلى أن يتم التعبير عنها، وكيفما كانت أهمية هذه الأفكار، فإنها لا تولد ولا يمكن أن يكون لها وجود إلا بواسطة اللغة، واللغة درجات ومستويات حسب الإبداع في تركيب الجمل واستعمال الكلمات، على أساس مستوى الضبط في تحديد المعاني والمفاهيم. أهمية اللغة تكمن في الدور الذي تلعبه من جهة، في التعبير عن الأفكار وإخراجها إلى الوجود بالتدقيق اللازم، ومن جهة أخرى، في إغناء الفكر باعتبارها أداة للبحث وبلوغ المعرفة. رأى «دولاكروى» هذه العلاقة على شكل تعاضد حين قال: «الفكر يُكون اللغة ويتكون بها». لكن أهمية الفعل الثقافي تفوق أهمية اللغة، لأن الثقافة هي المغذي الأساسي للفكر الذي يخلق ويستعمل اللغة، وكما قال أنجلس فإن :»للإنسان منذ نشأته، قدرة دماغية هائلة على التأمل والحرية، لكنها لن تتطور إلا بالثقافة وبوسيلة اللغة». لا يمكن فهم الآخر إلا عن طريق اللغة، ولا يمكن للآخر أن يفهمك إلا بوسيلتها، ولا يمكن الولوج إلى المعرفة إلا بها. أما توظيفها بدرجة ومستوى عاليين من التعبير والفن والإبداع بحرية، فإنها تخلق العلم وتؤدي إلى النمو والتقدم، لأن المعرفة ترقى باللغة وتجعلها تواكب التطور، وتبدع في العلم. قد تكون اللغة غنية بحضارتها بنحوها ومفرداتها، لكن قد تنقصها ثقافة فن تركيب الكلمات في تعابير تعكس الأفكار بشكل ومضمون دقيقين، بسبب انهيار الثقافة وسقوط فعلها، فيصبح غناها علة تدهورها، لأن التعبير سيعكس ثقافة الانهيار والسقوط، كما وقع للغة العربية، بعد أن كانت رائدة، وتفنن بها جهابذة وعباقرة الفكر العربي في الكتابة والشعر والمسرح والسينما، حيث استطاعت الثقافة العربية في بعض الأقطار الالتحاق بالركب الكوني، وبرهنت على قدراتها في شتى المجالات، قبل أن تجهضها تداعيات الحرب الباردة، وتدخلها في نفق مظلم لم تخرج منه بعد، ما يستلزم تصفية مخلفات هذه الحرب، وإحياء فترة إزدهارها، علما أن الإحياء ضروري لنهضة الشعوب، خصوصا حين يتعلق الأمر بحقبة زمنية من تاريخها كانت سابقة لأوانها وأجهضت. لا يمكن لأي لغة أن تتقدم إذا كانت الثقافة التي تصنعها تؤطرها بسيطة ومرتدة، تستعملها فقط في الترهات والتفاهات وحكي الخرافات، وانحصارها في التعبير عن المعاناة والحنين دون التطلع إلى المستقبل. فالثقافة تنقل وتتطور من جيل لجيل، أي كل جيل يقبل ثقافة سالفيه، يرممها ويطورها حد الممكن، حسب عصره الإنساني الكوني. هكذا يخلق التراث، فليس هناك تراث دون تقدم، التراث يحتفظ به في الذاكرة ولا يجب إعادة إنتاجه أو ترسيخه كنموذج، فكلما تقدمت الثقافة تقدمت معها اللغة، وتركت وراءها تراثا، وهكذا دواليك، وإن توقفت ترسو في الزمان وتصبح هي نفسها جزءا من التراث، وبالتالي تعيد تركيب عناصر التخلف، وهذا يؤدي كذلك إلى استعمال اللغة في خطابات ومرافعات تبريرية للتخلف عن الركب الإنساني الكوني، الشيء الذي يفقد اللغة قوتها ونجاعتها. فاللغة إذن، تابعة وليست قاطرة، والثقافة هي المحدد الأساسي للرفع من قيمتها. إن فن تركيب وصناعة الجمل القادرة أن تعكس الفكرة بالتدقيق، لا يأتي من اللغة نفسها، بل ينتج عن ثقافة استمرار العقل في التفاعل مع الفكرة، ولو أمام فرضية عجز اللغة، كليا أو جزئيا، عن إخراج الفكرة إلى الوجود، مما يجعل الفرد ملزما بالاجتهاد والإبداع في تركيب وصناعة الجمل ذات قوة تعبيرية قادرة على إخراج أفكاره إلى الوجود، ويحفزه لولوج مجال التعبير الفني والإبداعي الخلاق، كأحد المحركات الأساسية للتنمية الثقافية، وبالتالي اللغوية، في إطار تواصل يعتمد على الإنصات، بدون اجتهاد في الفهم والتأويل، ففن الاستماع يعني فهم الآخر كما قصد بالضبط، أي كما أراد أن يقول، وليس كما أراد المتلقي أن يسمع، لأن «حكم القيمة هو أشرس عدو للإنصات والتواصل» كما قال كريستيان كولي. عموما، الفكر الإنساني يشكل مسلسلا ثقافيا يتطور بالاجتهاد وبالعقل، ويخلق عوامل إنتاج الخطاب القادر على إزالة الكوابح المجتمعية التي تنتج عن العجائب الثقافية الموروثة للمجتمعات، لكن المجتمعات التي لا تنتج خطابا يساير المسار الإنساني، تصاب بالانفصام في عقلها الجمعي. هذا الانفصام في علاقة الثقافة والفكر باللغة يؤدي إلى خلق لغة تمرد لا منابع ثقافية لها، تغذي وتتغذى بالعنف والكراهية، وهذا ناتج عن التدهور الثقافي بفعل العجز في تحقيق الذوات بين الإرادة التلقائية الطوعية، والكوابح المجتمعية، التي مافتئت تتسع وتتقوى بفعل غياب العقل في تقييم وقبول أو رفض الفعل الثقافي.