رغم حصول ترانسبرنسي المغرب من الحكومة على اعتراف بصفة جمعية ذات المنفعة العامة، وصدور ذلك بداية الشهر بعد طول انتظار ومطالبة، ما تزال الجمعية التي رأت النور قبل 12 سنة تبحث عن تمويل دائم يضمن لها وسائل تنفيذ أهدافها المتمثلة في محاربة الرشوة وتثبيت الشفافية والنزاهة في المغرب. فالمرسوم الذي يحمل توقيع الوزير الأول عباس الفاسي صادر في الجريدة الرسمية في 6 يوليوز الجاري، وينص على أن الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة – ترانسبرانسي المغرب جمعية ذات منفعة عامة، ويجوز لها أن تملك من المنقولات والعقارات ما يلزم لبلوغ أهدافها، على ألا تتجاوز قيمة ذلك عشرة ملايين درهم. ولكن هذا الاعتراف لا يعني أن الموارد المالية للجمعية ستزداد بمجرد نيلها صفة المنفعة العامة، فهو لا يعدو أن يكون اعترافا معنويا بمجهودات الجمعية التي تصب في خانة النفع العام، يوضح رئيس الجمعية رشيد الفيلالي مكناسي في تصريح ل «المساء»، إلا أن الأفراد والمؤسسات والشركات التي تمول مشاريع ترانسبرنسي المغرب أو تتبرع لفائدتها بمبلغ مالي تستفيد من إمكانية خصم ما دفعته عند احتساب الضرائب المستحقة عليها. ويضيف الفيلالي أن الجمعية لم تنل من الدولة المغربية أي دعم، رغم أنها تنشط منذ أزيد من عقد في مجال محاربة الفساد والنهوض بمختلف جوانب الشفافية في الشأن العام، مشيرا إلى أن اشتراكات المنخرطين في «ترانسبرنسي المغرب» تكاد تكون المورد المالي الوحيد للجمعية، ولولا التمويل الأجنبي المتمثل في دعم سفارة هولندا في المغرب ومنظمة اليونسكو لما كان بمقدور ترانسبرنسي المغرب تنفيذ عدد من المشاريع والبرامج ومنها مرصد الشفافية ووضع نص قانوني لضمان الحق في الإعلام. وبمناسبة التمويل الأجنبي، كان من المقرر أن يوقف مرصد محاربة الرشوة أو مرصد الشفافية هذه السنة بعدما نفذ الدعم المالي الذي منحته سفارة هولندا في المغرب لمدة سنتين لفائدة هذا المرصد، وهو الذي قام خلال هذه المدة برصد وجمع المعطيات حول ظاهرة الرشوة ومناحي الإخلال بالشفافية والنزاهة في عدد من الملفات الوطنية المطروحة على الرأي العام. وفي العاشر من الشهر الجاري، وقعت ترانسبرنسي المغرب والسفارة الهولندية اتفاقية لتمويل المرصد لسنة ثالثة ولكن بشكل جزئي، حيث يوفر هذا التمويل نسبة 60 في المائة من حاجيات المرصد، وهو ما جعل الجمعية تبحث عن شراكات أخرى مع جهات داخل المغرب لإتمام النسبة المتبقية، والسعي إلى ضمان ديمومة في تمويل أنشطة المرصد بدل الحلول المؤقتة. وكان التقرير الأدبي الذي قدم في آخر جمع عام لترانسبرنسي المغرب في أوائل السنة الجارية قد أشار بوضوح إلى التحديات التي يطرحها غياب موارد مالية قارة وكافية على عمل الجمعية، بحيث ذكر في آخر فقرة منه، والتي تحمل اسم «تحديات دائمة ومتجددة»، أن الصعوبات الكبرى تكتسي طابعا ماليا، ذلك أن جميع موارد الجمعية، تقريبا، تتأتى من المشاريع التي تنفذها في إطار التعاون الدولي، والتي تتميز بكون اتساعها في مجال الموارد البشرية والمادية يكاد يكون شبه منعدم. وربط التقرير بين تقوية قدرات الجمعية وضرورة تنمية مواردها الخاصة وكذا المساعدات التي يمكن تخصيصها لتسييرها.