طلبت السعودية من باكستان إرسال جزء كبير من قواتها إلى حرب برية على اليمن، وإذا ما تم ذلك، لن يُصب الزيت على النار، بل سيصب النار على الزيت المغلي أصلاً. وحسب مقال للكاتب روبرت فيسك في صحيفة «الإندبندنت» البريطانية، فإن الحرب الطائفية في اليمن بدأت تظهر في تصريحات المسؤولين الخليجيين وفي وسائل إعلامهم. وقال إن السعوديين يرون أن القوات الإيرانية موجودة في اليمن لمساعدة الحوثيين. كما تقول صحافتهم الرسمية إن هناك عناصر من حزب الله يقاتلون مع الحوثيين، وأن إيران هي نفسها وراء انتفاضة الحوثيين. ووصف أحد الصحافيين الكويتيين الحوثيين ب»الجرذان». وكما هي العادة في الحروب العربية، لا يوجد دليل حقيقي على الواقع. وتطرق فيسك إلى الدور الأمريكي في الحرب الأخيرة، زاعماً تحديد طائراتها ال»بدون طيار» أهدافاً للقوات الجوية السعودية داخل اليمن، متهماً إياها بالخطأ في التقدير والتسبب في سقوط مدنيين يمنيين، مما يخرج دورها في اليمن عن نطاق الحرب على الإرهاب عموماً، أو الحرب على تنظيم القاعدة في الجزيرة العربية بشكل خاص. ويرى روبرت فيسك، الصحفي والمراسل المخضرم، أن هناك تاريخاً من النفاق تنتهجه السعودية حيال عدد من المتغيرات والأحداث، يقابله تجاهل وممالأة من الغرب بدافع من مصلحة مشتركة مرتبطة بالنفط. ويضيف أنه في الوقت الذي تدرك الدول الغربية أن منبع الأفكار المتطرفة والإرهاب يكمن في العقيدة الوهابية السعودية، فإن هذه الدول اختارت أن تصمت وأن تتغاضى عما فعلته السعودية في ملفات حقوق الإنسان وغيرها، وأن النفاق المتبادل وصل إلى حد ذرف الدموع على حادثة تشارلي إيبدو، في حين يعاقب أصحاب رأي في السعودية بالحبس والجلد أمام صمت وتواطؤ دول تعتبر نفسها مدافعة عن حقوق الإنسان. ولفت الصحفي البريطاني الانتباه إلى خلفية التغاضي الغربي عن تورط السعودية في دعم الإرهاب، مشيراً إلى «الوضع المميز للسعوديين: 15 من أصل 19 من خاطفي طائرات أحداث 11 سبتمبر كانوا سعوديين. جورج بوش وضع ترتيبات فورية لنقل سعوديين، وبعض منهم من أسرة ابن لادن، بأمان من الولاياتالمتحدة. ابن لادن نفسه كان سعودياً قبل إسقاط الجنسية عنه. حركة طالبان مولت وتم تسليحها من قبل السعوديين. طالبان، أيضاً، كانت لديها هيئة مماثلة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. السعوديون بالنسبة لنا مثمنين للغاية، فتوني بلير استطاع إغلاق تحقيق الشرطة البريطانية في واقعة رشوة مشتركة (صفقة اليمامة)؛ لأن المصلحة الوطنية بالنسبة لنا، وليس لهم بطبيعة الحال، كانت على المحك». وللعودة إلى الحرب على اليمن، يقول فيسك، إن جنرالات السعودية يتحدثون عن وقوع إصابات كبيرة بين الحوثيين، لكنهم ما زالوا يقولون إنهم لم يقتلوا مدنيين، على الرغم من أنها تستخدم عبارة مزعجة «أضرار جانبية». ويضيف أن كل المنظمات الحقوقية والصليب الأحمر تتكلم عن مئات القتلى المدنيين الأبرياء، لكن السعودية تغض الطرف عن تلك الضحايا، وتعتبرها «أضراراً جانبية». وكشف روبرت فيسك أن هناك 8.000 جندي باكستاني في المملكة السعودية، مضيفا أن باكستان دولة غير مستقرة وواحدة من الدول الأكثر فساداً في جنوب غرب آسيا. ويرى فيسك أن جلب دولة باكستان إلى صراع اليمن لن يصب الزيت على النار، بل سيصب النار على الزيت المغلي أصلاً. ويطرح فيسك مجموعة من التساؤلات، هي: إذا أصبح هذا الأمر واقعاً، فهل سيكون ما تقوم به السعودية آخر محاولة لإثبات أنها قوة عسكرية كبرى؟ ثم ما مدى الفائدة التي ستعود على السعودية ونظامها من تداعيات هذه الحرب الشعواء التي تشن اليوم على اليمن؟. ويقول إن النظام السعودي منغمس اليوم في مجموعة أزمات افتعلها بالإقليم، بدءاً بالأزمة السورية وليس نهاية بانغماسه المباشر في حرب عدوانية على اليمن، مضيفا أن كل الرهانات السعودية على كسب معركة واحدة من هذه المعارك والأزمات المفتعلة هو رهان فاشل، لأن السعوديين بدورهم يعلمون بحقيقة هزيمتهم في عدة ميادين مؤخراً، ولكن لا يريدون في نفس الوقت أن يتلقوا هزيمة جديدة، وقد تكررت هزائمهم مؤخراً في عدة ميادين، ليس أولها ولا آخرها الميدان السوري.