هبات رياح قوية وغبار مرتقب من الاثنين إلى الثلاثاء في عدة مناطق بالمغرب    إضراب الأطباء بالمستشفى الحسني بالناظور لمدة 5 أيام    الإعلان عن تعميم خدمات "جواز الشباب" في جميع أنحاء المغرب    مندوبية التخطيط تتوقع نمو الصادرات المغربية إلى 7.7% سنة 2025    بريد المغرب يعزز دوره كرائد في الثقة الرقمية بالمغرب    غياب الشفافية وتضخيم أرقام القطيع.. اختلالات جمعية مربي الأغنام والماعز تصل إلى البرلمان    ريان إير تتوقف عن قبول التذاكر الرقمية في مطارات المملكة    تقنية مبتكرة تستغل الزجاج الجانبي للسيارة كشاشة عرض    الكشف عن عرض فيلم اللؤلؤة السوداء للمخرج أيوب قنير    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. 116 وفاة و25 ألف إصابة ودعوات لتحرك عاجل    إسرائيل تفرج عن 90 معتقلا فلسطينيا عقب إطلاق حماس 3 رهينات    القنوات الناقلة لحفل تنصيب دونالد ترامب    1000 يورو لمن يعثر عليها.. بدر هاري يستعيد محفظته    هالا يحدّد موعد استقالته من رئاسة الرجاء    طنجة .. ثلاثيني يضع حدا لحياته بعد هجر زوجته له    تحذير من رياح عاصفية بدءا من الاثنين    ‮ هل يجعل المغرب من 5202 سنة مساءلة الأمم المتحدة؟    أغنية «ولاء» للفنان عبد الله الراني ..صوت الصحراء ينطق بالإيقاع والكلمات    تقرير: المغرب يلعب دورا مهماً في المجال الصناعي الصاعد في القارة الإفريقية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ترامب يستعد لتسلم مهامه ويصبح الرئيس الأمريكي الأكبر سنا لحظة دخوله البيت الأبيض    نهضة بركان تنهي دور المجموعات باكتساح شباك ستيلينبوش بخماسية نظيفة    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها بأداء قريب من التوازن    المنتج عبد الحق مبشور في ذمة الله    أمن البيضاء يفتح تحقيقا في ملابسات اعتداء على بائعة سمك    كذبة التخفيف الضريبي الكبرى!    "تيك توك" تعود للعمل بأمريكا وبكين تدعو واشنطن لتوفير بيئة منفتحة للشركات    لتجاوز التعثرات.. وزارة التربية الوطنية ترسي الدعم المؤسساتي في 2628 مؤسسة للريادة    المدرسة.. الحق في الحُلم أو هندسة الفشل الاجتماعي    عبوب زكرياء يقدم استقالته بعد خسارة الدفاع الحسني الجديدي أمام الوداد    ابتسام الجرايدي تتألق في الدوري السعودي للسيدات وتدخل التشكيلة المثالية للجولة 11    سعر "البتكوين" يسجل مستوى قياسيا جديدا بتخطيه 109 آلاف دولار    تنظيم أول دورة من مهرجان السينما والتاريخ بمراكش    أنت تسأل وغزة تجيب..    تراجع أسعار الذهب    دراسة: التمارين الهوائية قد تقلل من خطر الإصابة بالزهايمر    منها ذهبية واحدة.. جيدو المغرب يحرز 11 ميدالية    نائب الرئيس الصيني يلتقي إيلون ماسك وقادة الأعمال الأميركيين في واشنطن قبيل تنصيب ترامب    إعادة انتخاب فلورينتينو بيريس رئيسا لريال مدريد    هشام جيراندو.. النصاب الذي يَبحث عن "الاهتمام" في اجتماعات الحموشي والمنصوري    بعد عاصفة ثلجية.. فرق التجهيز والنقل بالحسيمة تتدخل لفتح الطريق الإقليمية 5204    إسرائيل تفرج عن 90 معتقلا فلسطينيا ضمن المرحلة الأولى من صفقة التبادل مع حماس    توصيات المنتدى الوطني الخامس للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية بأكادير    تخليداً لذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال: منظمة المرأة الاستقلالية بوجدة تناقش مقترحات تعديل مدونة الأسرة    اختطاف مواطن اسباني جنوب الجزائر و نقله الى مالي :    تنظيم تظاهرة "Nador Boxing Champions" إحتفالا بالسنة الأمازيغية الجديدة 2975    ترحيب دولي بإعلان وقف إطلاق النار في غزة    إبداع النساء المغربيات في أطباق البسطيلة المغربية يبهر العالم    فريق كوري يبتكر شبكة عصبية لقراءة نوايا البشر من موجات الدماغ    إسدال الستار على فعاليات الدورة ال3 من المهرجان المغربي للموسيقى الأندلسية    حفل ضخم في "جوي أووردز" بالرياض    توقيف المشتبه به في طعن نجم بوليوود سيف علي خان    الجزائر.. فيروس ينتشر ويملأ مستشفيات البلاد بالمرضى    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في كندا عليك أن تؤدي «البقشيش» إجباريا وأن تحسب ضريبتك بنفسسك
نشر في المساء يوم 20 - 08 - 2009

بعد أن قطعنا مسافة لا بأس بها تبدّد الشعور الغريب واستعدت كامل حماقاتي. في طريقي إلى المرحاض لاحظت أنّ سوزانا وضعت على وجهها نظّارات طبّية عريضة وبدت كأنها تقدّمت عشرين سنة في العمر. لم أعرفها في البداية. قلت لها مازحا: «حسبتك ستيفانيت!». لأنّ مديرتنا، ستيفانيت، تضع دائما نظّارات طبّية قميئة ولا تعتني بمظهرها. ضحكَتْ وشرحَتْ لي أنّها لا يمكن أن تحتفظ بالعدسات لأنها تسبّب ألما فظيعا في الفضاء،
أقلعت بنا البوينْغ 747 في اتجاه مونريال. طائرة الخطوط الفرنسية واسعة جدّا، مقاعدها مريحة وبها مضيفات جميلات. ليس مثل طائرات الخطوط المغربية التي صارت تشْبه حافلات تحلّق في السماء. كنت متعبا، لكنّني لم أستطع النوم. تملّكتني حالة غريبة. كنت قلقا وفرحا على نحو لا يصدّق. لم يسبق لي في حياتي أن قضيت سبع ساعات كاملة في السماء. تحسّ أنّك خفيف وقريب جدّا من الله وتتذكر كل الذنوب الصغيرة والكبيرة التي حملت معك، دون أن تعرف كيف تتخلّص منها. تتمنّى لو أنّك تستطيع أن تضعها في كيس أسود وتقذف به نحو الغيوم التي تظهر جنبك من نافذة الطائرة. تسأل نفسك إن كنت حقّا ستعود ثانية إلى الأرض أم أنك ستكمل رحلتك نحو الأعلى. وتتعهد، بينك وبين نفسك، أن تقلع عن كل المصائب إن عدت إلى أرض البشر سالما... لكن بمجرد ما تعود تحمد الله على السلامة، تضحك وتنسى كل شيء!
بعد أن قطعنا مسافة لا بأس بها تبدّد الشعور الغريب واستعدت كامل حماقاتي. في طريقي إلى المرحاض لاحظت أنّ سوزانا وضعت على وجهها نظّارات طبّية عريضة وبدت كأنها تقدّمت عشرين سنة في العمر. لم أعرفها في البداية. قلت لها مازحا: «حسبتك ستيفانيت!». لأنّ مديرتنا، ستيفانيت، تضع دائما نظّارات طبّية قميئة ولا تعتني بمظهرها. ضحكَتْ وشرحَتْ لي أنّها لا يمكن أن تحتفظ بالعدسات لأنها تسبّب ألما فظيعا في الفضاء، بفعل ارتفاع الضغط. أضافت أن الضغط جعل أزرا عند الإقلاع تتألّم وتبكي جرّاء آلام في الأذن. نظرت إلى البوسنية الشقراء جنبها ووجدتها نائمة وقد علا وجهها الشحوب. فتّشت تلقائيا عن عاشقها المخذول فرانك ولمحته، غير بعيد، يضع في أذنيه سماعات بالادور مدلّيا رأسه على المقعد. معظم الركّاب يظهر عليهم التعب وكثير منهم استسلموا للنوم. وحده قيس وأنّا وناطاليا جلسوا في مقاعد متجاورة يحتسون كؤوس الويسكي ويضحكون. جلست قربهم لبعض الوقت، أنّا وقيس. يملؤون كؤوسهم من قنينة J&B، فيم ناطاليا تحتسي حصّتها الكحولية مباشرة من زجاجة بايليز. لقد اشتروا قناني كثيرة ومختلفة من الفريشوب واحتسوا نبيذا أحمر مع وجبة الغذاء وتنكات بيرّة في مطار شارل دوغول وقبل الأكل ولا أحد يعرف كيف ستكون حالتهم عندما يصلون إلى مونريال...
الكنديون عكس الفرنسيين تماما. عندما يتكلّم معك أحدهم تكاد تجزم أنه يعرفك منذ زمن بعيد. يتحدثون ويبتسمون بلا توقف، كما لو كانوا يشتغلون بالبطاريات. في بهو فندق ترافلوج على شارع سان-كاترين الطويل، اجتمعنا بعد أن وضعنا أمتعتنا في الغرف، وأخذ معظمنا دوشا ساخنا. تأخّرت قليلا قبل أن أنزل إلى البهو. عندما التحقت بالشلّة، كنت ألبس بلْغة رمادية وكان شعري مبلّلا. وجدت على مائدة توسّطت البهو قناني كثيرة من المشروبات الغازية وحلويات وفواكه مجفّفة. حوْلها جلس الجميع ينصت إلى عرض يصلح أن نعطيه هذا العنوان: «دليل السائل عن مقام في كندا دون مشاكل». كارين، التي استقبلتنا باسم الجمعية الفرنسية- الكيبيكية، هي من كان يتحدث. كندية في العشرينات. تشرح بابتسامات واسعة وتدخّن بشراهة. جميلة، قامتها قصيرة بعض الشيء وشعرها أسود فاحم طويل. تكلّمت عن كل شيء: عن الفنْدق والمترو والسوبر مارشيات والدولار الكندي ونهر سان لورون وجزيرة سانت إيلين والحي الصيني والبورْبوار الإجباري الذي ينبغي أن تضعه على طاولة أيّ مطعم تغادره... وأنا أحاول تتبّع ما تقول أدركت أنّ فهم حياة الكيبيكيين لا يقلّ تعقيدا عن فهم فرنسيتهم. ماذا يعني أن تؤدّي بقشيشا إجباريا في المطاعم والمقاهي؟ وماذا يعني أن تحسب بنفسك الضريبة التي ستدفعها عن كل شيء تقتنيه؟ الناس هنا أيضا، مثل فرنسا، مهووسون بالضّريبة. العيش في المغرب أسهل بكثير، فكّرت. حكّامنا أذكياء يستلّون منك ما يريدون دون أن تحسّ. يستخلصون كلّ ما شاؤوا من الرواتب والأجور والتعويضات، دون أن يدخلوا معك في التفاصيل. يقومون باقتطاعات مباشرة، في الفواتير التي يأتي بها البريد أو يحملها مستخدمون لا يتخلّون عن وجوههم العابسة إلا نادرا. هكذا يبقى الجميع مرتاح البال: المواطن والإدارة والحاكمون... كل ما يتعلّق بالضرائب عندنا يظل معقّدا وعصيّا على الأفهام، بدءا من الاسم. إذا مزجت بين كلمتي مقت ونحس تحصل على اسم الضريبة في المغرب: المكس، هكذا يسمّونها في الوثائق الرسمية. ربمّا لأنها كانت نحسا على أكثر من سلطان، أيّام كان المغرب يسمّى الإيالة الشريفة وسكّانه يعرفون بالمراكشيّين. في المقرّرات المضحكة حيث درسنا تاريخنا المزوّر، كانت نفس الجملة تعود كلّما تعلّق الأمر باضمحلال أسرة حاكمة أو تقهقر أحد السلاطين: «فرض المكوس وتجرّأت عليه العامة في الأسواق»، قبل أن يضيفوا: «وتفرّق ملْكه شذر مذر وكان عبرة لمن اعتبر».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.