كان جاكوب كوهين، وهو مراهق يهودي في ملاح مكناس الجديد، يلتهم الراويات البوليسية المليئة بقصص الجواسيس، ويتخيل نفسه بطلا من أبطالها، ويحلم أن تمتد إليه أيادي عائلة فرنسية ثرية تتبناه وتبعده عن «تسلط» والده الديني، وتخرجه من بؤس الملاح إلى ترف «المستعمرين».. حيث المسابح، ملاعب التنس وقاعات السينما، لكن أيادي «الموساد» كانت أسرع، لتستقطبه للعمل لصالح منظمة صهيونية سرية لإقناع الشباب اليهود المغاربة القادرين على حمل السلاح بالقتال في جيش «إسرائيل». على كرسي اعتراف «المساء»، يحكي جاكوب كوهين كيف كان عملاء الموساد يتنقلون في المغرب بحرية وكأنهم في «إسرائيل»، يكترون المنازل ويحولونها إلى مقرات لاجتماعاتهم دون أن يثير ذلك انتباه السلطات، وكيف كان الجنرال أوفقير يتخذ منهم رفاقه المفضلين في لعب «الورق»، وكيف أصبح الموساد ذات يوم وكأنه فاعل في المشهد السياسي المغربي بعد الاستقلال. وعلى كرسي الاعتراف أيضا، يروي جاكوب كوهين كيف وجد اليهود المغاربة أنفسهم بين مطرقة الموساد، الذي لجأ لكل الوسائل من أجل ترحيلهم إلى «إسرائيل»، وسندان حزب الاستقلال الذي حاربهم ودعا إلى مقاطعة تجارهم، ونخبة أهل فاس التي رأت في رحيلهم خلاصا لها، كما يحكي كيف تحول بعد زيارته لإسرائيل، من صهيوني إلى أكبر مناهض للصهيونية وإسرائيل، وكتب عددا من الراويات التي تفضح العالم الخفي لمنظمة استطاعت أن تخترق عالم السينما والموسيقى والإعلام والأعمال. – قلت إن الصهاينة لهم دراية كبيرة بالدعاية الإسرائيلية، كيف يوظفون ذلك في الدفاع عن إسرائيل؟ يسعى الصهاينة من خلال فرض أيديولوجية المحرقة، إلى إحلال عقاب جنائي بكل من يشكك في أي من جوانبها أو حيثياتها، ولقد نجحوا في حماية الأقليات اليهودية وخاصة النظام الصهيوني من أي انتقاد، وهكذا تعمل إسرائيل على تبرير ما تقوم به في مناطق أخرى متذرعة بالمحرقة، وحسب ما تروج له الدعاية الإسرائيلية، فبما أن اليهود عانوا في السابق، فإن ذلك يسمح لهم ببعض التجاوزات. على سبيل المثال، دمرت إسرائيل محطة الطاقة النووية في العراق في عام 1981 وغزت لبنان في عام 1982 وتسببت يومها في مقتل 20 ألف شخص بالتزامن مع حديثها عن معسكر «أوشفيتز»، الذي يعد أحد أكبر معسكرات الاعتقال النازية، ويتكون من ثلاثة معسكرات رئيسية و45 معسكرا فرعيا. وهكذا، وبنفس الطريقة التي يتم فيها الترويج للمحرقة وتظلمات إسرائيل في الغرب وفي الدول الأوروبية، تسعى إسرائيل إلى فرض إدراج المحرقة في التعليم في العالم العربي والإسلامي، كما تسعى إلى أن ينسى العالم العربي والإسلامي المأساة الفلسطينية وما يتعرض له الشعب الفلسطيني، وهي بذلك تهدف، من خلال كل هذه المحاولات، إلى جعل الصهاينة يبدون أمام أنظار العالم على أنهم أكثر إنسانية، وأقل همجية لأنهم عانوا بشكل كبير. – كيف تنظم إسرائيل خيوط آلة الدعاية هذه؟ هنا تكمن اليد الخفية لمن يسمون ب»السيانيم» في تنظيم، مثلا، سلسلة محاضرات عن المحرقة اليهودية في جامعة «الأخوين» في إفران بالمغرب. ومن الواضح أن الدوافع الخفية لليهود والصهاينة من تنظيم ذلك في الجامعة واضحة بشكل كبير، ويجب أن نعرف أن مثل هذه الأمور كندوات عن المحرقة والمحاضرات المرتبطة بذلك هي من الخطط الصهيونية الناجحة جدا في الغرب. إلى جانب ذلك، وهذا لن يفاجئ أبناء بلدي المغاربة كان أندريه أزولاي من بين مبدعي مشروع «علاء الدين»، وكان من بين الساهرين على إخراج المشروع إلى الوجود، كما كان من بين أوائل المروجين له. ففي لقاء نظم في مقر منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة اليونسكو في العاصمة الفرنسية باريس، يوم الأربعاء 25 فبراير من سنة 2015، دعا أندريه أزولاي، وهو العضو المؤسس لمشروع «علاء الدين»، خلال هذا اللقاء، إلى خلق حوار بين الثقافات والأديان المختلفة، كما دعا إلى ضرورة أن يكون هناك حوار بين الأديان كسبيل لمواجهة ما وصفه بالتطرف العنيف. -وهل هناك عيب في دعوتهم إلى حوار الأديان والثقافات؟ تجب الإشارة إلى أن كلمة حوار لا تفارق أفواه الصهاينة، فهم دائما يرددون الحوار أينما حلوا وارتحلوا، ولا شيء يعلو على كلمة الحوار لديهم، لكن لا وجود لأي حديث عن الاحتلال والاستعمار الصهيوني لأراضي الغير. وقد تلقى أندريه أزولاي، وهو رئيس المؤسسة الأورو-متوسطية «آنا ليند» وعضو مجلس إدارة مشروع «علاء الدين»، الذي يزعم السعي إلى خلق حوار بين الثقافات والأديان ونبذ العنف، يوم الاثنين 22 سبتمبر 2014، في كولونيا، ألمانيا، جائزة 2014 للتسامح تمنح سنويا من قبل الأكاديمية الأوروبية للعلوم. من جهة أخرى، يجب التنبيه إلى أن مشروع «علاء الدين» له جانبه القمعي، فإذا رفضت الدول العربية الإذعان لهذا المشروع ومخططاته التي يسعى الصهاينة إلى تنفيذها، أو عارضت متطلباتهم أو ما يسعون إليه، فإن ذلك سيدفع اللوبي اليهودي الصهيوني إلى اتخاذ كل ما يلزم من خطوات لمعاقبتهم على ذلك.