صادقت الحكومة الإسبانية على قرار الإعادة الفورية للمهاجرين غير النظاميين، من الذين يتمكنون من بلوغ مدينة سبتة أو مليلية. ونشرت الجريدة الرسمية الإسبانية الوثيقة الختامية الرسمية من التعديل الأول بخصوص بعض فصول قانون الأجانب، الذي أصبح يخول للسلطات الإسبانية قانونيا الطرد الفوري للمهاجرين غير الشرعيين، الذين يجتازون السياج الحدودي الشائك انطلاقا من التراب المغربي. ونص التعديل على أنه «سيتم منع المهاجرين الذين يضبطون على الخطوط الحدودية الفاصلة بين مدينتي سبتة ومليلية، خلال محاولتهم اجتياز الأسيجة الحدودية إلى إسبانيا». كما ستطبق في حقهم ما تصفه المنظمات الحقوقية الدولية ب«الإعادة القسرية». وأثار القانون الجديد قلقا كبيرا لدى الهيئات الدولية المهتمة بحقوق المهاجرين، فيما وصف مفوض حقوق الإنسان في مجلس أوروبا هذا الاعتماد الإضافي الجديد لقانون الهجرة بالغامض، وطالب حكومة مدريد بتصحيحه لأنه ينتهك حقوق الإنسان بصفة عامة، ويتناقض مع الحق في طلب وضمان الحماية الدولية للمهاجرين غير الشرعيين على وجه الخصوص. وسارعت إسبانيا إلى إضفاء طابع المشروعية على إعادتها بعض المهاجرين الأفارقة، رغم تمكنهم من بلوغ سبتة ومليلية، في مسعى منها لتجنب الانتقادات الدولية لممارستها غير القانونية في حق هؤلاء. كما أن القانون الصادر بالجريدة الرسمية جاء بعد أسابيع من قرار مدريد فتح مكاتب لها في الحدود بين سبتة ومليلية مختصة في قبول اللجوء السياسي والإنساني في إسبانيا الشهر الماضي، بهدف استقبال طلبات اللجوء السياسي للأفارقة الموجودين بالحدود الفاصلة بين سبتة ومليلية والأراضي المغربية، وهو القرار الذي ووجه بصمت من طرف المغرب، رغم أن هذه المكاتب توجد أصلا في حدود يعتبرها المغرب رسميا استعمارية. وأوضحت مصادر إسبانية للجريدة أن القانون الجديد يحمل في طياته تداعيات مقلقة، وسيزيد من حجم الضغط على المغرب لقبول المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين المطرودين من سبتة ومليلية، وارتفاع نسبتهم، مؤكدة في نفس الوقت فشل مكاتب طلب اللجوء. ولا يتوقف مجلس حقوق الإنسان، التابع للأمم المتحدة، عن التنديد بانتهاكات إسبانيا لحقوق المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين. وقد طالب الحكومة الإسبانية في مذكرة له، بتقديمها، عاجلا، توضيحات بخصوص إعادة المهاجرين الأفارقة إلى المغرب، رغم وصولهم إلى تراب كل من سبتة ومليلية، وهو ما يسمى ب «الإعادة السريعة». وستطالب الهيئة الحقوقية الأممية حكومة ماريانو راخوي بمدها بتقرير مفصل عن كل الانتهاكات التي تطال حقوق المهاجرين غير الشرعيين، خلال الاجتماع الدوري السادس بهيئة الأممالمتحدة، المزمع عقده خلال شهري يونيو أو يوليوز المقبلين، من أجل وضع تقييم تفصيلي دولي لمدى احترام إسبانيا لمواثيق حقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا. وكان قضاء مدينة مليلية قد وجه قبل 5 أشهر اتهاما رسميا إلى قائد الحرس المدني الإسباني بالمدينة، بتهمة إعادة مهاجرين أفارقة إلى المغرب، رغم كونهم بلغوا تراب مليلية، خلافا للقانون الدولي والاتفاقيات الموازية الدولية التي صادقت عليها سابقا حكومة مدريد. وأشارت مصادرنا إلى انطلاق البت في إجراءات محاكمة الضابط العسكري السامي الإسباني لتحديد مسؤوليته المباشرة حول عمليات ما يسمى ب«الإعادة الساخنة» للمهاجرين غير النظاميين، دون اتباع المساطر القانونية والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها إسبانيا، خصوصا يومي 18 يونيو و13 غشت الماضي، وهو ما أرغم إسبانيا على البحث عن مخرج قانوني لانتهاكاتها عبر إقرارها للقانوني الجديد.