منذ أن أحرز البطل الأولمبي السابق هشام الكروج ميداليتين ذهبيتين في أولمبياد أثينا 2004، بتتويجه في مسابقتي 1500 و5000 متر لم يكتب لأي رياضي مغربي في رياضة أولمبية أن يطوق عنقه بالذهب، إلى أن وضع الملاكم محمد ربيعي نقطة نهاية لهذا المسلسل الطويل من الإخفاقات الرياضية، وهو يتوج بلقب بطولة العالم في وزن أقل من 69 كيلوغرام.. لقد دخلت الرياضة المغربية منذ ذلك الوقت في انتكاسة، وأصبحت تحصد الإخفاق تلو الآخر، دون أن يكتب لأبطالها أن ينافسوا مثلما كان يفعل سابقوهم.. وإذا كان لتردي الرياضة المغربية العديد من الأسباب، والتي من أبرزها غياب إرادة حقيقية للدولة للدفع بهذا القطاع ووضعه على السكة الصحيحة، إلا أن الإنجاز الباهر الذي حققه الشاب ربيعي بعث فينا الأمل من جديد، وأكد لمن يحتاج إلى تأكيد أن المواهب المغربية منتشرة في كل مكان، وموجودة في كل الأصناف الرياضية، وأنها لو وجدت العناية والاهتمام فإن بمقدورها أن ترسم البسمة على الوجوه وتهدي المغاربة ألقابا عالمية وأولمبية. لقد حرك فينا الربيعي، الشاب الذي يبلغ من العمر 22 سنة الكثير من الأحاسيس الجميلة، فقد أعادنا إلى لحظات تألق الرياضة المغربية، وفتح باب العالمية من جديد ليس أمام الملاكمة فقط، بل أمام الرياضة المغربية عموما، يكفي أن هذا الشاب هو أصغر بطل سنا في تاريخ الرياضة المغربية الذي يحرز ذهب بطولة عالمية.. لنعرف قيمة الإنجاز الذي حققه الربيعي، يكفي أن نطلع على سبورة ميداليات بطولة العالم 18 التي جرت بالدوحة.. لقد مكن هذا اللقب المغرب من احتلال المركز الخامس عالميا، علما أن ألقاب البطولة العشر وزعت بين ست دول، وهي كوبا التي أحرزت أربعة ألقاب، و روسيا بلقبين، ثم المغرب وفرنسا وأذربيجان وإيرلندا التي فاز كل منها بلقب واحد. لقد أصبحت الملاكمة ثاني رياضة في المغرب تحتل المركز الخامس في بطولة العالم، تماما كما فعل رياضيو ألعاب القوى في دورة غوتبورغ سنة 1995. وإذا كان إنجاز الربيعي مهما للغاية، وجاء في ظرفية حرجة تمر منها الرياضة المغربية، إلا أن هذا الإنجاز هو ثمرة مجهود كبير للبطل ربيعي ولمدربيه وأيضا لجامعة الملاكمة.. لكن السؤال الذي يطرح نفسه اليوم وبإلحاح في غمرة الفرحة بهذا اللقب العالمي، هو كيف يمكن أن يتحول هذا الإنجاز إلى عادة في الرياضة المغربية، وكيف يمكن استثماره على نحو جيد ليخدم رياضة الملاكمة، ويكون حافزا لباقي الرياضات كي تعمل بجد وتنسج على نفس الإيقاع، وحتى لا نعود مرة أخرى إلى مسلسل الإخفاقات. منذ سنوات والاهتمام مسلط بشكل كبير على كرة القدم، إذ ترصد لها الإمكانيات، لكن النتائج في خبر كان.. لذلك، تحتاج الرياضة المغربية إلى إرادة حقيقية للدولة، وتحتاج أكثر إلى مؤسسات قوية، فليس مقبولا أن تكون وزارة الشباب والرياضة وزارة مشلولة، بدون رؤية لتحريك بركة الرياضة المغربية الراكدة، وليس مقبولا أن تكون اللجنة الأولمبية مؤسسة ميتة، وليس مقبولا أن لا يكون هناك مجلس أعلى أو مندوبية سامية تتولى التخطيط للشأن الرياضي.. بقدر ما من حقنا أن نفرح بذهبية الربيعي، بالقدر نفسه يجب أن نستشرف المستقبل، ونبحث عن الحلول وما أكثرها لوضع الرياضة المغربية على السكة الصحيحة.. شكرا ربيع فقد أحييت فينا الأمل من جديد، وبعثت بالكثير من الرسائل لمن يهمهم الأمر..