يعاني زوج واحد من بين 7 أزواج مغاربة من صعوبات في الإنجاب، حسب تقديرات المنظمة العالمية للصحة، فيما يتوقع أطباء مغاربة اختصاصيون في الخصوبة أن يكون هذا الرقم أكبر في ظل تزايد الطلب على الاستشارات الطبية وعلى علاج تأخر الإنجاب وتزايد الإقبال على المراكز المتخصصة في المساعدة الطبية على الإنجاب، فيما تغيب إحصائيات مضبوطة- إلى حدود الآن- خاصة بوزارة الصحة المغربية حول هذا المشكل، الذي مازال يتم التعامل معه كأمر ثانوي، وهو ما يؤكده عدم التصريح بالعقم وصعوبات الإنجاب في ورقة التأمين الصحي والتعويض عنها، حيث إن جميع الملفات الطبية لطلبات التعويض عن النفقات العلاجية يتم رفضها من قبل مؤسسات التأمين الخاصة والعمومية (الضمان الاجتماعي – «كنوبس»- بطاقة راميد). ويقدر الأطباء الاختصاصيون في الخصوبة أن ما بين 15 إلى 17 في المائة من الأزواج المغاربة يعانون من صعوبات في الإنجاب، فيما يفتقر المغرب إلى سجل وطني يحصي عدد الأزواج في وضعية إنجاب صعبة، علما أن هذا الأمر يعد مشكلة صحية عمومية واجتماعية ولها آثار اجتماعية ونفسية على الزوج والزوجة معا، حتى أن منظمة الصحة العالمية اعترفت سنة 2009 بالعقم كمرض يتطلب الرعاية والتغطية الصحية عنه كمرض، إلا أن هذا الموضوع مازال يتم التعامل معه من قبل مسؤولين مغاربة على هذا القطاع كأمر ثانوي و«رفاه» يمكن أن يتم تجاوزه، وأنه مشكلة خاصة يجب أن يتدبر الأزواج حلها، وهو ما يحرم أغلبهم من الإنجاب كحق، في ظل ارتفاع كلفة العلاج والمساعدة الطبية على الإنجاب لدى المراكز الخاصة. وتقف الكلفة الثقيلة للعلاجات حجر عثرة أمام الأزواج لخوض تجربة العلاج من أجل الإنجاب، حيث إنها تفوق إمكانيات أغلبهم، إذ تتراوح الكلفة ما بين 25 ألف درهم و45 ألف درهم، حسب مركز الخصوبة وكمية الأدوية المستعملة، والتي تختلف بين الحالات، وكذا وفق ضعف الخصوبة لدى الزوجين، بالإضافة إلى التحاليل المخبرية وأتعاب الطبيب التي تتراوح ما بين 10 آلاف درهم و15 ألف درهم بالنسبة إلى الحقن داخل الرحم، وما بين 25 ألف درهم و30 ألف درهم بالنسبة إلى الإخصاب الخارجي، وما بين 40 ألف درهم و45 ألف درهم بالنسبة إلى الحقن المجهري، وهي كلها تكاليف تجعل حلم الأبوة والأمومة من قبيل المستحيلات لدى أغلب الأزواج المغاربة ممن يعانون من مشاكل في الخصوبة. وأكدت حفيظة ترياتي، رئيسة مصلحة البرمجة وأعمال تنظيم الأسرة بوزارة الصحة، ل«المساء»، أن الوزارة واعية بهذا المشكل وأنها برمجت هذه السنة وضع توجيهات سريرية لمشاكل العقم وصعوبات الإنجاب، كما أن هناك مشروع قانون هو في مرحلة متقدمة جدا، حيث عقد وزير الصحة، الحسين الوردي، لقاء بخصوصه مع رئاسة الحكومة وسيخرج للوجود في القريب العاجل. وأضافت ترياتي أن الوزارة تعمل على إدراج أسئلة تهم مشاكل الإنجاب في المسح الوطني المقبل لسنتي 2015-2016 حتى تكون للوزارة معطيات خاصة ودقيقة بهذا الموضوع مستقلة عن منظمة الصحة العالمية. وقال ممثل الوكالة الوطنية للتأمين على المرض إن الوكالة قامت بعرض هذا الموضوع على أنظار لجنة للخبراء، حيث قامت بدراسة تمخضت عنها مجموعة من الاقتراحات والتدابير لتلبية احتياجات هذه الفئة، وكذا حصر كافة الخدمات الطبية ذات الصلة بالعقم، وإدراج الخدمات الطبية ذات الصلة في إطار المفاوضات المتعلقة بتجديد الاتفاقيات الوطنية، وقال إن الوكالة ستساند الأزواج في معاناتهم من خلال تجديد مجموعة من الاتفاقيات. ويشار إلى أن العديد من الأزواج عبروا عن معاناتهم المادية والنفسية أمام مجموعة من الاختصاصيين والمسؤولين بوزارة الصحة والوكالة الوطنية للتأمين الصحي، وكذا رئيس المركز الوطني للخصوبة في الرباط، خلال الندوة الوطنية الثانية لصعوبات الإنجاب والعقم في المغرب، التي نظمتها الجمعية المغربية للحالمين بالأمومة والأبوة «مابا»، عشية الجمعة الماضي، بكلية الطب بالدار البيضاء، من أجل الدعوة إلى التعامل مع هذا المشكل كمرض وليس رفاها. وقد أطلقت جمعية «مابا» عريضة وطنية طالبت فيها بتغطية إجبارية على جميع الفحوصات والعلاجات الطبية المتعلقة بالمساعدة الطبية على الإنجاب وقبول الملفات الطبية لدى كافة مؤسسات التامين الصحي الخاصة والعامة، بما فيها «راميد» وخلق مخطط وطني للعناية الصحية والنفسية العضوية لهذه الفئة الآخذة في التوسع لأسباب «مجهولة».