تحظى أغنية «يا رسول الله خذ بيدي» باهتمام العديد من النقاد المغاربة، لطابعها الروحاني ولاقترانها بحدث فني بارز شاركت فيه كوكب الشرق أم كثلوم أثناء حضورها إلى المغرب، هي الأغنية التي تقول كلماتها: «سيدي يا رسول الله خذ بيدي مالي سواك ولا ألوي على أحد فأنت نور الهدى في كل كائنة وأنت سر الندى يا خير معتمد وأنت حقا غياث الخلق أجمعهم وأنت هادي الورى لله ذي السدد يا من يقوم مقام الحمد منفردا للواحد الفرد لم يولد ولم يلد» لهذه الأغنية التي لحنها الملحن المغربي صالح الشرقي العديد من الحكايات. يقول الشرقي إن كوكب الشرق غنتها، ويضيف، في حوار سابق مع يومية «الشرق الأوسط»: «الحكاية حدثت بالصدفة. في سنة 1968، حلت أم كلثوم ضيفة على المغرب، وأقام الأمير الراحل مولاي عبد الله وحرمه السيدة لمياء الصلح حفل عشاء على شرفها في قصرهما، ودعانا إليه نحن أعضاء الجوق الوطني لتنشيطه موسيقيا من خلال تقديم بعض الفقرات والموشحات. قبل بداية الحفل، سألنا الأمير الراحل عن محتويات البرنامج الفني، فأخبره أحد الأعضاء، وهو الفنان ابراهيم القادري، بالعمل الموسيقي الغنائي الجديد: موشح «يا رسول الله خذ بيدي» الذي كنت قد انتهيت للتو من تلحينه، تلبية لطلب جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله. واستحسن الأمير الفكرة وشرعنا في تقديم الأنشودة، فاسترعى انتباهي أن أم كلثوم تنصت إلى الأغنية باهتمام شديد، ونادت على أحد أعضاء المجموعة الصوتية ليسمعها كلمات القصيدة، وفجأة وقفت في مكانها كالهرم وتقدمت نحو الفرقة الموسيقية في لحظة مؤثرة بالنسبة إلي، ارتبكت خلالها وفقدت توازني وغابت الأوتار عن عيني، وأنا أرى وأسمع أم كلثوم، بتاريخها الفني وصوتها الساحر، تنشد معنا في اندماج غنائي «يا رسول الله خذ بيدي». عن هذه الأغنية، يقول الملحن عبد الواحد التطواني: «يحيط بعض الالتباس بهذه الأغنية، فهناك روايات كثيرة حولها، غير أن ما هو مؤكد باعتباري كنت حاضرا فيه هو أن الأغنية لحنها صالح الشرقي وسجلها مع الجوق الوطني ما بين سنتي 1964 و1965 رفقة المجموعة الصوتية التي كانت تضم كلا من المعطي بنقاسم، محمد علي، ابراهيم القادري، محمد بن الطاهر، خديجة الزياني، شموش عبد الله عصامي وآخرين. وطلب الملك من الجوق الملكي أن يؤدي أغنية «يا رسول الله خذ بيدي» في كازينو مراكش بحضوره رفقة أم كثلوم. وبعدما انطلقت المجموعة في أداء الأغنية، دخلت أم كلثوم في حالة خشوع تام وانخرطت في أداء الأغنية بشكل روحاني، ثم صعدت من فرط تأثرها فوق الخشبة وشاركت المجموعة الغناء بابتهالات تحفظها غير متضمنة في القصيدة الأصلية، وهي ابتهالات خاصة بها ولا علاقة لها بأغنية «يا رسول الله خذ بيدي». أعتقد أنه من الخطأ القول إن أم كلثوم غنت هذه القطعة أو لحنها لها الشرقي، هذا غير صحيح؛ وللتدليل على ذلك، هناك تسجيل لهذا الحدث في الإذاعة والتلفزيون اللذين كانا حاضرين في السهرة التي أحيتها فرقة الجوق الملكي، وأستبعد أن تكون قطعة مسجلة بصوت أم كلثوم رفقة الجوق الوطني. وللإشارة، ففرقة الجوق الملكي، التي كان يرأسها عبد القادر رتبي، ضمت كلا من أحمد بن حمادي وحمادة والعربي الكواكبي كعازفين على العود وعبد الكبير حداد كعازف على القانون والعربي الهواورا وعبد الغني اليوسفي وعبد الكامل التوريكي كعازفين على الكمان وعبد الله الجويلي على الإيقاع وعبد الوهاب حليوة على الطر وابراهيم منغالا على «كونطروباس»». وفي السياق ذاته، أكد عبد الواحد التطواني أن أم كلثوم لم يسبق لها أن غنت لأي ملحن أو شاعر مغربي، مضيفا أن الأمر لم يعد كونه مشاركة عادية في أغنية «يا رسولا لله خذ بيدي». للإشارة، فقد وشح الملك الراحل محمد الخامس كوكب الشرق، كما حظيت باستقبال الملك الحسن الثاني في العديد من المرات، ولها ذكريات مع فنانين مغاربة من بينهم أحمد البيضاوي الذي استقبلها في بيته عدة أيام، وشاركت عائلته الاحتفال بعيد الأضحى، حسب ما حكاه فوزي ابن الراحل أحمد البيضاوي، في تصريح سابق ل«المساء».