عاد المنعشون العقاريون إلى طرق أبواب الحكومة من جديد من أجل إيجاد صيغة مناسبة لضخ دماء جديدة في شرايين قطاع العقار وإنقاذه من أزمته الخانقة. المنعشون أقروا، منذ شهور، بأن القطاع يحتضر بسبب تراجع الطلب وإمساك البنوك عن تزويدهم بالسيولة الكافية؛ لكنهم، بالمقابل، لم يتخذوا أية خطوة في اتجاه خفض أسعار العقار وتقديم عروض مناسبة وملائمة لاسترجاع ثقة الزبناء، بل ظلوا متشبثين بمستويات الأسعار غير الواقعية، التي تم «نفخها» بتواطؤ مع البنوك وجهات في الدولة، بعيدا عن مصلحة المواطن الذي ظل يكتوي في السنوات الأخيرة بسعير تضاعف أثمنة الشقق مرتين أو ثلاثا. لقد ظل قطاع العقار يستفيد طيلة سنوات من دعم الدولة، سواء على مستوى الضرائب أو على مستوى الوعاء العقاري الذي حصل عليه بعض «وحوش العقار» مجانا أو بأسعار رمزية، إلى جانب امتيازات أخرى، مثل تساهل بعض الإدارات في القيام بدورها في مراقبة جودة الشقق المبنية، والتي يمكن في أية لحظة أن تفاجئنا بكارثة أخرى شبيهة بما وقع في حي «بوركون» في البيضاء؛ دون أن يقدم المنعشون مقابلا عن ذلك للدولة والمواطن، بل على العكس من ذلك استلذوا جمع الثروات، ودخلوا لوائح «فوربس» للأغنياء من بابها الواسع عبر أرباح السكن الاجتماعي الطائلة. هي إذن مفارقة، يُطرح معها أكثر من تساؤل حول من له المصلحة في صناعة أغنياء من السكن الاجتماعي؟ وكيف صمتت الدولة طويلا عن «الجرائم العقارية» التي ارتكبها بعض المنعشين في حق المغاربة؟ وكيف وجد هؤلاء المنعشون «الجرأة» على العودة من جديد إلى طرق أبواب الحكومة للاستفادة من امتيازات جديدة؟