قال عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، إن السياسيين والنخب الحاكمة لهم قدرة رهيبة على التلاعب بالظواهر الاجتماعية، مؤكدا أن «ذلك لا يغير الواقع، فإذا بقي نفس الوضع ستكون هناك نتائج ولو بعد حين». وأوضح بنكيران، في سياق حديثه عن الأسباب التي أدت إلى الربيع العربي، في كلمته الافتتاحية للدورة العاشرة لمؤتمر جامعة هارفارد للعالم العربي الذي نظم أول أمس بالرباط، أنه طغى في المنطقة العربية خلال الفترة الممتدة من الخمسينيات إلى السبعينيات نظام حكم مختلف الألوان من الناحية الأيديولوجية، تميز ب«هيمنة النخب الحاكمة على الثروة والسلطة وعلى الحريات، وكان من الطبيعي أنه حينما يشتد الضغط يبدأ الانفجار، كما هو في قوانين الفيزياء». وكمثال على ذلك قدم بنكيران مثالا بتونس التي كانت فيها النخبة الحاكمة مهيمنة على الثروة وعلى السلطة، بالإضافة إلى حرمان المواطنين من حقوقهم، ف«انفجر الوضع وانطلق الربيع العربي». وأضاف بنكيران أن العوامل التي أفرزت الربيع العربي في الدول الأخرى كانت موجودة بالمغرب، ولكن بدرجة أقل، مشيرا إلى أن «النار كانت كافية لتسخين «الطنجرة»، ولكن لم تكن كافية لإحراقها». وتحدث بنكيران عن النظرة الاستباقية لملوك المغرب، والتي بدأت منذ سنة 1994 في عهد الراحل الحسن الثاني عندما عاد من أمريكا وأجرى تغييرات على مستوى حقوق الإنسان والواقع السياسي وتوزيع الثروة. وأضاف رئيس الحكومة، وهو يوجه خطابه إلى ممثلي الدول العربية: «نحن مختلفون عنكم شيئا ما لأننا نعيش في شبه عزلة عن بعضنا البعض، ولم نخضع للدولة العثمانية ولا للدولة العباسية، فاقبلوا منا هذا الاختلاف». وتحدث بنكيران عن العلاقة الخاصة التي جمعت تاريخيا الشعب المغربي بالسلاطين، وقال إن «هذه الأسرة تحكمنا منذ أربعة قرون، وعشنا معاناة مع جيراننا في الشرق وفي الغرب، وقد انفجر المغرب بعدما تم المس بالملك الراحل محمد الخامس، فعلاقتنا ليست علاقة قهر وتسلط». وأوضح أن السكان في الأقاليم الجنوبية لا يعترفون قانونيا بأي قائد عليهم إلا عندما يطلعون على ظهير السلطان لأن المغرب تأسس على المشروعية، يضيف بنكيران، الذي أكد أنه «ليس من الممكن التنازع مع الملك، وهذا هو سر النجاح، فقد نحكم معه أو نخرج تاركين له الحكومة». وذكر رئيس الحكومة بما عرفه المغرب إبان الربيع العربي، إذ قال إن الشعب المغربي فهم الدرس وخرج إلى الشارع من أجل المطالبة بالإصلاحات بخصوص الاختلالات التي كانت في السلطة والثروة وفي الحقوق، مع الحفاظ على المؤسسات، وهو ما تجاوب معه الملك محمد السادس، الذي استجاب بسرعة لكافة مطالب الحركة الإصلاحية من خلال النص على مبادئ يتضمنها الدستور الجديد، يضيف بنكيران. ومن بين القرارات التي اعتبرها بنكيران مهمة في تلك المرحلة إلزام الإدارة بالاعتراف بالنتائج الحقيقية للانتخابات، التي أعطت لأول مرة لحزب سياسي أكثر من 100 نائب برلماني، في إشارة إلى حزب العدالة والتنمية.