عمد العشرات من أصحاب المحلات التجارية في حي السعادة بمدينة فاس إلى قطع طريق عمومية، احتجاجا على ما أسموه احتلال الملك العمومي من قبل المئات من الباعة المتجولين الذين يحجون إلى المنطقة لعرض سلعهم على قارعة الطريق، ما يؤدي إلى "احتقان" كبير في حركة السير والجولان، وفرض سدود حقيقية على المحلات التجارية. وطالب المحتجون بتدخل ملكي، مشيرين إلى أن حوارات سابقة مع رجال سلطة بشأن هذه الظاهرة لم تسفر عن أي نتيجة، يقول تجار "السعادة" وهم يهددون بإغلاق المحلات التجارية، والدخول في إضراب عام إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه. وكانت السلطات المحلية قد شنت حملات ضد الباعة المتجولين في هذا الحي، استعانت فيها السلطات المحلية بأعداد كبيرة من عناصر قوات التدخل السريع، إلى جانب عناصر القوات المساعدة، وهي المبادرة التي لقيت ترحيبا من قبل أصحاب المحلات التجارية، لكن "حليمة سرعان ما عادت إلى عادتها القديمة"، وأغرق هؤلاء الباعة جميع المنافذ المؤدية إلى المحلات التجارية بمختلف أنواع البضائع، ما أدى إلى أضرار كبيرة لحقت بمتاجرهم، في ظل منافسة شرسة غير متكافئة للباعة "المعفيين" من فواتير الماء والكهرباء، ومستحقات الكراء، والضرائب السنوية المتعددة التي تثقل كاهل أصحاب المحلات التجارية. وتبرر السلطات المحلية "تراخيها" في محاربة هذه الظاهرة، بالرغم من "استيعابها" للخسائر التي يتكبدها أصحاب المحلات التجارية، ب"البعد الاجتماعي" للظاهرة. ففي غياب مقاربات تقدم بدائل لهؤلاء الباعة، فإن "المقاربة الاستئصالية" وحدها قد أبانت عن فشلها، بالنظر إلى عدم جدوى حملات "تطهير" سابقة تم القيام بها. كما أن هذه الحملات تؤدي في بعض الحالات إلى نتائج وخيمة، بالنظر إلى أن بعض الباعة مستعدون ل"إحراق الذات" بمجرد اقتراب الحملات من عربته، ما يؤدي إلى "احتقان" اجتماعي من الصعب تدبير تداعياته. ويقول بعض أصحاب المحلات التجارية إنهم لا يطالبون ب"استئصال" الباعة المتجولين، لكنهم يؤكدون على أن "المقاربة الاجتماعية" لا ينبغي أن تكون على حسابهم، لأن الوضع كما هو عليه يهدد عددا منهم بالإفلاس، والتشرد، وبعضهم لا يتردد في الإشارة إلى أنه، في حال استمرار الأمور على ما هي عليه، فإنهم بدورهم سيغلقون محلاتهم التجارية، وسيتحولون إلى باعة متجولين. "السلطات عليها أن تبحث عن بدائل لهؤلاء الباعة، لا أن تترك الوضع يتفاقم، حد أن الطريق العمومية التي تمر منها السيارات أصبحت مرتعا لعرض السلع، دون أن يكون بمقدور المواطنين استنكار الوضع، لأن من شأن ذلك أن يعرضهم لوابل من عبارات السب والشتم، وحتى لاعتداءات بالسلاح الأبيض"، يقول أحد هؤلاء التجار الغاضبين ل"المساء". وذكرت عريضة سبق أن وجهتها وداديات وسكان وتجار شارع "سان لوي" إلى رئيس مقاطعة أكدال بوسط مدينة فاس، بأن الباعة المتجولين بعربات ودراجات نارية ثلاثية يتسببون يوميا في حرمان تجار الشارع من زبنائهم نظرا لتعذر الحصول على موقف للسيارات، والذي يمتلئ بالباعة المتجولين، دون مراعاة حتى حرمة مسجد مجاور. وتحدث صاحب محل لتعليم السياقة عن خطر إفلاس يهدده جراء تراجع زبنائه، أمام ما يخلفه احتلال الملك العمومي المجاور من قبل الباعة.