– انطلق يوم الأربعاء رسميا التأمين الإجباري عن المرض الخاص بالطلبة، ما هي الترتيبات المتخذة لتفعيل هذه التغطية؟ دعني أولا أضعك في السياق العام لهذا الورش المجتمعي، فعند إصدار القانون 00-65 بمثابة مدونة التغطية الصحية سنة 2002، لم يكن عدد المستفيدين يتجاوز 16% من السكان، أكثر من الثلثين بالصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي والباقي بشركات التأمين أو الصناديق الداخلية لبعض المؤسسات العمومية أو بعض التعاضديات غير المنضوية بالصندوق، ولم يكن القطاع الخاص يتوفر على أي تغطية صحية إجبارية. بعد تفعيل القانون سنة 2005، تمت أجرأة عدة أنظمة للتأمين الإجباري الأساسي عن المرض تهم أجراء ومتقاعدي القطاع العام والخاص، وضحايا ماضي انتهاكات حقوق الإنسان ما بين سنة 1956 و 1999 والأئمة وأعوان السلطة وقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وبالتالي، بلغ عدد المستفيدين من نظام التأمين الإجباري عن المرض بالقطاعين العام والخاص سنة 2014، ما مجموعه8.5 مليون شخص، كما فاقت موارده المالية 9 مليارات من الدرهم وتعويضاته 6.3 مليار درهم. بالموازاة، تم تفعيل نظام المساعدة الطبية للفئات المعوزة الذي أشرف صاحب الجلالة نصره الله على تعميمه في 13 مارس 2012 على أكثر من 8.5 مليون شخص، مما رفع إجمالي السكان المغاربة المؤمنين حاليا إلى 64%. اليوم، يخطو المغرب خطوة أخرى نحو التغطية الصحية الشاملة بتمديد التأمين الإجباري ليشمل حوالي288.000 طالب طبقا للقانون 12-116 وليضم بالتدريج وعلى المدى المتوسط والبعيد حوالي 10.4 مليون شخص من العمال المستقلين والمهن الحرة بعد اعتماد الحكومة في 7 يناير مشروع القانون 18-95 الخاص بهذه الفئة. – طيب، ماذا عن الترتيبات لأجرأة التأمين الإجباري عن المرض الخاص بالطلبة؟ لقد أطلقنا تجربة نموذجية بفضل العمل الجماعي والتشاركي لكل الفاعلين، بما فيهم الوزارات المعنية والجامعات والمكتب الوطني للأعمال الجامعية والاجتماعية والثقافية الذي يتوفر على مراكز صحية جامعية وعلى إطار قانوني يضع من بين اختصاصاته تعميم التغطية الصحية على الطلبة. هكذا، فضلنا التسجيل الإلكتروني للطلبة عبر ثلاثة مواقع، الأول مخصص لتسجيل طلبة التعليم العالي بالقطاعين العام والخاص (cme.enssup.gov.ma) يدبره المكتب الوطني للأعمال الجامعية والاجتماعية والثقافية، والثاني مخصص لطلبة مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل (www.inscription-ofppt.ma) والثالث يهم طلبة التكوين المهني بالقطاع الخاص والتكوين المهني التابع للقطاعات الوزارية (cme.anam.ma)تتكلف به الوكالة الوطنية للتأمين الصحي. وقد أبرمنا اتفاقية مع هؤلاء الشركاء للسهر، تحت إشراف الصندوق، على التدبير الإلكتروني لطلبات التسجيل وعلى استقبال المكتبين لملفات المرض. بالموازاة، سيتولى الصندوق تدبير التحملات مباشرة بتنسيق مع منتجي العلاجات، كما ستسهر الوكالة على مراقبة التسجيلات المزدوجة في أنظمة التغطية الصحية. لقد توصل الصندوق بحوالي 37 ألف طلب للتسجيل هي قيد المعالجة أو المراقبة، وهي نتيجة جد مشجعة لمشروع سيهيكل قطاع التعليم العالي والتكوين المهني وسيشجع الطلبة على التحصيل والدراسة وسيمكن الدولة من مواصلة الاستثمار في نساء ورجال الغد. لذا، أغتنم الفرصة لأدعو كل الطلبة المؤهلين للشروع في التسجيل الإلكتروني للاستفادة من الخدمات المقدمة. – ما هي الخدمات التي سيستفيد منها الطلبة؟ سيستفيد الطلبة المغاربة والأجانب من أحسن سلة علاجات بالمغرب، إذ تضم الاستشارات الطبية والاستشفاءات بالقطاع العام والخاص والتحاليل البيولوجية والإشعاعية، إضافة للأدوية والأجهزة الطبية المقبول إرجاع مصاريفهما والعلاج بالخارج غير المتوفر بالمغرب وتتبع الحمل والولادة، إضافة إلى علاجات الفم والأسنان وعلاج البصر وكذلك أعمال التقويم الوظيفي والترويض الطبي والأعمال شبه الطبية. وسيستفيد الطلبة أيضا من نسب عالية للتعويض في إطار العلاجات العادية تتراوح ما بين 70% و 100% ومن نسب للتحمل مرتفعة تتراوح ما بين 90% عند الاستشفاء بالقطاع الخاص و%100 عند الاستشفاء بالقطاع العام والاستفادة من حصص تصفية الكلي وعلاج السرطان. علاوة على جودة الخدمات، يستفيد طلبة التعليم العالي والتكوين المهني بالقطاع العام من تحمل الدولة لاشتراكاتهم السنوية، وقد توصل الصندوق بتحويل مالي ب 107 مليون درهم برسم الموسم الجامعي 2015-2016 لتغطية الاستفادة المجانية لطلبة القطاع العام. بالمقابل، سيكون على طلبة القطاع الخاص تحمل مساهمة سنوية حددت قانونيا في 400 درهم. ولقد وضع الصندوق دليلا للتأمين الإجباري الأساسي الخاص بالطلبة وأطلق موقعا إلكترونيا خاصا بهذا النظام الجديد يضم جميع مساطر التسجيل والاستفادة من الخدمات وعدة خدمات إلكترونية وهو بصدد إصدار عدة منشورات ستوزع بفضاءات الجامعات والتكوين المهني وعلى صفحات بعض الجرائد. – ألا يعيد نوعية الخدمات مقارنة بالاشتراكات طرح إشكالية ديمومة التغطية الصحية الأساسية في ظل الدراسة الاكتوارية للوكالة الوطنية للتأمين الصحي التي توقعت عجزا تقنيا بالصندوق سنة 2017؟ دعني أوضح أولا أن تدبير الصندوق للتأمين الإجباري الخاص بالطلبة سيكون بطريقة مستقلة عن باقي الأنظمة. وبالعودة إلى مثلث التغطية الصحية الشاملة الذي وضعته منظمة الصحة العالمية، فالمغرب خطا خطوات عملاقة في مجال توسيع الاستفادة من التغطية الصحية وتعميمها وفق الأهداف الجديدة للألفية الثالثة للتنمية لتي حددت في أفق سنة 2030. بالمقابل، يجب أن تتكاثف الجهود في مجال ترشيد النفقات، كما نصت على ذلك الاستراتيجية المندمجة لإصلاح التغطية الصحية الأساسية التي وضعتها الحكومة، سواء عبر التحكم في سلة العلاجات وفي لائحة الأدوية المقبول إرجاع مصاريفها أو عبر الانكباب على تعريفة التحاليل البيولوجية والإشعاعية وتعريفة بعض الخدمات الطبية والعلاجية والاستشفائية. فغلاء أسعار هذه الخدمات وعدم الارتكاز على المستشفى العمومي وعدم احترام التعريفة الوطنية المرجعية قد يغذي ظاهرة العزوف عن الولوج للعلاج وقد يفسر أن 53% من تمويل قطاع الصحة يتم مباشرة عن طريق الأسر، وفق الحسابات الوطنية للصحة لسنة 2010. لذلك يجب أن نحافظ على التدرج في توسيع التغطية الصحية الأساسية وأن نضع تصورا مندمجا لديمومة هذه التغطية يراعي الإمكانيات التمويلية للمؤمنين والدولة ويحرص على ألا تنزلق الأجهزة المدبرة، التي هي اليوم في وضعية مالية سليمة الحمد لله، نحو عجز قد تبرمجه بعض القرارات التقنية التي تتخذ في غياب الوزارات المعنية.