دعا خبير في الدراسات الإستراتيجية إلى ضرورة أن يضم المجلس الاقتصادي والاجتماعي، الذي طالب الملك في خطبه الأخيرة إلى الإسراع بإنشائه، أشخاصا مشهودا لهم بالكفاءة والنزاهة وتجنب عاملي القرابة والانتماء الحزبي في تكوينه، وهو ما حث عليه الملك أيضا في خطاب العرش الأخير وكذا في خطاب افتتاح السنة التشريعية الجديدة بالبرلمان. وقدم الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، سعد العلمي، أول أمس الثلاثاء أمام مجلس الحكومة، مشروع قانون تنظيمي يتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي ويهدف إلى وضع إطار قانوني مرجعي يحدد صلاحيات المجلس والمهام الموكولة إليه، مشيرا إلى أن المشروع يهدف كذلك إلى تحديد فئات الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس، بالإضافة إلى قواعد تنظيمه وطريقة تسييره، في إطار التقيد التام بأحكام الدستور وبمراعاة الصلاحيات والمهام التي تضطلع بها باقي المؤسسات الدستورية الأخرى. وكان الملك محمد السادس أكد في خطاب العرش الأخير «ضرورة تفعيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي» كإطار مؤسسي للحوار وكقوة اقتراحية لبلورة هذا الميثاق (الاجتماعي الجديد كما وصفه الملك)، بما «يخدم تنمية بلادنا ويمكنها من مواصلة مسارها الإصلاحي، ويجعلها قادرة على مواجهة الظرفيات الصعبة والحفاظ على ثقة شركائنا وتعزيز جاذبية المغرب للاستثمارات والكفاءات». وهو ما أعاد التأكيد عليه أيضا في افتتاح الدورة البرلمانية الحالية، يوم الجمعة الماضي، حين أشار إلى ضرورة تمكين البلاد من هيئات للحكامة التنموية تعزيزا لديمقراطية المشاركة في تدبير الشأن العام، وهو ما يؤكد بإلحاح ضرورة اعتماد الإطار القانوني للمجلس الاقتصادي، يقول الملك. واعتبر محمد حركات الباحث الجامعي ومسؤول مركز الدراسات الإستراتيجية والحكامة، أن خطاب الملك في الذكرى العاشرة كان واضحا، حين دعا إلى الاعتماد على الكفاءة والخبرة الوطنية، محذرا من تكرار تجارب أخرى حين منحت مسؤوليات لجان ومؤسسات إلى غير أهلها. وبعد أن أشار إلى أن المجلس يجب أن يكون منتدى للخبراء المغاربة، الذين لا يصغرون نظراءهم الأجانب من حيث التجربة والدراية إنْ اقتصاديا أو اجتماعيا، من أجل التشاور في هذه القضايا الحيوية واقتراح الحلول على المؤسستين التنفيذية والتشريعية، أضاف حركات في تصريحه ل«المساء» أن أبرز العراقيل التي يمكن أن تؤثر على دور هذا المجلس هو إخضاعه لمنطق الولاءات الحزبية ولغير ذوي الكفاءات في تركيبته، كما أبانت عن ذلك عدة تجارب سابقة، حيث ينص قانون تأسيس عدة مؤسسات على شيء بينما واقعها العملي يشير إلى شيء آخر، داعيا إلى تنظيم مباراة وطنية بكل شفافية من أجل اختيار العناصر المناسبة لتمثيل هذه المؤسسة بناء على سيرهم الذاتية وتراكماتهم العلمية والعملية، وليس بناء على مدى القرابة والانتماء الحزبي. وفي الوقت الذي لم يُكشف بعد عن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، اكتفى سعد العلمي، في تصريح للصحافة عقب اجتماع للحكومة أول أمس الثلاثاء، بالقول إنه بالإضافة إلى أن المشروع يهدف إلى تحديد فئات الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس وقواعد تنظيمه وطريقة تسييره، فإنه سيكون فضاء دائما للحوار الاجتماعي المسؤول والتفكير المعمق، وإطارا دستوريا ملائما لتقديم الاقتراحات في مختلف المجالات المتعلقة بالأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.