حصلت «المساء» على معطيات جديدة ترتبط بقرار إبعاد شكيب بنموسى، وزير الداخلية، وخليهن ولد الرشيد، رئيس المجلس الملكي للشؤون الصحراوية المعروف اختصارا ب«الكوركاس» من تشكيلة الوفد المغربي، الذي قاد المفاوضات حول نزاع الصحراء مع البوليساريو بالعاصمة النمساوية فيينا طيلة يومي الإثنين والثلاثاء المنصرمين. وكشف مصدر مطلع في هذا السياق أن قرار إبعاد بنموسى وولد الرشيد من تشكيلة الوفد المغربي اتخذ على مستويات عليا من الحسيمة بعد الانتهاء من الاحتفالات بعيد العرش بتطوان. مصدرنا يؤكد أن اسمي بنموسى وولد الرشيد كانا مدرجين في لائحة الوفد المغربي المفاوض، وتم التأشير النهائي على هذه اللائحة بعد أن رصدت الميزانية الخاصة بمصاريف إقامة الوفد بفيينا قبل أن يفاجأ الجميع ب«أن الطيب الفاسي الفهري سيقود الوفد المغربي إلى النمسا بدون بنموسى وولد الرشيد». وحمل قرار إبعاد بنموسى، الذي ترأس الوفد المغربي أربع جولات في مفاوضات مانهاست الأمريكية، عدة تفسيرات، أولها يرتبط بإلإقالة المفاجئة لواحد من كبار مساعديه ومصدر كل معلوماته في ملف الصحراء. ويتعلق الأمر هنا برشيد الركيبي، مدير العلاقات الخارجية بوزارة الداخلية، الذي كثيرا ما نبه بنموسى في التقارير السرية التي يضعها على مكتبه في ملف الصحراء إلى «أن هناك محاولات في غاية الحساسية من طرف البوليساريو تدفع في اتجاه عودة مكثفة لصحروايين من تندوف إلى المغرب من أجل الاستفادة من مشروع الحكم الذاتي بأراضي النزاع، لأن هذا المشروع، في نظر البوليساريو، هو انتصار لإرادة الصحراويين». لكن المثير في هذه القضية أن بنموسى كان يعيد صياغة تقارير الركيبي وفق رؤيته الخاصة قبل رفعها إلى الجهات العليا، اعتقادا منه «أن هذه التقارير فيها مبالغة وتهويل للأمور»، ونسي بنموسى أن هناك مصالح أمنية أخرى، وعلى رأسها مديرية «لادجيد»، ترفع تقارير دقيقة في نفس الملف. ويرتبط ثاني تفسيرات قرار إبعاد بنموسى من وفد المفاوضات مع البوليساريو بتوتر علاقته مع فؤاد عالي الهمة منذ بضعة أشهر على خلفية الانتخابات الجماعية الأخيرة، ذلك أن الهمة يتهم بنموسى بالتواطؤ مع مجموعة من الولاة والعمال (منير الشرايبي، محمد الإبراهيمي، محمد حصاد، محمد غرابي) الذين يعتبرهم مؤسس الأصالة والمعاصرة مسؤولين مباشرين عن نكسة حزبه في بعض المدن المغربية خلال هذه المحطة الانتخابية. فالهمة، حسب مصدرنا، أصبح يرى أن منصب وزير الداخلية، هو أكبر من حجم بنموسى، رغم أن الأول هو من اقترح الثاني لشغل هذا المنصب. ثالث التفسيرات لإبعاد بنموسى يرتبط برغبة الهمة في الدفع بالكاتب العام للوزارة سعد حصار، المعروف بخلافه مع ولد الرشيد، خاصة أن إسمه أخذ يتردد لخلافة بنموسى، الذي لم تعد له قنوات الوصول إلى تقارير ملف النزاع حول الصحراء بعد رحيل الركيبي. أما خلفية قرار إبعاد خليهن ولد الرشيد، بحسب مصادر مطلعة، فلها علاقة بحجم الانتقادات الموجهة إليه بخصوص الكيفية التي يعرض بها مشروع الحكم الذاتي. خليهن ولد الرشيد متهم ب«أنه يقدم مضامين هذا المشروع، ليس وفق الرؤية المغربية التي تريد، في الأصل، حكما بصلاحيات محدودة وإنما وفق رؤية أخرى تريد حكما ذاتيا بصلاحيات موسعة كما يردد في الإعلام وفي الخطاب الرسمي». وحسب مصادر مطلعة، فإن السلطات المغربية لم تنظر بعين الرضا لما قاله كريستوفر في آخر زيارة له للمغرب عندما وصف ولد الرشيد ب«شخصية من العيار الثقيل»، مقابل تأففه من اللقاءات التي جمعته بالطيب الفاسي الفهري وشكيب بنموسى. فالسلطات المغربية رأت في تصريحات روس، التي تشيد بولد الرشيد «أن المبعوث الأممي حدد هامش حركته في المفاوضات مع البوليساريو حول شخصية ولد الرشيد واعتباره رجل المرحلة القادمة في نزاع الصحراء، خاصة أن الأخير يتمتع بشرعية شعبية بعد أن فشل الهمة في اختراق معقله الانتخابي بالعيون». ولا تستبعد مصادرنا أن يكون قرار إبعاد ولد الرشيد من الوفد المغربي في المفاوضات مع البوليساريو له علاقة أيضا بما يروج في الكواليس من مقولات منسوبة إلى ولد الرشيد في حق الهمة ينتقده فيها خلال جلساته الخاصة.