بداية شهر غشت الجاري، أدلت الشرطة الإيطالية بتصريحات مفادها أن زعيم المافيا الهارب منذ عام 1993 يتواصل مع مساعديه عن طريق استخدام شفرة «الخراف» في رسائلهم. فقد ألقت الشرطة القبض على 11 رجلا قالوا إنهم على علاقة بزعيم المافيا في صقلية الهارب ماتيو ميسينا دينارو. وقالوا إن دينيرو تواصل مع مساعديه باستخدام قصاصات ورق متروكة في مزرعة في غرب صقلية. وأضافت الشرطة أنه استخدم رسائل الهاتف لتنبيه رجاله بشأن وجود قصاصات ورق جديدة أو كما أطلقوا عليها «بيتسيني، واعتقد ضباط الشرطة أن المجرمين المشتبه بهم كانوا يناقشون بالفعل أمورا زراعية. لقد كانت هناك رسائل تداولها أفراد المافيا فيما بينهم تقول «الخراف تحتاج إلى قص» ، «الخراف تحتاج إلى تهذيب»، «القش جاهز». وقالت رسالة أخرى: «لقد وضعت جبن الريكوتا جانبا من أجلك، هل ستأتي في وقت لاحق؟» يعتبر زعيم المافيا دينيرو، الهارب منذ سنة 1993، بمثابة خليفة لاثنين من الآباء الروحيين لعصابات المافيا الذين يقضون عقوبة السجن، وكان قد تفاخر من قبل قائلا إنه يستطيع أن «يملأ مقبرة» بضحاياه. هو من مواليد 26 أبريل 1962، معروف أيضا باسم Diabolik ، وهو يعتبر واحدا من القادة الجدد من كوزانوسترا بعد اعتقال برناردو بروفينزانو بتاريخ 11 أبريل سنة 2006، وبات أقوى بعد القبض على سالفاتور لو بيكولو في نونمبر من عام 2007. المطلوب رقم 1 أصبح ماتيو ميسينا دينيرو معروفا على الصعيد الوطني في 12 أبريل 2001 عندما وضعت مجلة «اسبريسو» صورة له على الغلاف تحت عنوان: إيكو ايل نوفو كابو ديلا المافيا «هذا هو الراعي الجديد للمافيا». كان فارا من وجه العدالة منذ عام 1993 ووفقا لمجلة فوربس يعد من بين عشرة مجرمين مطلوبين في العالم، ويستخدم ميسينا دينيرو اسما مستعارا، وهو «أليسيو» في المراسلات السرية العديدة، التي أجراها مع رئيس المافيا السابق بروفينزانو. تصفه العديد من التقارير الأمنية والصحافية، بكونه زعيم مافيا مستهتر لا يرحم و»فاسق»، ويعشق قيادة سيارته من نوع بورش الرياضية ويرتدي ساعة رولكس دايتونا، كما يقتني نظاراته الشمسية وملابسه الفاخرة من محلات «جورجيو أرماني» و»فيرساتشي». كذلك يروج عنه أنه مدمن للألعاب الإلكترونية، ووالد لثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم من سن المراهقة إلى مرحلة أواخر العشرينات. ويختلف كثيرا عن الزعماء التقليديين للمافيا، مثل سالفاتوري رينا وبيرناردو بروفينزانو الذين كانوا شديدي الحرص على التمسك بالقيم العائلية المحافظة لجماعات المافيا. في يناير 2010، داهمت الشرطة الإيطالية وشرطة الضرائب، شركات مختصة في البناء والفيلات والمحلات التجارية، وضبطت منقولات عينية بقيمة تناهز 550 مليون يورو (760 مليون دولار) من غرب قطب البناء الصقلي. وكانت هذه المنقولات والأموال في ملكية روزاريو كاسيو، الذي يعتقد أن يكون واحدا من أتباع دينيرو الرئيسيين مختص بغسل الأموال المتحصلة عن الأعمال القذرة لعصابات المافيا. في شتنبر سنة 2010، سوف تصادر الشرطة، كذلك، كمية قياسية من الأصول العقارية بقيمة 1.5 مليار يورو (2 مليار دولار) من رجل أعمال صقلية الشهير فيتو نيكاستري الذي يعمل لحساب دينيرو بدوره، ويستثمر في إنتاج معدات طاقة الرياح والطاقة الشمسية، كوسيلة لغسل الأموال. أمام هذه المناورات المعقدة لأتباع دينيرو، ارتأت الشرطة الإيطالية تطبيق استراتيجية جديدة في محاولة للقبض على ميسينا دينيرو حيث عمدت إلى اعتقال العشرات من مرؤوسيه والاستيلاء على مليون يورو من الأصول. مما ساهم في تضييق دائرة المطاردة على المطلوب رقم 1 للعدالة الإيطالية، وقال حينها رئيس نيابة باليرمو فرانشيسكو ماسينيرو : «إن الهدف من الاستراتيجية ضد ميسينا دينيرو هو «تجفيف المياه التي تسبح فيها المافيا». مع اعتقال جرلادينو ميسينا، ورئيسه أغريجنتو، في 23 شتنبر سنة 2010 في منطقة فافارا بمقاطعة أغريجنتو، تشدد الخناق حول دينيرو أكثر من أي وقت سابق، وبتاريخ 15 مارس سنة 2010 ، سيتم إلقاء القبض على شقيقه سالفاتوري ميسينا دينيرو أيضا، رفقة 18 آخرين في العملية التي اتخذت اسم «غولم 2» . حيث كانوا جزءا من الشبكة المقربة من المطلوب دينيرو، واتهموا بتنظيم المراسلات السرية لميسينا دينيرو من أجل مساعدته على أن يبقى هاربا، إلى جانب تهم أخرى كان أبرزها تشكيل جمعية للمافيا والفساد. في 19 ماي سنة 2011 ، ستفشل محاولة لاعتقال ماتيو ميسينا دينيرو، حينما حاصرت الشرطة مزرعة مانور، التي تبعد مسيرة عشر دقائق من مسقط رأسه ب»كاستيلفيترانو» . وقد ثبتت، آنذاك، معلومات شبه يقينية لجهاز المخابرات ووكالة الأمن الإيطالية، حول وجود ميسينا دينيرو بالمزرعة . ومع ذلك لم يكن هناك أي أثر له.