سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
نور الدين بلحنشي: العدوانية أصبحت مثل وباء أصاب الجميع وهي تتمظهر في أشكال متعددة الأخصائي في الأمراض النفسية والعقلية قال إن العدوانية تصبح مرضا نفسيا عند تزايد حدتها
قال إن العنف والعدوانية سلوك طبيعي يدخل في إطار رد الفعل وأضاف بأنه يمكن أن يتحول إلى نتاج لمرض نفسي مثل الذهان، كما أكد أنه حين يتحول هذا السلوك إلى وسيلة «للتحاور» فإن الشخص المسالم يضطر بدوره إلى الانخراط وتبني هذه الطريقة في التواصل مما يخلق حالة من الفوضى والهيجان مثل التي نتابعها يوميا في شوارعنا وفضاءاتنا العمومية. - هل هناك تعريف محدد للعدوانية وما هي الأسباب النفسية التي تقف وراءها؟ < العدوانية والعنف سلوك طبيعي يدخل في إطار رد الفعل، وهذا السلوك يتقاسمه الإنسان والحيوان والنبات، وهناك عدة عوامل مشتركة تتحكم فيه يمكن تلخيصها في ثلاثة: أولا تركيبة الشخصية والتكوين البسيكولوجي الذي يختلف من شخص إلى آخر، فهناك الشخصية العصبية والمزاجية والانطوائية وغيرها. ثانيا التركيبة البيولوجية والجينية للشخص، حيث أنجزت مجموعة من الدراسات حول بعض عتاة المجرمين، وهي الدراسات التي أثبتت أن هناك من يكون له استعداد فطري للعنف نتيجة تركيبته الجينية المختلفة، وهو أمر معروف ويتم تدريسه في إطار علم الإجرام. العامل الثالث يتعلق بالتفاعل مع المحيط الخارجي بجميع مكوناته من أسرة، مدرسة، مجتمع، وهو عامل مهم في تطور العدوانية التي نلاحظها حاليا لدى المغاربة بفعل الإيقاع السريع للحياة وتعقدها، وتعدد المتطلبات، الأمر الذي أدى إلى ظهور عدة أعراض منها عدم الاستقرار الأسري وارتفاع نسب الطلاق وانتشار القلق والتوتر. - هل يعاني الإنسان الذي يقدم على سلوك عدواني من مرض نفسي؟ < كما قلت سابقا السلوك العدواني في إطاره العادي يبقى تصرفا طبيعيا، لكن إذا تجاوز حدوده وأصبح سلوك الفرد غير متناسب مع طبيعة الموقف الذي يواجهه فهنا نكون أمام حالة مرضية ينبغي أن تخضع للعلاج. إضافة إلى ذلك توجد عدوانية ذات أصل مرضي مرتبطة بعدد من الأمراض النفسية مثل الذهان. وعموما حين تتحول العدوانية والعنف إلى وسيلة للتحاور فإن الشخص المسالم يضطر بدوره إلى الانخراط، وتبني هذه الطريقة في التواصل، وهذا ما نلاحظه حاليا سواء في الشارع أو أثناء القيادة أو في الإدارات وقاعات الانتظار. - هل هناك أنواع محددة للعدوانية أو العنف؟ < إهمال الأسرة يعتبر نوعا من العنف والعدوانية، إضافة إلى الضغط الذي يمارسه الرئيس أو المدير في العمل، دون الحديث عن العنف الجسدي الذي تحول إلى أداة لحسم النقاش بين عدد من المغاربة، ثم العنف اللفظي الذي تم تبنيه كلغة للحوار والتواصل وتمرير عدد من الخطابات التي تعبر عن توتر وقلق نفسي تتفاوت حدته من شخص إلى آخر. - يلاحظ أن السلوك العدواني لا يوجه في بعض الأحيان إلى الآخر، حيث يحول البعض جسده إلى أداة لتفريغ عدوانيته من خلال إحداث جروح عمدية، أو ما يسمى بظاهرة «التخطاط» بماذا تفسر ذلك؟ < الأمر يرتبط في هذه الحالة بعدوانية مرضية موجهة نحو الذات، وهذا العنف يتضمن أيضا رسالة موجهة إلى الآخر تعبر عن ضيق نفسي. هذا النوع من العدوانية نجده عند من لهم شخصية سيكوباتية ضد المجتمع، حيث يعمدون إلى إحداث جروح بأدوات حادة خاصة في أطرافهم. - كشفت دراسة سابقة أنجزتها وزارة الصحة أن نصف المغاربة يعانون من أمراض نفسية، كيف تنظرون إلى هذه الأرقام وهل تعبر فعلا عن واقع الصحة النفسية للمغاربة؟ < شخصيا لم يفاجئني هذا الرقم رغم أنه أدرج عددا من الحالات، لا تعد مرضا نفسيا مثل التوتر والأرق والقلق الذي أصبح أمرا شائعا في عصرنا الحالي. - هل لانتشار الأمراض النفسية علاقة بارتفاع حدة العدوانية عند المغاربة؟ < بطبيعة الحال هناك علاقة وثيقة، لكن هذا لا ينفي الدور المهم لباقي العوامل التي ذكرتها سابقا. - هل هناك تفاوت بين الرجل والمرأة من حيث السلوك العدواني؟ < الجنس الخشن يكون أكثر استعدادا للعنف بالنظر إلى تكوينه البيولوجي، لكن الواقع الحالي للأسف يثبت ان العدوانية أصبحت مثل وباء أصاب الجميع، الرجال والنساء والأطفال والشيوخ، ففي تناولنا لهذه الظاهرة لا يجب أن نتحدث عن موازين القوى، بل عن ردود الفعل التي أصبحت تتطور في بعض الأحيان إلى حد ارتكاب جرائم خطيرة. - ما هي الحلول التي يمكن أن يلجأ إليها الشخص للسيطرة على سلوكه العدواني؟ < المجتمعات المتقدمة طورت عدة أساليب لمعالجة هذه الظاهرة والسيطرة على القلق وردود الفعل العنيفة، مثل العلاجات السلوكية التي تتم في إطار جلسات مصارحة مكشوفة تحت تأطير أخصائيين، حتى يتمكن الشخص الذي يعاني من سلوك عدواني من سرد تجربته والاستفادة من تجارب الآخرين، قبل تطبيق بعض النصائح التي تمكن من تجنب العنف والسيطرة على الأعصاب عند الإحساس بالتوتر. - هذا في المجتمعات المتقدمة هل هناك حلول في متناول المغاربة؟ < يضحك – قبل أن يضيف ،هناك الرياضة وضرورة التقليل من بعض المواد التي تجعل الفرد عصبيا مثل القهوة والسجائر، وأود هنا أن أضيف أشياء مهمة يتم إغفالها في موضوع العدوانية منها العنف الممارس على النساء في البوادي، والذي يبقى موضوعا مسكوتا عنه رغم أنه يؤدي إلى إنتاج جيل جديد يحمل في نفسيته بذور العنف، لأن الطفل الذي نشأ وهو يشاهد والديه يتصارعان دائما سينقل نفس السلوك ويمارس عدوانيته على أصدقائه ثم زوجته وأطفاله في وقت لاحق. ثم هناك موضوع العدوانية أثناء السياقة والذي لم تبذل اللجنة الوطنية للوقاية من حوادث السير أي مجهود من أجل التحسيس بخطورته.