تحولت جنازة لبائع متجول يدعى (عمر.ب) سقط ليلة السبت/ الأحد الماضيين ضحية طعنات عصابة للسرقة بحي مونفلوري بفاس إلى انتفاضة ضد الانفلات الأمني بالمدينة. وردد المحتجون، الذين انتظموا في أكبر مسيرة احتجاجية، خلال هذا الموكب الجنائزي الذي انطلق بعد صلاة العصر بمسجد الفتح بالحي نفسه، مساء أول أمس الأحد، شعار «الشهيد ها هو، وغرابي فينا هو»، في إشارة إلى والي جهة فاس بولمان، محمد غرابي، كما رددوا شعار «غيثونا غيثونا، مجرمون قتلونا». ولم تمنح نساء الحي رؤساء عدد من الوداديات السكنية بالمنطقة الوقت الكافي ل«التفاوض» مع السلطات المحلية حول وقفة كانت ترتب لتنظيمها للاحتجاج على تردي الوضع الأمني بالمدينة. فقد توافدت العشرات منهن إلى قبالة المسجد وبدأن في ترديد الشعارات مباشرة بعد الانتهاء من صلاة الجنازة. والتحق بهن المصلون وهم يحملون على أكتافهم «شهيدهم» البالغ من العمر، قيد حياته، 24 سنة. واتجهت المسيرة مباشرة إلى الدائرة الأمنية 19، وتوقفت للحظات شكلت فرصة لهؤلاء المتظاهرين، الذين قدرت أعدادهم ب4000 شخص، للتنديد بفتور عناصر هذه الدائرة في التعامل مع ملف وفاة هذا الشاب الذي أصابته الطعنات على مستوى القلب، بينما أصيب صديقه بجروح خفيفة، بعدما هاجمهما أفراد العصابة حينما كانا يتجولان في ساحة «موسكو»، بعد خروجهما من المسجد عقب أدائهما صلاة العشاء، على بعد 50 مترا من هذه الدائرة الأمنية. وتأخرت كل من عناصر الشرطة ورجال الإسعاف في التدخل لما يقرب من ساعة بعد الحادث. وظل الشاب ينزف بعدما استطاع الفرار لبضعة أمتار إلى أن سقط وسط الطريق صريعا من شدة النزيف. وجابت هذه التظاهرة مختلف شوارع هذا الحي، وأغلقت مجموعة من المتاجر والمحلات أبوابها تضامنا مع المحتجين. فيما سارع مستشارون جماعيون إلى تزعم المحتجين لبعض الوقت ونددوا بدورهم للحظات بتنامي الإجرام في المدينة. وظهر من بين المستشارين الجماعيين المحتجين الاستقلالي الزبير بونوة، النائب الثالث لرئيس مقاطعة سايس وعضو بالأغلبية في المجلس الجماعي لفاس. كما ظهر سعيد بن احميدة، المستشار الجماعي في معارضة مقاطعة سايس عن حزب العدالة والتنمية. وظل الأمنيون، بمختلف أجهزتهم، يتتبعون تحركات المحتجين، دون تسجيل أي تدخل عنيف في حقهم. وودع المحتجون، في متم شارع «الكرامة» بالحي ذاته، جنازتهم وتفرقوا، فيما انتقل الموكب الجنائزي، بالسيارات، إلى مقبرة باب فتوح، بالقرب من المدينة العتيقة لدفن الشاب الضحية ليجاور قبر أحد أفراد عائلته. واستنفرت ولاية الأمن عناصرها منذ ليلة السبت/الأحد لإلقاء القبض على أفراد العصابة الذين تمكن صديق الضحية من رسم ملامحهم. وأفضى هذا الاستنفار إلى وضع اليد على ثلاثة عناصر، ولا يزال العنصر الرابع في حالة فرار. وينحدر أفراد هذه المجموعة من نفس الحي. وذكرت مصادر أمنية بأن هذه المجموعة تتكون من أخوين، أحدهما يبلغ من العمر 18 سنة والثاني لم يتجاوز بعد ال16 من عمره. أما العنصر الثالث فهو يبلغ من العمر 20 سنة، ووالده يشتغل في سلك القوات المساعدة بالمدينة.