كشفت وثائق خاصة حصلت عليها «المساء» فضيحة من العيار الثقيل تفجرت بوزارة الصحة، بعد أن تبين تبذير 600 مليون سنتيم، عبارة عن هبة إنسانية إيطالية مخصصة لإصلاح وتجهيز أجنحة الولادة بمعدات طبية عصرية وتجهيز مصالح المستعجلات بالأدوات الضرورية للإسعاف الأولي بجميع المستوصفات والمراكز الصحية بالدائرة الصحية لمندوبية وزارة الصحة بإقليم سطات، كمرحلة أولى، على أن يتم تخصيص هبات أخرى لمندوبيات أخرى بمختلف المدن تقدر بمئات الملايين. ونشب خلاف مع مقاولة للأشغال، فازت بصفقتين لإصلاح عشرة مراكز صحية بإقليم سطات، بموجب عقود تشترط تتبع ومراقبة إنجاز الأشغال ووضع البيانات الحسابية والقياسات المترية والتصاميم الهندسية والتقنية بمصاحبة صاحب المشروع، ومندوبية وزارة الصحة بسطات، وأثناء الإنجاز ظهر في النهاية أن جميع الأطراف أخلت بالتزاماتها من جميع النواحي، الأمر الذي عجل باللجوء إلى القضاء للمطالبة بالمستحقات المالية للأشغال التي سلمت على إثرها محاضر نهائية وصرفت عليها أموال عمومية طائلة، إذ ادعت المندوبية أنها معيبة وتستوجب التقويم، الأمر الذي جعل المحكمة تكلف مكتب دراسات أنجز خبرة بينت عكس مزاعم وزارة الصحة، وأصدرت حكما لصالح المشرفين على الأشغال. ومن بين الأشياء المثيرة في الملف الذي يعرض أمام المحاكم أن مقاولة خاصة بالبناء قامت بتوريدات «غازات طبية» خارج إطار الصفقة، مما يمثل استهتارا كبيرا بعدم تقدير المسؤولية الخطيرة بتكليف شركة أشغال عمومية بمستلزمات غازات طبية شديدة الخطورة على السلامة الصحية للمواطنين، اعترفت الإدارة بإنجازها.وحلت لجنة تفتيش وزارية، أخيرا، للتدقيق في الوضعية الحسابية والمالية وطرق صرف أموال هبة إنسانية بالمليارات بدون جدية، تزامنا مع تقرير صادم وجه إلى وزارة الصحة يشير إلى تردي الخدمات الصحية بعدد من المدن الصغيرة. وحسب حكم قضائي لم يجر تنفيذه، فإن المقاولة المكلفة قامت بالتزاماتها بتسليم مندوبية وزارة الصحة الأشغال حسب محاضر تسليم نهائية، مشيرا إلى أن قيام الشركة بالتزاماتها يقابله التزام الإدارة المدعى عليها بأداء المقابل، مادامت الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة لعاقدها.