على الرغم من أن وزير التربية الوطنية والتكوين المهني رشيد بلمختار يعيش هذه الأيام وضعا صعبا بالنظر للبطء الذي تسير به الكثير من الأوراش التي وعد بها، وهو ما أغضب جهات عليا التي كانت تنتظر من الوزير مردودا أفضل، إلا أن الوزير اختار أن يخرج إلى العلن من خلال عرض مشروعه الإصلاحي أمام أنظار ممثلي المانحين الدوليين. لقد حمل بلمختار إلى ممثلي المؤسسات المالية الكبرى، التي سبق أن قدمت قروضا ومنحا مالية تضخ في مشروع الإصلاح التربوي، تفاصيل المشروع الذي سماه برؤية 2030 والذي يضم 23 إجراء. ومن هذه المؤسسات التي حضرت عرض الوزير، الذي احتضنته قاعة الملتقيات التابعة لوزارة التربية الوطنية، البنك الدولي، والبنك الإفريقي للتنمية، ووكالة التنمية الفرنسية واليابانية والاسبانية. حيث قدم بلمختار بحضور كل المدراء المركزيين مخططه الجديد الذي يضم 9 محاور، و23 تدبيرا، سمته الوزارة برؤية استراتيجية عام 2030. يقول وزير التربية الوطنية عن هذا المشروع الإصلاحي إن «على المشروع التربوي الجديد أن يسمح بتغيير المدرسة المغربية لتمنح، بشكل منصف، لكل مواطني الغد تعليما وتكوينا ذا جودة، مرتكزا على القيم والمبادئ العليا للوطن، ولتأهيلهم للاستعداد للمستقبل، والانفتاح، والمساهمة الفاعلة في بناء الرأسمال البشري الذي يحتاج إليه الوطن، وكذا الانفتاح على المبادئ الكونية». أما الأهداف الاستراتيجية للمشروع، فأهمها تغيير «الباراديغم» البيداغوجي، وتحسين مواصفات المتعلم، كالانفتاح، والتكوين في العلوم الإنسانية، والتمكن من اللغات، والتمكن المندمج من العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. ثم إعادة الاعتبار لمهن التربية. وتعزيز الهوية المغربية، وترسيخ القيم وروح المواطنة؛ والإعداد للحياة المهنية، والتكوين على مدى الحياة بهدف تحسين الإدماج المهني بشراكة مع المقاولات، وتوفير فرص متكاملة، منصفة وملائمة للتعلم. مع إدماج شامل وعميق لتكنولوجيا الإعلام والاتصال. في أفق التحول نحو نموذج للحكامة يعتمد على المسؤولية المتقاسمة. وتعبئة جميع الفاعلين حول المدرسة. والاستدامة وترصيد المكتسبات والتحسين المستمر للجودة. وهي أهداف تحتاج، بحسب المشروع الجديد للوزير، لجملة من التدابير ذات الأولوية، والتي يعتبر من أهم محاورها التحكم في اللغة العربية، والتمكن من التعلمات الأساسية. وهي رهانات تحتاج لاعتماد منهاج جديد للسنوات الأربع الأولى من التعليم الابتدائي. وتحديد عتبات الانتقال بين الأسلاك. أما التمكن من اللغات الأجنبية، كرهان مستقبلي، فيحتاج إلى تقوية هذه اللغات بالتعليم الثانوي الإعدادي، وتغيير نموذج التعليم، وإرساء المسالك الدولية للباكالوريا المغربية. هذا بالإضافة إلى دمج التعلم العام بالتكوين المهني وتثمينه من خلال تحديد اكتشاف المهن بالتعليم الابتدائي، وإنشاء المسار المهني بالثانوي الإعدادي، وإرساء الباكالوريا المهنية. وفي شق الكفاءات والتفتح الذاتي، يدعو الوزير في مخطط الإصلاح إلى إحداث مراكز التفتح للغات والأنشطة الثقافية والفنية والرياضية. مع تشجيع روح المبادرة والمقاولة. ولن تتحقق كل هذه الرهانات إلا بتحسين العرض التربوي الذي يقترح المشروع الإصلاحي أن يشمل تأهيل المؤسسات التعليمية، وتوسيع العرض التربوي، والاعتماد على المدارس الشريكة، والنهوض بالتعليم الأولي. لقاء رشيد بلمختار مع المانحين الدوليين لعرض مشروعه الإصلاحي تزامن مع قرب صدور التقرير التركيبي للمجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي المقرر في بحر شهر مارس الجاري. وهو ما يطرح أكثر من سؤال عن خلفيات خروج بلمختار الآن. المتتبعون للشأن التربوي يطرحون السؤال، إذا كان رشيد بلمختار قد أصدر رؤيته الإصلاحية في أفق سنة 2030، فما الذي يمكن أن يصدره المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي غذا؟ أما الخوف كل الخوف، فهو أن يتضمن تقرير عمر عزيمان بعض الإجراءت التي يمكن أن تختلف عما جاء به رشيد بلمختار خصوصا ما يتعلق بالقضايا الجوهرية، كما هو الشأن مع اللغة، التي لا تزال تعتبر قضية ذات حساسية مفرطة وتحتاج لقرار سياسي أكثر منه تربوي.