أحال الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بوجدة زوجة القاضي، المتهمة بتعذيب الطفلة القاصر زينب اشطيط (11 عاما)، على النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية من أجل متابعتها في حالة اعتقال على خلفية التهم المنسوبة إليها وهي تعذيب طفلة خادمة قاصر وكيها وحرقها بالزيت المغلي في أماكن حساسة من جسدها. غير أن المثير في هذه القضية أن زوجة القاضي فاجأه المخاض في الساعات الأولى من صباح أول أمس الخميس لانقل على وجه السرعة إلى مستشفى الفارابي، حيث أنجبت مولودا ذكرا بغرفة مقابلة لغرفة خاتدمتها زينب. وأكد محامي الضحية زينب أن المتابعة ستستمر في حق الزوجة وأن الولادة لن تؤثر على مسار القضية، وأضاف أنه ستتم إعادة الزوجة إلى السجن مباشرة بعد تعافيها. وجاء اعتقال زوجة القاضي بعد ضبط الشرطة القضائية بالمدينة الحدودية للوسائل المادية التي استعملت في تعذيب الضحية داخل الفيلا التي تقطنها رفقة زوجها القاضي بحي الوحدة، ومنها آنية لغلي الزيت وقضبان حديدية، وهو ما دل على صحة الأقوال التي أدلت بها الطفلة زينب اشطيط. في غضون ذلك، اكتفت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بتقديم ملتمس إلى الرئيس الأول لدى المحكمة نفسها بغرض إجراء بحث مع القاضي حول التهم نفسها المنسوبة إليه، وعهد إلى قاضي التحقيق بالمحكمة نفسها بمباشرة إجراءات التحقيق معه. وتم تكييف قضية تعذيب الضحية كجنحة، وهو ما أثار استغراب عدد من المتابعين للملف الذين كانوا يتوقعون تكييف القضية كجناية بالنظر إلى ثبوت تعذيب الضحية بشكل خطير. غير أن محامي زينب اشطيط نور الدين بوبكر شرح ذلك ، في اتصال مع «المساء»، بقوله إن السلطة القضائية كيفت القضية كجنحة بناء على بنود القانون الذي يؤكد أن الجناية مرتبطة بالعاهات المستديمة التي يتسبب فيها الاعتداء ويتركها على جسد المجني عليه، في الوقت الذي رأت فيه السلطة القضائية أن ما تعرضت له زينب على يد مشغلها وزوجته لم يترك على جسدها عاهات مستديمة. وبخصوص الحالة النفسية للضحية التي تضررت بشكل كبير، أكد بوبكر أن القضاء لا يعترف بالضرر النفسي إلا في حالة ثبوت إصابة الضحية بالحمق أو بأذى نفسي كبير أثر على أداء عقلها الطبيعي. وقد تصل العقوبة في التهم المنسوبة إلى زوجة القاضي إلى 5 سنوات سجنا، وأكد محامي القاصر زينب أن مطلب التعويض يبقى رهينا بالسلطة التقديرية للقاضي. وطالب حقوقيون وزير العدل بمنح الإذن بمتابعة قاضي وجدة، خاصة وأن الأمر يتعلق بطفلة قاصر. وأوضحت خديجة رياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في اتصال مع «المساء»، أن قضية الطفلة زينب تعد اختبارا لمدى وجود إرادة حقيقية للنهوض بمجال القضاء الذي نادى الجميع بضرورة إصلاحه ودعت إلى محاربة كافة أشكال عدم المساواة، ومنها الامتياز القضائي الذي قد يشكل ذريعة قانونية لعدم التحرك لإحقاق الحقوق وتطبيق القانون. وكانت فضيحة تعذيب الطفلة زينب اشطيط قد تفجرت يوم 20 غشت الأخير، حيث أكد شهود عيان، في اتصال سابق مع «المساء»، أنهم عثروا على الفتاة هاربة من فيلا القاضي وهي في حالة مزرية والدماء تسيل من أنحاء مختلفة من جسمها، وحملوها، على وجه السرعة، إلى المقر الرئيسي لمفوضية الشرطة بالمدينة الحدودية، التي نقلتها بدورها إلى مستشفى الفارابي. وأوضح شهود العيان أن آثار التعذيب والحرق كانت بادية على جسد الطفلة القاصر التي لم تكن تقوى على المشي. وأعلنت جمعية «ما تقيش ولادي» عن تبني ملف الطفلة الخادمة وأنها ستنصب نفسها طرفا مدنيا في القضية.